في أحد المطاعم الصينية في العاصمة البريطانية لندن، أقدمت امرأتان على تناول الطعام مع أولادهما، ثم غادرتا دون دفع الفاتورة. حاول العاملون في المطعم اللحاق بهما لحثهما على تسديد الحساب، لكن من دون جدوى. انتشرت صور الواقعة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع بأم السيدتين إلى زيارة المطعم بعد بضعة أيام لتسوية دين ابنتيها.

ورغم أن الحادثة قد انتهت بالنسبة للمطعم، إلا أن القضية لا تزال تثير الجدل في الشارع، حيث تعتبر الحادثة جزءًا من ظاهرة أوسع تعاني منها صناعة الضيافة في بريطانيا، والتي تُعرف باسم “dine-and-dash” أو “تناول طعامك واهرب”. هذه الظاهرة تسببت في اضطراب حقيقي للمطاعم والبارات في المملكة المتحدة على مدار سنوات.

وقد أظهرت دراسة استقصائية في عام 2018 أن واحدًا من كل 20 زبونًا في بريطانيا يغادر المطعم دون دفع ثمن وجبته. وتشير تقارير إلى أن هذه الظاهرة في تزايد، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في المملكة المتحدة، وفقًا لما ذكرته دونا جونز، مفوضة الشرطة في منطقة “هامبشاير” و”جزيرة وايت”.

يُعتبر “تناول الطعام واهرب” شكلًا من أشكال السرقة التي شهدت زيادة كبيرة في إنجلترا وويلز خلال السنوات العشرين الأخيرة، حسب ما أفادت به مكتب الإحصاءات الوطنية. ومنذ وقت قريب، كانت الحكومة تمنع المحال التجارية والمطاعم من نشر صور “الجناة” أو فضحهم عبر الإعلام.

تؤكد التقارير الصادرة عن هيئة قطاع الضيافة أن ثلث المطاعم في بريطانيا تعاني من هروب الزبائن دون دفع الفاتورة. وبحسب تصريحات كين نيكولز، الرئيسة التنفيذية للهيئة، فإن هذه الجرائم تقلل من هامش ربح القطاع الذي لا يتجاوز غالبًا أربعة في المئة، مما يفاقم الوضع في ظل اضطراب الاقتصاد الوطني وتراجع الأنشطة التجارية في المملكة المتحدة.

وتعترض نيكولز على اعتبار “تناول الطعام واهرب” ظاهرة بسيطة أو مجرد “ترند” على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرة أن ذلك يقلل من حجم المشكلة ويقلل من أهمية معاقبة الجناة. وتشير إلى أن السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة هو غياب الخوف من المحاسبة، ما يجعل الناس يشعرون بأنهم يمكنهم الإفلات من العقاب.

الشرطة البريطانية أكدت أنها ملتزمة بمكافحة هذه الظاهرة كجريمة قانونية، وأشارت إلى ضرورة أن يتقدم أصحاب المطاعم والبارات بالشكوى فور حدوث هذه الجرائم. كما أشادت بفعالية كاميرات المراقبة في تلك المنشآت التجارية في ملاحقة المجرمين واعتقالهم ومحاسبتهم.