كما لو أن اليوان (العملة الصينية المحلية) لم يكن بالفعل تحت الضغط بسبب الاقتصاد الصيني الضعيف في ظل صعود الدولار، مع احتمال فرض تعريفات جمركية أميركية أعلى، إذ تواجه العملة تدفقاً إضافياً من الضغوط، أي تدفق من الأموال التي تبحث عن فرص استثمارية في الخارج.
وخلال العام الماضي، أرسلت البنوك المحلية في الصين صافي 1.33 تريليون يوان (182 مليار دولار) من الأموال إلى الخارج نيابة عن عملائها للاستثمار، وهو رقم قياسي وفقاً لحسابات “بلومبيرغ”.
ويشمل هذا المجموع الاستثمار الأجنبي في البلاد، إضافة إلى مشتريات الأوراق المالية الأجنبية من قبل المستثمرين المحليين.
وتتعرض حسابات رأس المال في البلاد لضغوط نتيجة لانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلاد، ورغبة الشركات المحلية في التوسع خارج البلاد، وهجرة الأموال من الأسهم المحلية، وقد أدى تجمع هذه العوامل إلى زيادة الطلب على الدولار، وارتفاع التدفقات الخارجة، وزيادة تقلبات اليوان.
وسجل حساب رأس المال في الصين، الذي يتتبع تدفقات رأس المال الداخلة والخارجة من البلاد، تدفقاً قياسياً للأموال خلال العام الماضي، إذ سعى المستثمرون إلى البحث عن عوائد أفضل في الخارج.
ونتيجة لذلك، تجاوزت المدفوعات التي قامت بها البنوك نيابة عن عملائها للمعاملات المالية ورأس المال تلك الخاصة بالحساب الجاري، الذي يتعلق أساساً بالتجارة، وفقاً للبيانات الرسمية.
زيادة المخاوف
وهذا أمر غير مسبوق، فمن المرجح أن يؤدي استمرار هذا الاختلال إلى زيادة المخاوف من تسرب رأس المال بصورة كبيرة، مما يضعف قدرة بكين على إدارة اليوان ويزيد من احتمالية فرض إجراءات تنظيمية صارمة.
في الأثناء، قال استراتيجي السيادة الآسيوية في شركة “روبكو سنغافورة” فيليب ماكنيكولاس إلى “بلومبيرغ”، إن “تدفقات رأس المال في الصين زادت بصورة كبيرة، مما يشير إلى ميول نحو انخفاض قيمة العملة أو ’إذا بقيت العملة كما هي‘ إلى استنزاف الاحتياطات”.
وأضاف أن التحدي الذي يواجه بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) أن النمو الضعيف يجعل من الصعب جذب التدفقات الاستثمارية الحساسة للنمو، وأن الأخطار المتعلقة بجدوى الأعمال الأجنبية في الصين تجعل الشركات متعددة الجنسيات مترددة في زيادة استثماراتها، أو في بعض الحالات مغادرة أو بيع استثماراتها هناك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أن اليوان الصيني انخفض بنحو 2.8 في المئة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، متتبعاً خسائر جميع نظرائه داخل آسيا، بعدما ارتفع الدولار عقب فوز ترمب في الانتخابات خلال الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وانخفضت عملة الصين الشهر الجاري إلى أضعف مستوى لها منذ سبتمبر (أيلول) 2023.
في الوقت نفسه، بدأ الدعم الذي يقدمه الفائض التجاري للبلاد على مدار أعوام (وصل إلى رقم قياسي بلغ 992 مليار دولار العام الماضي) في التراجع تدريجاً، وفضل المصدرون الاحتفاظ بعائداتهم بالدولار نظراً إلى العائد المرتفع للأصول الأميركية مقارنة بتلك الصينية.
الرقابة المحكمة لمنع تدهور اليوان
وكان أحد البنود الرئيسة على جدول أعمال بنك الشعب الصيني خلال العام الماضي هو منع تدهور اليوان من التحول إلى انهيار شامل، إذ أصدر البنك خلال الأسابيع الأخيرة عدة تحذيرات ضد السلوكات التي يعدها مدمرة للأسواق، وسعى إلى الحفاظ على قبضته المُحكمة على العملة من خلال سعر المرجعية اليومي للتداول المحلي، واتخذت السلطات إجراءات لامتصاص السيولة في الأسواق الخارجية من خلال التعهد بإصدار أكبر قدر من السندات في هونغ كونغ.
وقال كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا في “بي بي ري أي” هونغ كونغ لي شيا إن “التأثير المتزايد لتدفقات الحساب الرأسمالي في اليوان من المحتمل أن يعقد جهود بنك الشعب الصيني لدعم العملة”.
وأضاف “نظراً إلى الضغط الحالي على اليوان، قد يكون من الأرجح أن تكون إدارة تدفقات الحساب الرأسمالي أكثر صرامة هذا العام، وهذا شيء معقول بالنظر إلى الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار المالي”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية