تطمح تونس إلى فرض نفسها كقوة إقليمية قادرة على التدريب والتكوين العسكري في وقت تزداد حاجة أفريقيا والمنطقة بأسرها إلى جيوش وقوى أمن احترافية وقادرة على التعامل مع الواقع الأمني المعقد.

وقال وزير الدفاع الوطني خالد السهيلي إن “تونس تتطلع اليوم إلى أن تكون مرجعاً إقليمياً وجهوياً للتكوين والتدريب في أفريقيا بإحداث مركز امتياز للقوات الخاصة”.

تصريحات وزير الدفاع جاءت في وقت قطعت تونس خطوات مهمة نحو تطوير جيشها عبر تسلم طائرات من الولايات المتحدة الأميركية ووسط عمل للحصول على شحنة من صواريخ “جافلين” ذائعة الصيت.

حرفية مهمة

وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من استضافة تونس لمناورات “الأسد الأفريقي” في مركز التدريب العسكري الرئيس في البلاد وهو مركز “بن غيلوف” الذي يبعد نحو 470 كيلومتراً من العاصمة تونس، وشاركت في هذه المناورات 27 دولة وأكثر من ثمانية آلاف جندي.

وأجرى هؤلاء الجنود تمارين بالذخيرة الحية مثل التدريب على استخدام مدافع الهاون مع القوات الأميركية ومنظومة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، وهي الأولى من نوعها في تونس، وهي عبارة عن قاذفة صواريخ متعددة خفيفة مثبتة على شاحنة تحمل ستة صواريخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل أسابيع أيضاً، استضافت تونس التمرين البحري “فينكس إكسبرس 24” وذلك بالتعاون مع القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم”والولايات المتحدة وأوروبا وغيرها.

وقال الباحث الأمني التونسي خليفة الشيباني إن “الجيش التونسي هو من أكثر الجيوش احترافية في أفريقيا وهو أكثرها مشاركة في البعثات الأممية، وحتى تشارك في هذه البعثات يجب أن تكون لديك حرفية، والجيش التونسي شارك في معظم الدول التي فيها إشكاليات مثل الكونغو الديمقراطية ومالي وأفريقيا الوسطى”.وأضاف الشيباني لـ”اندبندنت عربية” أن “الجيش التونسي بكفاءاته قادر على أن يكون وجهة للتدريب العسكري، خصوصاً بالنظر إلى العلاقة الاستراتيجية مع الدول الصديقة والشقيقة والخطوات التي اتخذت من أجل تطوير قدراته”.

وشدد على أن “الجيش التونسي وصل إلى درجة من الحرفية مهمة جداً، ويولي اهتماماً خاصاً للتكوين في جميع الفروع سواء على المستوى العسكري أو اللوجستي ويكفي هنا ذكر كثير من المنشآت التي تحقق نجاحات مهمة مثل المستشفى العسكري الذي يعاضد المجهود المدني في مجال الصحة”. وخلص الشيباني إلى أن “الجيش التونسي معروف باهتمامه بالجانب التكويني في جميع المجالات، لذلك هو مؤهل لأن يصبح وجهة لتكوين وتدريب جيوش أخرى”.

خبرات أمنية

وفي خضم استعداداتها لأن تكون وجهة للتدريب العسكري، قامت تونس بتطوير مركز “بن غيلوف” للتدريب بدعم من الولايات المتحدة الأميركية.

ويضم المركز في حلته الجديدة نحو سبع ثكنات مصممة لإيواء 630 فرداً وصالتي طعام بطاقة استيعابية تصل إلى 430 فرداً.

 

ويُعدّ مركز “بن غيلوف” المنطقة الرئيسة للتمارين العسكرية في تونس، واستضاف تمارين متعددة الجنسيات، وفي فبراير (شباط) الماضي التقى مسؤولون أميركيون وتونسيون في تونس لمراجعة الشراكات الدفاعية والأمنية طويلة الأمد بين البلدين، مثل مكافحة التهديدات الإرهابية ومجالات التعاون في المستقبل.

وقال السفير الأميركي لدى تونس جوي هود إنه “منذ أن أمست الولايات المتحدة دولة مستقلة، تمتعت بصداقة وثيقة وعلاقات دبلوماسية متينة مع تونس، وتتجلى ثمار أكثر من قرنين من التعاون بين البلدين عند النظر إلى شراكاتنا الأمنية العسكرية، إذ نمت نمواً هائلاً في العقد الماضي بينما أمست تونس من أصحاب الخبرات الأمنية التي لا تبخل بها على المنطقة، بما تفعله مثلاً من خلال دعمها لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة”.

إفادة واستفادة

وتأتي هذه التطورات في وقت يرى كثيرون أن تونس تأقلمت بصورة كبيرة مع الأوضاع الإقليمية المعقدة وسط الفوضى الأمنية والسياسية في ليبيا المجاورة والانقلابات العسكرية في الساحل الأفريقي.

وكانت مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي اعتبرت في دراسة أصدرتها أخيراً أن “التهديدات الأمنية على مر السنين أجبرت تونس على زيادة موازنتها العسكرية وتحديث أسلحتها ورفع قدراتها المؤسسية”.

 

وكانت تونس طوّرت علاقاتها الدبلوماسية والعسكرية مع كثير من القوى العالمية على غرار الولايات المتحدة الأميركية، بحيث أصبحت منذ عام 2015 تحظى بصفة الحليف الأساسي لواشنطن من خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وقال العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر إن “تونس قادرة بالفعل أن تكون وجهة للتدريب ويمكنها أن تفيد وتستفيد من ذلك، فالجيش الوطني له خبرة مهمة يمكن أن يوظفها لإفادة جيوش أخرى في أفريقيا والعالم، ويمكن لجيشنا أيضاً أن يستفيد من برامج التدريب العسكري”.

وتابع أنه “في هذا الإطار تقوم تونس بتطوير القدرات التسليحية للجيش من خلال اقتناء أسلحة من دول عدة على غرار الولايات المتحدة الأميركية”. وأكد أن “هناك برامج بالفعل لتطوير القوات المسلحة وخططاً لشراء أسلحة على نحو سنوي واستضافة تدريبات عسكرية من أجل رفع قدرات الجيش الوطني”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية