رحيل البروفيسور جوزيف ناي عن عمر 88 عاماً يمثل خسارة كبيرة في عالم السياسة الدولية. هو أحد أبرز المفكرين الذين أرسوا مفاهيم جديدة لفهم القوة والعلاقات بين الدول، خاصة من خلال ابتكاره لمفهوم “القوة الناعمة” الذي غيّر نظرة العالم للسياسة الدولية.

نبذة عن ناي ومسيرته

  • حصل على الدكتوراه من هارفارد عام 1964، ودرّس في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، حيث كان عميدها لفترة (1995-2004).
  • شغل مناصب حكومية رفيعة في الولايات المتحدة، منها نائب وزير الخارجية ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني.
  • صنفته مجلة فورين بوليسي كأكثر العلماء تأثيراً في السياسة الخارجية.
  • من أبرز مؤلفاته: “حياة في القرن الأميركي”، “مستقبل القوة”، و”هل انتهى القرن الأميركي”.

رؤيته للنظام الدولي في القرن 21

  • رأى أن النظام الدولي يتغير بسرعة، ولم تعد نظريات توازن القوى التقليدية قادرة على تفسير تحديات العصر، مثل التغير المناخي.
  • اعتبر أن الحلول للتحديات الكبرى تعتمد على التعاون الدولي وليس على القوة العسكرية أو العقوبات فقط.
  • أشار إلى أن النظام الدولي قد يتجه نحو شكل جديد، مختلف عن الصراعات الثنائية التي سادت عبر التاريخ.

مفهوم القوة الناعمة عند ناي

  • القوة الناعمة ليست استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية بالقوة المباشرة، بل هي القدرة على جذب الآخرين عبر القيم، الثقافة، السياسات، والأفكار التي تجعل دولاً أخرى ترغب في اتباع النموذج الأمريكي أو غيره.
  • الولايات المتحدة كانت مثالاً بارزاً للقوة الناعمة من خلال ثقافتها، منتجاتها (كوكاكولا، الفاست فود، الإعلام)، ونظامها السياسي الذي جذب العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
  • القوة الناعمة تجعل القادة والدول يغيرون مواقفهم دون استخدام التهديد أو القوة المباشرة.

أهمية القوة الناعمة اليوم

  • أكد ناي أن القوة الناعمة ليست الحل الوحيد ولكن تجاهلها خطأ استراتيجي، فهي تؤسس لاستقرار العلاقات وتقلل من الصراعات المسلحة.
  • قوة الشرعية الثقافية والسياسية هي التي تعزز قبول النظام الدولي، وتغيير فهم الحرب وشرعيتها عبر الزمن.
  • مثال على القوة الناعمة في القرن 21: محاولة الصين تعزيز نفوذها من خلال “دبلوماسية اللقاحات” رغم تحديات سمعتها بسبب جائحة كوفيد-19.

باختصار، ترك جوزيف ناي إرثاً فكرياً عميقاً حول طبيعة القوة في السياسة الدولية، خاصة أهمية القوة الناعمة في بناء النفوذ الدولي، وهو مفهوم يبقى محورياً في فهم ديناميات السياسة العالمية اليوم وغداً. رحيله يعكس نهاية حقبة من الفكر السياسي، لكنه يفتح الباب لمناقشات جديدة حول كيفية التعامل مع النظام العالمي المتغير سريعاً.