ترحيل المهاجرين يهدد أميركا بتضخم أعلى بـ3.5 نقطة مئوية بحلول 2026

تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اعتماد سياسة متشددة على صعيد الهجرة وعمليات ترحيل جماعية موضع جدل غير أن المحللين يحذرون من أن نهجاً كهذا قد يلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد، لا سيما في قطاعات تعول بصورة كثيفة على العمال الأجانب.

ومن القطاعات التي قد تكون الأكثر تضرراً من هذه الإجراءات قطاعاً الزراعة والبناء اللذان يوظفان آلاف المهاجرين بما في ذلك مهاجرون بطريقة غير نظامية.

وتقدر السلطات الأميركية عدد المهاجرين المقيمين بصورة غير نظامية في الولايات المتحدة بـ11 مليون شخص، قدموا بغالبيتهم الكبرى من المكسيك، وكان نحو 8.3 مليون منهم يعملون خلال عام 2022، بحسب أرقام مركز “بيو للأبحاث”، أي ما يوازي خمسة في المئة من القوة العاملة، لكن المجلس الأميركي للهجرة يؤكد أن عدد المهاجرين العاملين أكبر بكثير في بعض القطاعات الأساس، وأوردت المنظمة في تقرير أصدرته قبل فترة قصيرة أن “قطاعي البناء أو الزراعة سيخسران عاملاً من كل ثمانية عمال، وقطاع الضيافة سيخسر عاملاً من كل 14، حال طرد العمال في وضع غير نظامي من البلاد”.

وسيكون وقع هذه السياسة أكبر في بعض المهن المحددة، إذ سيطاول على سبيل المثال “ما يزيد على 30 في المئة” من الدهانين و25 في المئة من عمال التنظيف.

تراجع في الاستهلاك

وقدر تقرير مشترك لمعهد “بروكينغز” والمعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة وطأة سياسة ترمب في حال نفذ وعيده بترحيل المهاجرين بـ0.4 نقطة مئوية من النمو عام 2025، وسينعكس الأمر في المقام الأول على الإنتاج مع تراجع عدد الموظفين العاملين، وسيتسبب في تراجع في الاستهلاك مع غياب إنفاق هذه الفئات الديموغرافية.

وأوضح التقرير أنه في ظل سيناريو كهذا “ستكون الهجرة النظامية أدنى بقليل مما كانت عليه في ولاية ترمب الأولى ما قبل وباء كوفيد، فيما جهود الترحيل تصل إلى مستويات غير مسبوقة في العقود الأخيرة”.

وبحسب التوقعات فقد يطرد 3.2 مليون شخص من الولايات المتحدة بحلول نهاية ولاية ترمب الثانية مع تراجع عدد المهاجرين الموجودين في الولايات المتحدة من 3.3 مليون عام 2024 إلى -740 ألفاً (سلبي) عام 2025 تحت تأثير الرحيل الطوعي، وفي حال تحقق السيناريو الأكثر تطرفاً لعمليات الترحيل، والذي يستبعده المحللون، فإن التأثير في النمو قد يكون أكبر من ذلك.

ووضع معهد “بيترسون” في تقرير أصدره أخيراً نموذجاً لوطأة ترحيل جميع المهاجرين غير النظاميين الـ8.3 مليون العاملين في الولايات المتحدة، فقدر أن النمو بحلول 2028 قد يكون أدنى بـ7.4 في المئة من المستوى المتوقع في ظروف عادية، مما يعني أن النمو الاقتصادي سيكون معدوماً على مدى ولاية ترمب الثانية.

ومن عواقب هذه السياسة أيضاً أن التضخم سيكون أعلى بـ3.5 نقطة مئوية بحلول عام 2026، فيما سيعمد أصحاب العمل إلى زيادة الأجور لاجتذاب عمال أميركيين، لكن حتى في ظل سيناريو أقل تطرفاً، فإن عمليات الترحيل المكثفة ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في رأي محللين.

ارتفاع حاد في الأسعار

وقال مدير الدراسات الاقتصادية في المعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة مايكل ستراين رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، “أظن أن خطط الرئيس المنتخب في شأن الهجرة قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار في بعض القطاعات الاقتصادية، مما قد يؤدي إلى تسجيل تضخم”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن الاقتصاديين في معهد “بانتيون للاقتصاد الكلي” قدروا قبل فترة قصيرة في مذكرة أن التأثير في التضخم سيكون طفيفاً، “مع ضغط تصاعدي في بعض القطاعات، يعدله تراجع الطلب في قطاعات أخرى مثل السكن”.

بصورة إجمالية يرى المحللون أن الصعوبات القانونية والمالية واللوجيستية ستمنع ترمب من تنفيذ أقصى مقترحاته، مثلما حصل في ولايته الأولى، وستقتصر النتيجة النهائية على مجرد تباطؤ في الهجرة العام المقبل، بالمقارنة مع ولايته السابقة.

وقال محللو الاقتصاد في “غولدمان ساكس” في مذكرة، “نتوقع أن تؤدي سياسة أكثر تشدداً إلى خفض صافي الهجرة إلى 750 ألف شخص في السنة، مما يعد أدنى بصورة طفيفة عن معدل ما قبل (كوفيد) البالغ مليون شخص في السنة”.

وكتب رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في معهد “أكسفورد إيكونوميكس” راين سويت في مذكرة للعملاء، “لدينا شكوك حيال إمكانية تنفيذ نوع عمليات الترحيل التي اقترحت خلال الحملة”، لكن الأستاذة في جامعة كولومبيا إيلورا مخرجي رأت أنه في حال تمكنت إدارة ترمب من رفع العقبات، فإن الوطأة الاقتصادية ستكون هائلة، محذرة من أنه “إذا طبقت هذه السياسات فسيكون لذلك تأثير مدمر في الاقتصاد”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية