كشف بحث طبي جديد استمر لأكثر من عقدين عن ارتباط مقلق بين الإصابة بعدوى شائعة تعرف بـ”الهربس” وزيادة احتمالية الإصابة بالخرف المبكر بنسبة قد تصل إلى سبعة أضعاف، خاصة لدى البالغين في الفئة العمرية بين 50 و65 عامًا. ووفقًا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أظهرت نتائج الدراسة أن هذه العدوى، التي يصاب بها واحد من كل ثلاثة بالغين في مرحلة ما من حياتهم، قد تكون أكثر خطرًا مما كان يُعتقد سابقًا.

الفيروس الكامن الذي يعود للظهور

عادة ما يظهر الهربس النطاقي، الذي ينتج عن إعادة تنشيط فيروس جدري الماء، على شكل طفح جلدي مؤلم على جانب واحد من الجسم أو الوجه. ويظل هذا الفيروس كامناً في الجسم منذ الطفولة، وعادةً ما يعود للظهور عندما يضعف جهاز المناعة، مسببا مضاعفات تتراوح بين ألم موضعي شديد إلى التهابات في الدماغ. وعلى الرغم من أن معظم الحالات تشفى في غضون أسابيع قليلة، إلا أن الدراسة الأخيرة تركز على تأثيراته المحتملة والمخفية على صحة الدماغ على المدى الطويل.

دعوات لتوسيع نطاق التطعيم

حتى الآن، يُعطى لقاح الهربس النطاقي فقط للفئات العمرية بين 65 و79 عامًا في المملكة المتحدة. ومع ذلك، أثارت نتائج هذه الدراسة مطالبات بتوسيع نطاق التطعيم ليشمل فئات أصغر سنًا. وقام الباحثون بمتابعة أكثر من 132 ألف شخص، من بينهم أكثر من 12 ألف شخص دخلوا المستشفى بسبب الإصابة بالهربس النطاقي. وأظهرت النتائج أن خطر الإصابة بالخرف كان أعلى بشكل ملحوظ لدى هذه الفئة مقارنة بمن لم يصابوا بالعدوى أو من أصيبوا بأنواع أخرى من العدوى.

أمل في اللقاح… وسؤال لا يزال بلا إجابة

تجري العديد من شركات الأدوية، مثل GSK، تجارب لاختبار فاعلية لقاح Shingrix في تقليل خطر الإصابة بالخرف. وتشير النتائج الأولية إلى إمكانية تقليل الخطر بنسبة تصل إلى 27%، مما قد يُحدث طفرة في الوقاية من أحد أكثر الأمراض شيوعًا وتدميرًا في العالم.

ورغم هذه الآمال، لا يزال الباحثون في مرحلة فهم العلاقة السببية المحتملة بين الفيروسات العصبية، مثل الهربس، وظهور الخرف. يظل السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الفيروسات تساهم بشكل مباشر في تلف الدماغ، أم أنها مجرد محفزات غير مباشرة.

ورغم أن الطريق طويل لفهم كيفية تأثير العدوى على الدماغ بشكل كامل، فإن نتائج الدراسة الحديثة تعد بمثابة جرس إنذار يدفعنا لإعادة النظر في استراتيجيات الوقاية، وتوسيع نطاق الحماية ضد الفيروسات التي قد لا تكون بريئة كما تبدو.