تحذيرات من خطورة قروض مصرف ليبيا لحكومة طرابلس

نفت وزارة مالية حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا ما يتداول حول عدم وجود تغطية لرواتب الموظفين، مؤكدة أن صرفها يسير بصورة طبيعية ومن دون أية عراقيل وفق مكتبها الإعلامي، في إطار الرد على تصريحات صحافية لمصرف ليبيا المركزي أكد فيها أنه “لم تصل إليه أية إيرادات منذ أشهر عديدة وذلك جلي من خلال تمويل رواتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بقرض من قبل المصرف”.

الإيرادات النفطية

تصريحات مصرف ليبيا المركزي ردت عليها المؤسسة الوطنية للنفط قائلة إنها أحالت إليه 14.3 مليار دولار منذ بداية العام الحالي، مؤكدة، في بيان، أن “آخر مبلغ أحيل إليه (مصرف ليبيا المركزي) الإثنين قيمته 300 مليون دولار”. وأوضحت أنه “على رغم أن بيانات المؤسسة الوطنية للنفط تظهر أن شهر يونيو (حزيران) الماضي كان أقل الأشهر تحصيلاً للإيرادات النفطية بمبلغ 40 مليون دولار فحسب، إلا أنها لم تتأخر يوماً على إحالة الإيرادات النفطية ولم تكن بأية صورة من الصور سبباً أو عائقاً لتسييل رواتب القطاع العام”. وأرجعت المؤسسة الوطنية للنفط سبب تدني إيرادات النفط خلال الفترة الماضية لأزمة البنك المركزي وإقفال النفط، وقبلها توقف إنتاج حقل الشرارة النفطي (جنوب).

وأكد المستشار المالي بوزارة المالية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية عمر بسيسة ما جاء على لسان مصرف ليبيا المركزي، إذ قال إن رواتب شهر أكتوبر الماضي تمت تغطيتها بقرض من مصرف ليبيا المركزي، وتساءل عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك” عن مصير راتب شهر نوفمبر الجاري الذي لم يتحصل عليه الموظفون حتى الآن. 

وعبّر المستشار المالي عن جاهزية وزارة المالية لإحالة الرواتب، مستدركاً أنه “لا بدّ من دعم الحساب وتوافر التغطية التي لا تتوافر عنها أية معلومات في الوقت الحالي”، وتساءل “متى ستحيل المؤسسة الوطنية للنفط قيمة من الإيرادات البترولية للمصرف المركزي لتغطية القرض الممنوح لصرف رواتب أكتوبر ومن بعده تغطية الشهر الجاري والشهر المقبل؟”.

الإنفاق الحكومي

وسبق وحذر محافظ مصرف ليبيا المركزي السابق الصديق الكبير من زيادة الإنفاق الحكومي والذي ناهز خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة 420 مليار دينار ليبي (86 مليار دولار أميركي) مؤكداً أن “معظمها ذهبت لنفقات استهلاكية على حساب الإنفاق التنموي بصورة ولدت ضغوطاً على سعر صرف الدينار الليبي”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار هبوط الدينار الليبي إذ بلغت أمس الثلاثاء قيمته أمام الدولار 4.91 دينار ليبي للدولار الواحد. وشدد المتخصص في الشأن الاقتصادي بجامعة “مصراتة” عبدالحميد الفضيل أن المهمة الأساس لمصرف ليبيا المركزي هي المحافظة على سعر استقرار الصرف، محذراً من التداعيات الاقتصادية على إقراض مصرف ليبيا المركزي للحكومة وآثاره على المواطن الليبي. 

وأكد المتخصص في الشأن الاقتصادي الليبي أن مصرف ليبيا المركزي راسل خلال وقت سابق وزارة المالية لتنبيهها بأن أرصدة حساباتها لا تكفي لتغطية رواتب الشهر الماضي، وهو ما كان واضحاً من خلال البيانات المالية الصادرة من مصرف ليبيا المركزي والتي بينت حجم الإيرادات والمصروفات خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) الماضي حتى نهاية أكتوبر الماضي، إذ بلغ العجز في الترتيبات المالية بعد إضافة رواتب شهر أكتوبر ما قيمته 800 مليون دينار ليبي تقريباً (163 مليون دولار أميركي) وهو العجز الأول من نوعه منذ عام 2021.

الدين العام

وقال الفضيل إنه على إثر ذلك منح مصرف ليبيا المركزي سلفاً موقتة لتغطية هذا العجز، والذي يعزى سببه الرئيس لإغلاق بعض الحقول والموانئ النفطية خلال الأشهر القليلة الماضية، وهي إغلاقات نفطية امتدت من آخر أغسطس (آب) الماضي حتى بداية أكتوبر الماضي، ونتج منها تسجيل خسائر قدرت بأكثر من 15 مليار دينار ليبي (ثلاثة مليارات دولار أميركي) أي ما يعادل تغطية ثلاثة أشهر لبند الرواتب.

ونوه الفضيل بأن هذه السلف ستتواصل وستفاقم مشكلة الدين العام المحلي التراكمي الذي بلغ خلال وقت سابق ما قيمته 154 مليار دينار تقريباً (31 مليار دولار أميركي)، مما يؤشر إلى إمكانية تكرار هذا العجز في الترتيبات المالية خلال شهري نوفمبر الجاري وديسمبر (كانون الأول) المقبل، مما يشير إلى تسجيل عجز في الترتيبات المالية لعام 2024.

وقال إنه في ظل وجود عجز في استخدامات النقد الأجنبي، كما جاء في تقرير مصرف ليبيا المركزي للفترة نفسها (من يناير إلى أكتوبر) والذي بلغ 3.8 مليار دولار (7.88 مليون دولار أميركي) يمكن القول إن العام الحالي من الممكن أن يسجل عجزاً ثنائياً متمثلاً في الترتيبات المالية وميزان المدفوعات، مما سيترتب عليه صعوبة في تعزيز قيمة الدينار الليبي أمام بقية العملات الأجنبية الأخرى، وسينعكس سلباً على الدخول الحقيقة للأفراد (القوة الشرائية).

إغلاقات نفطية

ونوه بأن الأزمة المالية سببها الأساس التوسع في الإنفاق الحكومي، موضحاً أن “باب التنمية هو عبارة عن نفقات سجلت في الموازنة الماضية (2023) لكنها تنفق الآن، أي إنها عبارة عن نفقات سجلت في الموازنة الماضية وهي موجودة في تقارير مصرف ليبيا المركزي وتبلغ نحو 10 مليارات دينار ليبي (مليارا دولار أميركي) لكنها لم تدخل في إنفاق العام الحالي. ونوه بأن الموازنات الاستثنائية للمؤسسة الوطنية للنفط والتي بلغت العام الحالي سبعة مليارات دينار ليبي (1.43 مليار دولار)، إضافة إلى موضوع مقايضة النفط بالمحروقات الذي أدى إلى بدوره إلى تضخيم جحم واردات المحروقات وهو المتسبب الأساس في تقليص حجم الإيرادات مقابل زيادة حجم النفقات.

وشهدت ليبيا إغلاقات نفطية خلال العام الحالي امتدت من الـ26 أغسطس إلى الثالث من أكتوبر الماضيين، وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط أنها تسببت في فقدان البلاد 63 في المئة من الإنتاج الكلي للنفط بكلفة ناهزت 15 مليار دينار ليبي (ثلاثة مليارات دولار أميركي)، إذ شكل النفط نحو 94 في المئة من عائدات ليبيا من النقد الأجنبي و60 في المئة من العائدات الحكومية و30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

نقلاً عن : اندبندنت عربية