مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة وتوجهات سياساته المثيرة للجدل، تشير تقارير عالمية إلى أنه من المتوقع أن تشهد السياسات الصحية الأمريكية تغييرات جذرية داخليًا وخارجيًا، وقد تشمل الخروج من منظمة الصحة العالمية وتقليص برامج التأمين الصحي العام.

موقف ترامب من منظمة الصحة العالمية 

ووفقًا لصحيفة «الجارديان»، فإن منذ بداية حملته الانتخابية، كان دونالد ترامب ناقدًا حادًا لمنظمة الصحة العالمية، حيث أعرب عن رفضه لها، وذلك منذ ولايته الأولي، إذ أعلن نواياه في خروج الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وإعادة توجيه الأموال المخصصة لها إلى مكان آخر، وذلك في أواخر مايو عام 2020 أثناء جائحة كورونا، متهماً المنظمة بأنها خاضعة لسيطرة الصين.

وبحسب الصحيفة فإن ترامب عارض العديد من الاتفاقات الدولية المتعلقة بالصحة العامة، مثل معاهدة الوباء التي تهدف إلى تحسين الاستجابة للأوبئة العالمية، حيث يرى أن هذه المعاهدات تضر بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة، وأن إدارته تتبع سياسة «أمريكا أولًا»، ما يعني تقليص التزام الولايات المتحدة بالاتفاقات متعددة الأطراف التي قد تتعارض مع أولوياتها.

تأثيرات الانسحاب الأمريكي وصعود قوى أخري

تعد الولايات المتحدة من أكبر الممولين للمنظمات الصحية الدولية مثل منظمة الصحة العالمية والصندوق العالمي لمكافحة الأوبئة، ومع تقلص دعمها لهذه المنظمات، ستظهر فجوة مالية كبيرة، ورغم إمكانية تدخل دول مثل ألمانيا والمملكة المتحدة أو منظمات مثل مؤسسة بيل وميليندا جيتس لتوفير تمويل بديل، فإن التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية قد تصبح أصعب، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

ومع انسحاب الولايات المتحدة المحتمل من العديد من المبادرات الصحية العالمية، ووفقًا للصحيفة، أصبحت الصين لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال، حيث تركز على تعزيز مكانتها من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية الصحية وتدريب المتخصصين في الرعاية الصحية.

ومن المتوقع أن تزيد الصين من دعمها لمنظمة الصحة العالمية وبعض الصناديق الصحية العالمية، مع التركيز على المناطق التي تعتبرها استراتيجية، خاصةً في الدول النامية.

موقف ترامب ومرشحه لوزارة الصحة من اللقاحات

ومن ناحية أخري، أثار ترامب القلق باختياره شخصيات في إدارته الثانية تشكك في لقاحات الفيروسات، وكان أبرزهم روبرت كينيدي جونيور، المرشح لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، حيث صرح سابقًا بأن لقاح كورونا هو «أكثر اللقاحات دموية على الإطلاق»، كما كرر مزاعم غير مثبتة حول اللقاحات وربطها بالتوحد لدي الأطفال، مما يثير المخاوف من تأثير مواقفه على السياسة الصحية في البلاد، وفقًا لشبكة «CNN».

كما أوضح ترامب خلال حملاته الانتخابية إنه يفكر في إمكانية حظر بعض اللقاحات بعد فوزه في الانتخابات، قائلًا: «سأتخذ قرار»، مضيفًا: «سأتحدث إلى كينيدي..إنه رجل موهوب وآراءه قوية».

ما قد يعرض قدرة الولايات المتحدة على مواجهة الأوبئة المستقبلية للخطر، حيث يخشى الخبراء أن يؤدي التشكيك في فعالية اللقاحات إلى تراجع معدلات التطعيم وظهور أوبئة جديدة.

تداعيات سياسات ترامب الصحية

وعلى الصعيد الداخلي، ووفقًا لتقرير «The Conversation»، من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة تغييرات كبيرة في سياساتها الصحية، فقد يتم إلغاء العديد من البرامج التي أطلاقتها إدارة بايدن، مثل «Cancer Moonshot»، التي تهدف إلى تسريع الأبحاث في مجال السرطان.

 وذلك بجانب سياسة ترامب المؤيدة للأعمال التجارية التي قد تؤدي إلى تخفيف القيود على شركات الأدوية، ما يعني أن إدارة الأغذية والعقاقير ستواصل تخفيف المعايير المطلوبة للحصول على ترخيص سوق الأدوية الجديدة.

ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن ترامب سيسعى لإلغاء «قانون الرعاية بأسعار معقولة» بالكامل كما فعل في فترته الرئاسية السابقة، بجانب برنامج «Medicaid» الذي يوفر التغطية الصحية للمواطنين ذوي الدخل المنخفض، وسيسعى لتقليص التمويل المخصص للتسجيل في الخطط التأمينية، ما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف التأمين للمستهلكين، ويزيد عدد الأفراد غير المؤمن عليهم.

وتدفع سياسات ترامب نحو تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الرعاية الصحية، مما يقلل من إمكانية توفير تغطية صحية شاملة، وهذا التوجه قد يجعل الوصول إلى الرعاية الصحية أكثر صعوبة بالنسبة للشرائح الفقيرة في العديد من البلدان، ويزيد من التحديات أمام الأنظمة الصحية المحلية.



نقلاً عن : الوطن