بعد توقيع الاتفاقية التجارية مع المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب خياراً أكبر: احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين.
تبادلت الولايات المتحدة والصين فرض رسوم جمركية مرتفعة للغاية على صادرات كل منهما، حيث بلغت الرسوم الأميركية على الواردات الصينية 145%، وفرضت الصين رسوماً بنسبة 125% على المنتجات الأميركية. لكن الدولتان اتفقتا مؤخراً على وقف مؤقت لهذه الرسوم، مع استمرار بعض الرسوم المفروضة قبل أبريل 2024.
تشير تقديرات شركة “كابيتال إيكونوميكس” إلى أن هذا التراجع يعني خفض الرسوم الأميركية الفعلية على المنتجات الصينية إلى حوالي 40%، في حين تنخفض رسوم الصين على المنتجات الأميركية إلى نحو 25%، مما يعني أن الرسوم الجمركية ما زالت مرتفعة نسبياً.
ويعتمد المستقبل على سير المحادثات التجارية بين البلدين، إذ لا توجد ضمانات بحل النزاع بشكل نهائي، رغم أن الأسواق استقبلت الأنباء بتفاؤل، حيث ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ وأوروبا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط.
هذا التطور يصب في مصلحة ترمب الذي يسعى إلى خفض معدلات الفائدة الأميركية، وهو أمر مفيد للاقتصاد والأسواق، حيث يُتوقع أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة مرتين قبل نهاية العام، رغم أن خفضاً ثالثاً يبدو أقل احتمالاً.
ومع ذلك، من المتوقع أن تظل الرسوم الأميركية على الصين أعلى من تلك التي تفرضها الصين على الولايات المتحدة، تماماً كما هو الحال مع الرسوم الأميركية المفروضة على الصادرات البريطانية رغم الاتفاق التجاري الأخير.
يُنظر إلى هذا التطور على أنه انتصار لترمب، الذي يحاول الحفاظ على نفوذ أميركا الصناعي عبر استمرار فرض رسوم مرتفعة على “البلدان الشريرة”، وعلى رأسها الصين.
لكن الواقع يشير إلى أن سياسة الرسوم الجمركية الأميركية تتسم بالتقلب والعشوائية، كما يتضح من تخفيف الرسوم على بعض القطاعات بعد ضغوط جماعات المصالح، وتعليق وإعادة فرض الرسوم على الشركاء التجاريين المجاورين ككندا والمكسيك.
وفي نهاية فترة التهدئة التي تبلغ 90 يوماً، قد تعود الولايات المتحدة والصين إلى فرض رسوم جمركية متصاعدة تضر بالجانبين، فيما سيظل المستهلك الأميركي يدفع ثمن التضخم الناتج عن هذه الرسوم، بينما يحتاج السوق إلى تعزيز المنافسة لا تقليصها.
لذا، من الحكمة ألا تغتر الأسواق بالتفاؤل الحالي، فالوضع لا يزال غير مستقر، وترمب أثبت سابقاً عدم قابلية توقع قراراته، ولا وجود لخطة واضحة. التجارة العالمية قد تباطأت لكنها قادرة على التعافي والتسارع مجدداً.