أثارت “الورقة البيضاء” التي قدمتها الحكومة البريطانية مؤخراً بشأن تقييد الهجرة، العديد من التساؤلات حول المقترحات الثمانية التي تحتويها الوثيقة، والتي تهدف إلى فرض قيود صارمة على استقدام العمالة الأجنبية في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تشديد شروط الإقامة الدائمة والحصول على الجنسية البريطانية لمن تمكن من الوصول إلى البلاد.

الجدل ازداد بعد قرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بتأجيل تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالورقة البيضاء إلى أجل غير مسمى، رغم تعهدها بمناقشة جميع المقترحات خلال فترة عمل البرلمان الحالي التي تمتد حتى عام 2029، مع توقع بدء تطبيق بعض البنود قبل نهاية هذا العام.

وأثار الأمر مزيداً من القلق احتمال أن تُطبق هذه المقترحات بأثر رجعي على الوافدين إلى المملكة المتحدة بعد عام 2020، الأمر الذي اعتبره البعض مخالفاً للسلوك المعتاد في تطبيق القوانين الجديدة في بريطانيا.

تشمل المقترحات الثمانية في الوثيقة البيضاء تقليص قائمة الوظائف المسموح باستقدام عمال أجانب للعمل فيها، وإنهاء إعفاءات القطاع الصحي من بعض الشروط، وفرض ضرائب على موارد الجامعات من رسوم الطلبة الأجانب، وتشديد الرقابة على مؤسسات التعليم العالي التي تستقبل الطلبة الأجانب، وتقليص مدة تأشيرات بقاء الخريجين من سنتين إلى 18 شهراً، وزيادة مدة العمل والعيش المطلوبة للحصول على الإقامة الدائمة من 5 إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى رفع مستوى إجادة اللغة الإنجليزية اللازم للحصول على الجنسية.

رغم هذه الإجراءات المشددة، تتضمن الوثيقة بنداً واحداً إيجابياً يتمثل في تسهيل دخول أصحاب المهارات العالية والمواهب النادرة إلى البلاد، إلا أن هذا البند لا يخلو من غموض، إذ لم تُحدد بعد آليات تطبيقه أو من سيشمله.

تسعى الحكومة البريطانية من خلال هذه التعديلات إلى خفض صافي الهجرة السنوية إلى أقل من 300 ألف، وهو الرقم الذي كان سائداً قبل استفتاء “بريكست” عام 2016.

هذا الغموض في الإجراءات المرتقبة أثار الكثير من التساؤلات حول أنواع التأشيرات المتاحة حالياً، ومن بينها تأشيرة الزيارة التي تسمح للمواطنين من عدة دول بالبقاء في المملكة المتحدة لفترة تصل إلى 6 أشهر وفق شروط محددة.

في حديث لـ”اندبندنت عربية”، قال المحامي المتخصص في شؤون الهجرة علي القدومي إن الورقة البيضاء لم تتطرق صراحة إلى تقليص مدة تأشيرة الزيارة أو تحديدها بـ90 يوماً، لكنه أشار إلى وجود عوامل قد تحد من استفادة الزائر من كامل فترة الإقامة، مثل انتهاء صلاحية جواز السفر أو مخالفة شروط النشاطات المسموح بها خلال الزيارة.

ويتيح الموقع الرسمي للحكومة البريطانية حتى 23 مايو 2025 التقدم بطلب تأشيرة زيارة عادية لفترة تصل إلى 6 أشهر، مع إمكانية التمديد في حالات استثنائية مثل العلاج، بشرط تقديم المستندات الداعمة.

يمكن استخدام هذه التأشيرة لأغراض السياحة، زيارة الأسرة، العمل التطوعي لدى منظمات خيرية لمدة تصل إلى 30 يوماً، الترانزيت إلى دولة أخرى، حضور فعاليات مثل مؤتمرات أو اجتماعات، إلقاء محاضرات، المشاركة في برامج تبادل طلابي، الدراسة في برامج قصيرة لا تتجاوز 30 يوماً، أو التقدم لاختبارات مهنية وأكاديمية.

مع ذلك، يحظر على حاملي تأشيرة الزيارة العادية العمل المدفوع داخل بريطانيا، ما عدا في حالات الابتعاث الرسمي من مؤسسات أو شركات. كما يُمنع طلب الدعم المالي من الحكومة، أو الزواج خلال فترة الزيارة، إذ يتطلب ذلك الحصول على تأشيرة خاصة.

تشترط التأشيرة أن يكون لدى المتقدم جواز سفر ساري طوال فترة الإقامة، وأن يثبت نيته المغادرة بعد انتهاء الزيارة، وأن يملك القدرة المالية على تغطية تكاليف الإقامة والسفر، مع التأكيد على عدم رغبة المتقدم في طلب اللجوء أو الاستقرار الدائم عن طريق زيارات متكررة.

أما الوافدون لأغراض العمل أو الدراسة أو العلاج أو التطوع، فهم مطالبون بتقديم مستندات تثبت الغرض من الزيارة، مواعيد العمل أو الدراسة، والجهة التي سيتعاملون معها.

تكلفة تأشيرة الزيارة العادية تبلغ 127 جنيهاً إسترلينياً، أي ما يزيد عن 170 دولاراً أمريكياً.