ظهرت توترات بين بريطانيا وفرنسا في شأن إمكانية مصادرة أصول روسية مجمدة بقيمة 350 مليار دولار وتقديمها للولايات المتحدة لشراء معدات دفاعية، في خطوة تهدف إلى تعزيز التزام أميركا بالدفاع عن أوروبا.

وتتمسك بريطانيا منذ فترة طويلة باستعدادها لمصادرة هذه الأصول، إلا أن موقفها أصبح أكثر وضوحاً في الأسابيع الأخيرة، إذ حصلت على تأييد رفيع المستوى من وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. وحظي الاقتراح بدعم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.

لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى جانب البنك المركزي الأوروبي وألمانيا، يعارضون هذه الخطوة، بسبب مخاوف من أنها قد تنتهك مبدأ حصانة الأصول السيادية، مما قد يؤدي إلى تأثير رادع على الاستثمارات في منطقة اليورو من دول مثل الصين.

وفي حديثه إلى جانب ترمب الأسبوع الماضي، قال الرئيس الفرنسي، “لدينا أصول روسية مجمدة بقيمة 250 مليار دولار في أوروبا، لكن هذه الأصول ليست ملكاً لنا، ولذلك هي مجمدة. وإذا أجرينا مفاوضات مع روسيا في نهاية المطاف، فقد يكونون مستعدين لمنحها لنا، يا لها من فكرة رائعة”.

الأسلحة الأميركية

وكثيراً ما أصر ماكرون على أن أوروبا يجب أن تنهي اعتمادها على الأسلحة الأميركية للدفاع عن نفسها، ويشعر بالارتياح تجاه تعامل دونالد ترمب مع أوكرانيا، علاوة على أنه متردد في رؤية الأصول الروسية المجمدة تستخدم لتعزيز صناعة الدفاع الأميركية، بدلاً من تعزيز قدرة أوروبا على حماية أوكرانيا.

عندما كان وزيراً للخارجية البريطانية، قال ديفيد كاميرون مراراً إنه يفضل بصورة غريزية الاستيلاء على الأصول، بحجة أنه لا يوجد فرق عملي كبير لأن بريطانيا ملتزمة الفعل عدم إعادة الأصول المجمدة إلى روسيا حتى تدفع موسكو تعويضات الحرب لأوكرانيا.

الأصول الروسية المجمدة أكثر إلحاحاً

وعلمت صحيفة “الغارديان” أن هناك بعض التوتر في شأن مسألة الأصول بين بريطانيا وفرنسا، اللتين تعهدتا قيادة “تحالف الراغبين” للمساعدة في إنهاء القتال في أوكرانيا.

وداخل الاتحاد الأوروبي، كانت جمهورية التشيك وإستونيا وبولندا من أقوى المؤيدين للاستيلاء على الأصول، وليس فقط استخدام الفائدة لتأمين القروض لأوكرانيا.

وأصبحت مسألة الأصول الروسية المجمدة أكثر إلحاحاً مع بحث أوروبا عن وسيلة لمنع ترمب من سحب الدعم الأميركي لأوكرانيا بالكامل. وأكدت كل من بريطانيا وفرنسا أن نوعاً من الضمانات الأمنية الأميركية مطلوب قبل إرسال قوات حفظ السلام إلى أوكرانيا.

ومن المقرر أن يناقش الاتحاد الأوروبي تخفيف القواعد المتعلقة بالإنفاق الدفاعي في قمة هذا الأسبوع.

في حين ينظر إلى اقتراح تخصيص جزء كبير من الأصول الروسية لصناعة الدفاع الأميركية على أنه عرض قد يدفع ترمب إلى تغيير موقفه.

وتنبع الخلافات حول جدوى الاقتراح من الآراء المتباينة في شأن ما إذا كان ترمب سيقبل العرض، وما إذا كان ذلك سيقوض الحاجة إلى بناء صناعة دفاع أوروبية مستقلة عن الولايات المتحدة. ومنذ بداية الحرب شعرت فرنسا بالإحباط لأن دول الاتحاد الأوروبي طلبت 22 في المئة فقط من معداتها العسكرية من أوروبا، بينما جاء الجزء الأكبر منها من الولايات المتحدة.

وركز ماكرون على زيادة الإنفاق الدفاعي داخل الـ”ناتو” إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على أن يأتي التمويل من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الصناديق الأوروبية غير المستخدمة للتنمية الإقليمية، أو من خلال سند دفاع مشترك أو بزيادة الإنفاق الدفاعي الوطني. وفي مقابلة أجريت معه في نهاية الأسبوع مع صحيفة “لو فيغارو”، اعترف ماكرون بأن الأمر قد يستغرق عقداً من الزمن لتصبح أوروبا مكتفية ذاتياً كقوة دفاعية.

من جانبها أكدت بريطانيا التزامها الحفاظ على التحالف عبر الأطلسي من خلال تأكيدها أن اتفاق المعادن الخام المتعثر بين أوكرانيا والولايات المتحدة سيحتاج إلى إحيائه، وعلى الأرجح بشروط تجعل الاتفاق يبدو أكثر فائدة للولايات المتحدة. والهدف من ذلك هو السماح لترمب بالشعور بالرضا عن مواجهته مع زيلينسكي في البيت الأبيض الجمعة.

الأصول الروسية 

وحصل النقاش المستمر منذ ما يقارب عامين في بريطانيا وأوروبا حول قانونية وحكمة الاستيلاء على الأصول الروسية الحكومية على دفعة إضافية الأسبوع الماضي، عندما جادل رئيس الوزراء البريطاني المحافظ السابق ريشي سوناك بأن التحديات القانونية للاستيلاء يمكن التغلب عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكتب ريشي سوناك في مجلة “الإيكونوميست” قائلاً “إن الهجوم الوحشي لروسيا على أوكرانيا قد انتهك بصورة صارخة مبدأ ‘المساواة السيادية’ الذي ينص على أن جميع الدول ملزمة احترام السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول الأخرى، لدرجة يصعب معها رؤية كيف يمكن استخدام هذا المفهوم لمنع الاستيلاء على هذه الأصول”.

وتقدر الأصول الروسية المجمدة بنحو 240 مليار دولار في الاتحاد الأوروبي، وما يصل إلى 28 مليار دولار إلى 30 مليار دولار في بريطانيا، بينما تتوزع بقية الأصول في أماكن أخرى، ليقدر إجمالها بـ350 مليار دولار.

وجادل المستشار السابق للأمن القومي في بريطانيا اللورد ريكيتس بأن بإمكان بريطانيا وفرنسا تجنب التوترات من خلال تسليم الأصول إلى أوكرانيا. وقال إنه إذا اتفقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على جمع صندوق كبير يصل إلى 100 مليار يورو (104.8 مليار دولار) باستخدام الأصول الروسية المجمدة، فسيكون بإمكان أوكرانيا شراء الأسلحة من الموردين الأوروبيين، وكذلك بكميات كبيرة من الولايات المتحدة، مما سيحقق مكسباً مزدوجاً.

نقلاً عن : اندبندنت عربية