مسترخياً على أحد شواطئ فلوريدا ومتنقلاً بين الحفلات الفاخرة ومواظباً على جولات الغولف، يعيش توماس ماندي حياة مترفة بكل المقاييس. لكنه في الواقع لا يعيش حياته الخاصة بل حياة رجل واحد بالتحديد، الرئيس دونالد ترمب الذي يجني المال من تقليده.

يؤكد ماندي أن عمله يزدهر بصورة غير مسبوقة، ويقول لـ”اندبندنت” متحدثاً من على الرمال في مدينة فورت لودرديل على سواحل الأطلسي “كثيراً ما كنت مشغولاً، لكن بعد خسارته في انتخابات عام 2020 غضب الناس بشدة فتضاعف حجم عملي. وحين وجهت إليه التهم، تضاعف عملي أربع مرات… أما الآن فقد أصبح الوضع جنونياً”.

في سن الـ65 لا يعرف ماندي الملل أبداً، فهاتفه لا يتوقف عن الرنين مع سيل من الطلبات لحضور فعاليات مختلفة “بصفته الرئيس”، من المسيرات إلى بطولات الغولف، بل وحتى حفلات أعياد ميلاد الأطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأظهر مقطع فيديو انتشر أخيراً على نطاق واسع شخصاً مجهولاً يقلد ترمب خلال حفل عيد ميلاد صبي صغير، مما أثار ضجة على الإنترنت. وعلق الحساب الذي نشر الفيديو “من المؤكد أنها ليست طائفة متشددة تلك التي تستأجر شخصاً لتقليد ترمب في عيد ميلاد طفل!”

وتوالت التعليقات الساخرة والمدهوشة، فكتب أحدهم “حسناً، لقد استأجروا ’مهرجاً‘… هذا يفسر الأمر”. وأضاف آخر “هذا أغرب شيء رأيته في حياتي”. بينما علق مستخدم ثالث “لا أصدق أن أميركا حقيقية”. وكان تعليق رابع “يا رجل، هذا الأمر بحد ذاته بائس بصورة صادمة!”

لا تؤثر مثل هذه الانتقادات على ماندي الذي يقول بابتسامة ساخرة “أنهيت للتو مكالمة مع امرأة تريدني لحفل عيد ميلاد طفلها الذي يبلغ من العمر خمس سنوات… لكن عروضي عادة ما تكون جريئة بعض الشيء… نحن ما زلنا نتفاوض. وسيقام الحفل في صالة للبولينغ، وحجزوا المكان لساعة واحدة فقط”.

ومع ذلك، يعترف بأن حفلات الأطفال ليست مجاله “المفضل”، قائلاً “لا أشارك في كثير منها… ربما واحدة أو اثنتان في الشهر”. أما بالنسبة لحفلات الكبار، فالأمر مختلف تماماً. فبحسب ما يقول إنه يشارك في ما يصل إلى خمس حفلات في الليلة الواحدة.

ويضيف مازحاً “يريد الجميع احتساء الشراب معي… لو كنت عازباً، لقضيت كل عطلات نهاية الأسبوع في لاس فيغاس!” ويوضح أن العشاء مع زوجته هو من بين اللحظات القليلة التي “يتخلص فيها” من شخصية ترمب.

حتى إجراء بحث سريع على “غوغل” عن “مقلدي ترمب” يكشف عن مجموعة واسعة من المؤدين، بأسعار متفاوتة تبعاً للموقع والجودة. ففي منصة “غيغ سالاد” Gig Salad لحجز العروض، تراوح الأجور ما بين 100 دولار متواضعة و20 ألف دولار مذهلة للمشاركة الواحدة.

أما ماندي المقيم في نيويورك فيقدم أيضاً مقاطع فيديو مخصصة على منصة “كاميو” Cameo بأسعار تبدأ من 30 دولاراً فحسب، لكنه أكثر تحفظاً عند الحديث عن العائدات الإجمالية التي يجنيها من عمله. ويقول ضاحكاً “لا أظن أنه من الحكمة أن أخبرك [كم أجني]… قد نعرض أنفسنا للمشكلات!”

على رغم توافر عدد من مقلدي ترمب الذين يمكن الاستعانة بهم عبر الإنترنت، يعترف ماندي بأنه لا يعرف أياً منهم شخصياً، ويكتفي بمراقبة محتواهم فقط من أجل “الاطلاع على المنافسة”، ومع ذلك لا يشعر بأي قلق مما رآه حتى الآن. ويقول “أعد نفسي الأفضل في العالم”.

وعلى رغم أن الثقة الكبيرة في النفس التي يتحلى بها مقلدو ترمب أمر شائع فإن أسلوب ماندي الحاد في المنافسة لا يتشارك فيه الجميع. ويقول إيدي تايسون وهو مقلد محترف آخر مقيم في مدينة ديوندن في ولاية فلوريدا “لا أعد الآخرين منافسين… أنا أتعايش مع الجميع”.

ويضيف “التجربة برمتها هي مجرد متعة. وأنا أستمتع بما أفعل… لا أحتاج إلى القيام بهذا العمل، لكنني أستمتع به، وعندما يصل الأمر إلى مرحلة أفقد فيها المتعة، فلن أستمر فيه”. ثم يتابع قائلاً “إنه أمر جنوني إلا أنه ممتع، لكن الأهم من ذلك؟ أنني أرد الجميل”.

ومع أن تايسون مثله مثل ماندي يرغب في أن يكون الأفضل إلا أنه لا يملك نفس الروح التنافسية المفرطة، إذ يصف صديقه جون مورغان البالغ من العمر 68 سنة، والذي يعده “أفضل مقلد لجورج بوش الابن”، بأنه انتقل أيضاً إلى مجال تقليد ترمب، إذ يتبادلان النصائح.

مورغان الذي كان يعمل في السابق بائعاً للثلاجات يقوم بتقليد ترمب منذ ستة أعوام، ويعترف بأن تقليد رئيس وهو في منصبه عمل مربح للغاية. ويقدر أنه كسب أكثر من مليون دولار خلال الـ20 عاماً الماضية من تقليد بوش، ويقول إنه استمتع بكل لحظة من هذه التجربة.

يقول مورغان في حديثه مع “اندبندنت”، “أصبحت مدمناً على ذلك… بالطبع عندما أصبح أوباما رئيساً لم أتمكن من تقليده… كان ذلك مخالفاً لقواعد الصواب السياسي، لكنني استمررت في تقليد جورج بوش الابن”. ويضيف أن زوجته تعرضت قبل بضعة أعوام لحادثة صحية خطرة جعلت حالته النفسية تتدهور، مما “أفقده حماسه” لأداء العروض، لكن ترمب أنقذه من تلك المرحلة الصعبة.

ويضيف مورغان “الآن بعد أن عاد إلى المنصب أنا مصمم على بذل كل جهدي في هذا المجال… نيتي أن أكون كريماً ولطيفاً وأساعد الآخرين، لكن في النهاية أريد أن أكون أفضل مقلد في أميركا لجورج بوش الابن وترمب”.

صفة مشتركة أخرى بين جميع المقلدين الجادين لـترمب هي الاحترام الحقيقي الذي يكنونه للرئيس الأميركي، على رغم أن ماندي يعد نفسه “أكثر يمينية من الرئيس”.

حتى تايسون ومورغان اللذان قضيا أعواماً في تقليد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، يصنفان نفسيهما كجمهوريين وداعمين لـترمب.

يقول مورغان “لزمني بعض الوقت لأفهم دونالد ترمب، لكنني أعتقد أن قلبه في المكان الصحيح… أعتقد حقاً أنه يحب هذا البلد ويريد الأفضل لهذا البلد وللعالم كله في الواقع”.

ويضيف تايسون “إنه يعجبني، فهو يعبر عما في قلبه بصراحة ولا يوجد لف ودوران في حديثه”.

بينما قد لا يهادن الرئيس الـ47 للولايات المتحدة في تصريحاته، إلا أن تايسون يدرك ضرورة وجود حدود في العروض التي يؤديها.

ويقول “أنا لا أفعل أي شيء من شأنه إحراجه… إذا خرجت وفعلت شيئاً غبياً وجعلته يبدو كأحمق، فهو يعرف الجميع في مصلحة الضرائب. سيبعث إيلون ماسك لملاحقتك”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية