يواجه بعض الموظفين تحديات تتعلق بالتعب وفقدان التركيز نتيجة الامتناع عن الطعام والشراب طوال اليوم، بينما قد يلاحظ آخرون آثاراً إيجابية مثل زيادة التركيز وتحسين القدرة على تنظيم مهام العمل.

مع حلول شهر رمضان، تقوم العديد من الدول العربية والإسلامية بتقليص ساعات العمل، ما قد يساهم في شعور شائع بين الموظفين بتأجيل المهام إلى ما بعد الإفطار، وأحياناً إلى ما بعد انتهاء هذا الشهر.

وأظهرت العديد من الدراسات تأثير الصوم على الدماغ والنشاط البدني، مما ينعكس مباشرة على أداء الموظفين في العمل. ورغم الفوائد التي تؤكدها الأبحاث العلمية حول دور الصوم في تعزيز التركيز والنشاط، يظل السؤال المهم: هل تنعكس هذه الفوائد فعلاً على أداء الموظفين خلال شهر رمضان؟
الصوم طريقك لزيادة التركيز وتحفيز طاقة دماغك
يعود الشعور بالتعب والإرهاق إلى عدة عوامل جسدية ونفسية تؤثر على الجسم أثناء فترات الصيام، مثل انخفاض مستوى السكر في الدم ونقص السوائل، والتغيرات في الروتين اليومي، مما يتطلب تكيّفاً مع هذه الظروف لتحسين الأداء والتركيز.

أوضحت الدكتورة مي بدر الدين بدر، استشارية أمراض الدماغ والأعصاب، أن للصيام فوائد عظيمة على صحة الدماغ، حيث يساهم في زيادة الطاقة الدماغية، وتعزيز الإدراك، وتحسين التركيز. وذلك عكس الاعتقاد السائد بأن الصيام يؤدي إلى الإرهاق ويقلل من النشاط العقلي.

وفي حديثها لبي بي سي أوضحت بدر الدين أن تأثير الصيام على الدماغ إيجابي للغاية. وأحد أبرز هذه التأثيرات هو أن الصيام يُدخل الدماغ في حالة التغذية “الكيتونية”، حيث يعتمد الدماغ على مادة الكيتون كمصدر للطاقة، مما يعزز التركيز ويحسن الأداء العقلي بشكل كبير.

ويقصد بالتغذية الكيتونية، عملية انتاج الجسم لأحماض – الكيتونات – عندما يستخدم الدهون بدلاً من الكربوهيدرات كمصدر للطاقة، وهذا يحدث بسبب الجوع الناتج عن الصيام، مما يحفز الجسم على إنتاجها داخلياً.
وأشارت بدر الدين إلى أن هذه الحالة تساعد في حماية الدماغ من بعض الأمراض المرتبطة بتدهور الخلايا العصبية مثل مرض الزهايمر. كما أن تقليل السكريات يساهم في تعزيز صحة الدماغ وإطالة عمره. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الصيام على تعزيز عوامل نمو عصبية مثل “عامل نمو الأعصاب”، مما يساعد في تجديد الخلايا العصبية في الدماغ.

ولفتت بدر الدين إلى أن العديد من الباحثين، بما في ذلك غير المسلمين، قد أجروا دراسات على الصيام لمدة 10 إلى 12 ساعة يومياً، وأظهرت هذه الأبحاث تأثيراً إيجابياً على العمر الدماغي، والقدرات العقلية، وقوة الاستيعاب، على عكس الاعتقاد السائد.
ونشرت مجلة “نيورولوجي إنترناشونال” عام 2017 دراسة حول تأثير الصيام في رمضان على مستويات السيروتونين والدوبامين وعوامل النمو العصبي في الدماغ.
“فرصة ذهبية”
بالنسبة لأولئك الذين يعانون من صداع خلال فترة الصيام، فإن السبب يعود إلى أعراض الانسحاب للنيكوتين والكافيين. ولذلك، ينصح الخبراء بتقليل استهلاك هذه المواد تدريجياً قبل رمضان.

تشير النشاش إلى أهمية التحضير لشهر رمضان، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون على النيكوتين والكافيين. وتوصي بتقليل كميات الكافيين تدريجياً قبل أسابيع من بداية رمضان، من خلال تقليل عدد مرات شرب القهوة وتأخيرها، حتى يتأقلم الجسم مع التغيير.

وتعتبر النشاش شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن التدخين، إذ يشكل “الكافيين والنيكوتين نوعاً من الإدمان”، ومن الصعب التوقف عنهما فجأة.

 

نقلاً عن : الوفد