في وقت نسعى فيه لفهم أبنائنا وضمان سعادتهم، تظهر ألعاب مثل “لعبة التربية السيئة”، التي تحمل تأثيرات سلبية خطيرة على الأطفال، وخاصة جيل “Z” وجيل “ألفا”. رغم تصميمها البسيط الذي يتسم بالأجواء المظلمة والألوان الباهتة، تركز اللعبة على قصص مليئة بالعنف الأسري والإهمال، ما يرسخ في أذهان الأطفال صورًا سلبية عن العلاقة الأسرية.

تدور أحداث اللعبة حول طفل يُدعى “سيد الوجه الأحمر”، الذي يعاني من بيئة مأساوية تضم أبًا عنيفًا مدمنا للكحول وأمًا غائبة بسبب انشغالها بتوفير احتياجات الأسرة. مع تصاعد الأحداث، تكشف القصة عن تفاصيل مأساوية، منها أن الأب قتل ابنه أثناء نوبة من الإدمان. هذه القصة ليست مجرد خيال، بل رسالة سوداوية تثير القلق بشأن تأثير مثل هذه الألعاب على عقول الأطفال.

خطورة لعبة التربية السيئة

أوضحت الدكتورة علياء ممدوح، أخصائية الصحة النفسية وخبيرة المهارات الحياتية، أن اللعبة تقدم صورة قاتمة عن الآباء، مما يعزز انعدام الثقة ويزيد من الفجوة بين الأجيال. بدلاً من تقديم حلول إيجابية، تبرز اللعبة الجوانب السلبية فقط، مما قد يدفع الأطفال إلى تكوين تصورات خاطئة عن العلاقات الأسرية.

وحذرت الدكتورة علياء من أن اللعبة قد تشجع الأطفال على التمرد أو الانطواء، مما يزيد من تفاقم المشاكل النفسية بدلاً من حلها. وطالبت بضرورة مراقبة الألعاب التي يلعبها الأطفال وتوجيههم نحو محتوى يعزز القيم الإيجابية.

تأثير الألعاب الإلكترونية على الصحة النفسية

من جانبها، وصفت الدكتورة سلمى أبو اليزيد، استشارية الصحة النفسية، تأثير الألعاب مثل “التربية السيئة” بأنه سيف ذو حدين. على الرغم من أنها قد تساعد الأطفال على تنمية الخيال والإبداع، إلا أنها قد تخلق شعورًا بالعزلة وتعزز سمات التوحد والخوف الاجتماعي بسبب نقص التفاعل الواقعي.

وأضافت سلمى أن هذه الألعاب قد تمنح الأطفال إحساسًا وهميًا بالنضج الفكري، لكنها تتركهم في حالة من العزلة النفسية بسبب غياب الترابط الأسري الحقيقي. كما حذرت من أن إدمان الألعاب الإلكترونية، خاصة تلك التي تحتوي على قصص درامية مثل “التربية السيئة”، قد يؤدي إلى “الإدمان السريرى”، حيث يصبح الطفل غير قادر على التحكم في وقت اللعب ويعطيه الأولوية على الأنشطة الأخرى، مما يؤثر سلبًا على صحته العقلية والنفسية.

علاج إدمان الألعاب الإلكترونية

أوضحت الدكتورة سلمى أن معالجة إدمان الألعاب الإلكترونية تتطلب خطوات جادة على مستوى الأسرة، حيث يجب الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة ليشعر الطفل بالاندماج ويشجع على تغيير سلوكه. وأكدت على أهمية الأبوة والأمومة الإيجابية، حيث يجب أن يكون الأب قدوة في حياة الطفل. وعندما يشارك الأب طفله في تفاصيل حياته اليومية، يشعر الطفل بأهمية وجود الأسرة ودورها في حياته.

وفي حال غياب أحد الأبوين، يصبح العبء أكبر على الطرف الموجود. ولكن يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال توفير أنشطة جماعية للطفل، مثل ممارسة الهوايات في المدرسة أو النادي، مما يعزز تفاعله الاجتماعي ويقلل من اعتماده على الألعاب الإلكترونية. كما شددت على أهمية الاستعانة بمختص نفسي لتحديد الطريقة المثلى لعلاج الطفل، وفقًا لحالته الفردية.

أصل اللعبة

وفيما يخص أصل لعبة “التربية السيئة”، أشار المهندس محمد مغربي، خبير التكنولوجيا واستشاري التأمين والذكاء الاصطناعي، إلى أن اللعبة ظهرت لأول مرة في عام 2024 وتم تطويرها بواسطة فريق فيتنامي. ورغم تصميمها التقني البسيط، فإنها حققت انتشارًا واسعًا في آسيا وشرقها. وأوضح أن اللعبة، على الرغم من بساطتها التقنية وعدم حاجتها للاتصال بالإنترنت أو قاعدة بيانات معقدة، جذبت شريحة واسعة من جيل الأندر إيدج بسبب عناصرها الدرامية والغموض الذي تقدمه، مما يجعلها مؤشرًا على اهتمامات هذا الجيل.