تخوض هذا الأسبوع أربعة من فرق الدوري الإنجليزي الممتاز مباريات مزدوجة، مما يجعل هذا الأمر سلاحاً ذا حدين، فعلى رغم أن مدربي الأندية المتأهلة لنصف نهائي كأس رابطة الأندية المحترفة “كاراباو” يمرون بمرحلة من الموسم قد لا يكون فيها متسع من الوقت للتنفس، لكن حقيقة أنهم قريبون جداً من نهائي ملعب “ويمبلي” تعني أنهم يشعرون بأنه لا خيار أمامهم سوى بذل قصارى جهدهم أملاً في الفوز بالكأس.

وهذا يعني أنهم يخسرون قليلاً من الوقت على أرض التدريب بعد جدول ديسمبر (كانون الأول) المزدحم، وربما يكون من الأفضل لميكيل أرتيتا وآرني سلوت – على وجه الخصوص – أن تكون لديهما مباريات في كأس الاتحاد الإنجليزي بدلاً من الدوري الإنجليزي الممتاز خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث يمكننا توقع تغييرات في بعض الجوانب.

ويشير ذلك إلى أحد التناقضات العديدة في كرة القدم الحديثة، إذ أصبحت اللعبة منظمة بصورة مثالية، ومع ذلك هناك القليل جداً من الوقت الفعلي في التقويم الذي تسير فرق النخبة عليه.

إنها ديناميكية قد تعني أن كأس “كاراباو” تصبح مرة أخرى سبيلاً لبقاء الأقوى أو ربما الأفضل تدريباً.

عليك فقط أن تنظر إلى أحد الفرق التي خرجت بالفعل في الجولة الأخيرة، فقد كانت الأيام الخمسة الكاملة التي قضاها روبن أموريم مع فريقه مانشستر يونايتد بين الهزيمة بنتيجة (0 – 2) من نيوكاسل يونايتد والتعادل (2 – 2) مع ليفربول هي الأطول منذ توليه منصبه، وقبل ذلك لم يكن أمامه أكثر من ثلاثة أيام بين كل مباراتين، بل وصل الأمر إلى يومين فقط في بعض الأحيان، لذلك فقد ظهر الفارق.

ربما يكون الناديان اللذان تعني لهما كأس “كاراباو” أكثر من غيرهما، وهما نيوكاسل يونايتد وتوتنهام هوتسبير، هما أفضل مثالين لإظهار هذا الفارق فقد تبادلا المواقف والمواسم تقريباً.

في الموسم الماضي، لم يشارك توتنهام في أي بطولة أوروبية، لذا كان لاعبو المدرب أنج بوستيكوغلو أكثر نشاطاً، مما أدى إلى تنشيط الموسم، وعلى النقيض من ذلك، استمتع نيوكاسل بأول مشاركة له في دوري أبطال أوروبا منذ عقدين من الزمان، لكن ذلك جاء على حساب استنزاف قوة فريق المدرب إيدي هاو وتسبب في الإصابات.

الآن لا يشارك نيوكاسل في أي بطولة أوروبية، لذلك يتمتع بكثير من الطاقة ويمر بأفضل فتراته منذ ما يقارب عامين، وهذا ما يجعل المباراة صعبة حقاً على أرسنال، الذي عانى التوتر أمام فريق إيدي هاو، كما يعاني مخاوف الإصابة.

في الوقت نفسه خاض توتنهام عديداً من مباريات الدوري الأوروبي، والتي لعبت دوراً في جعل الفريق يبدو مرهقاً لأسابيع، ويحتاج مدربه بوستيكوغلو بشدة إلى استعادة لياقة لاعبيه البدنية، كما يحتاج أيضاً إلى استعادة بعض المشاعر والرغبة في الفوز.

وهذا يعكس أن الأمر لا يتعلق فقط بالكلفة البدنية التي تبذلها الأندية، إذ يشير القائمون على أرسنال إلى مثال التعادل السلبي الذي حققه الفريق على أرضه أمام إيفرتون في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024، وهو الأداء الممل الذي أدى ربما إلى أكثر المناقشات قلقاً هذا الموسم بين الجماهير، فقد بدا الأمر وكأنهم فقدوا الإبداع والأفكار بينما بدا الأمر أكثر بساطة للمنافس.

لقد دخل أرسنال مباراة السبت الساعة الثالثة مساءً بعدما لعب ضد موناكو في دوري أبطال أوروبا الأربعاء، ولم يحصل على إجازة منتصف الأسبوع منذ أغسطس (آب)، وهذا يعني أن الخميس كان لجلسة التعافي وكان الجمعة هو اليوم الوحيد المتاح للاستعداد لمباراة عطلة نهاية الأسبوع.

وبصرف النظر عن المتطلبات البدنية، فهناك أيضاً الجانب النفسي، فقد أصبحت التكتيكات الحديثة الآن مفصلة للغاية بحيث يتعين على اللاعبين استيعاب كثير من مباراة لأخرى، وكلما قل الوقت المتاح لديك كلما كانت التعليمات الفردية الخاصة بالمباريات أكثر بدائية وسطحية.

وفي مقابل ذلك، وبسبب تأجيل مباراة ديربي “ميرسيسايد” ضد ليفربول، كان لدى إيفرتون 10 أيام كاملة للاستعداد لمباراة أرسنال، وكان الفارق واضحاً تماماً كما حدث مع يونايتد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد أصبح من المنطقي بصورة مفاجئة أن يكافح أرسنال لفتح دفاعات فريق المدرب شون ديتش من دون توافر الأفكار التكتيكية المفصلة والرؤى الخططية الواضحة التي كان من الممكن أن يسمح بها المزيد من الوقت، وفي الوقت نفسه كان إيفرتون على استعداد لإغلاق كل زاوية.

ويظهر التكوين غير المتوقع لجدول الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن أن مثل هذه العوامل أصبحت نوعاً من المساواة بين الأندية، لكن يجب الإشارة دائماً إلى أن التشبع بالمباريات ليس حلاً قابلاً للتطبيق فيما يتعلق بقضية كرة القدم القديمة المتمثلة في التفاوت المالي.

فلا يزال أرسنال وليفربول يتمتعان بقوة أكبر في عمق قائمة اللاعبين، وهذا يجعلهما المرشحين الأبرز في نصف النهائي.

لقد أثبتت المنافسة حتى الآن قيمتها بالنسبة إلى أرتيتا من حيث منح المواهب الشابة فرصاً، بخاصة إذا لم ينفقوا في فترة الانتقالات في يناير، وهو ما يمثل تناقضاً مع مانشستر يونايتد الذي يقوده أموريم، فقد كان لدى أرتيتا معظم هؤلاء اللاعبين لفترة طويلة لدرجة أنهم يمتلكون ذاكرة عضلية تعرف جيداً الخطوط العريضة لأسلوب لعبه، والأمر نفسه كان ينطبق على إيدي هاو حتى الموسم الماضي، بينما من الواضح أن سلوت تأقلم بصورة جيد مع ما كان يفعله ليفربول بالفعل، ويرى بوستيكوغلو أن التحدي الأكبر يكمن في تكييف أسلوب لعبه مع الوقت المتاح للتدريب في الجدول الزمني.

وكما يقول المطلعون من جميع الأندية، فإن الأمر يتعلق بتعويد الفريق على السفر وحياة الفنادق، وهذا له تأثير واضح إذا لم يمر الفريق بهذه التجربة كمجموعة، أو إذا كان لديه لاعبون عديمي الخبرة ممن يحتاجون إلى التعود على الدورات المستمرة من حياة الفنادق والسفر التي لها تأثير حقيقي من حيث الإنتاج البدني.

وفي هذه الحالة أيضاً يمكن أن يبدأ “الحمل البدني” في التأثير في اللاعبين بصورة أكبر، ويرتفع خطر إصابات العضلات وأوتار الركبة.

أولئك الذين ينتقدون بوستيكوغلو بصورة خاصة، يقولون إن تفضيله للتدريب عالي الكثافة في مثل هذه الظروف قد يكون مشكلة فيما يتعلق بأداء توتنهام.

من الطبيعي أن يكون لدى الأندية الأكثر ثراءً أعذار أقل بكثير هنا، وعليهم فقط أن يعتادوا عليها، فهذه هي الأحداث التي تدور يومياً في المستوى الأعلى من كرة القدم، لكن المستوى الأعلى يتعلق أيضاً بالتكتيكات الأكثر تطوراً، وهذا هو السبب في أن معظم المديرين الفنيين سيقدرون الوقت المستقطع منهم، لكنهم أيضاً سيقدرون الكأس المستهدفة بمزيد من التقدير.

نقلاً عن : اندبندنت عربية