ساعات قليلة تفصل لبنان عن جلسة استثنائية لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ دام أكثر من سنتين، ووسط متغيرات جذرية في الداخل كما في الإقليم.

كثيرة هي الأحداث والتطورات التي ستشهدها بيروت لحين بدء الجلسة في تمام الساعة 11 قبل ظهر غد الخميس، بين زيارة موفدين عرب وغربيين للقاء المسؤولين اللبنانيين، إلى جانب مشاورات داخلية بين الكتل النيابية اللبنانية في محاولة لإنهاء الجلسة بانتخاب رئيس وعدم تكريس الفراغ لأسابيع أو أشهر جديدة.

لكن في الوقت عينه تبدو التحديات والعقد كثيرة أمام اختيار الرئيس الـ14 للبنان، خصوصاً لناحية إيصال واحد من المرشحين المرتفعة حظوظهم، وأبرزهم قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لا يزال يواجه انتخابه “عقدة” الـ86 صوتاً الضرورية لتعديل الدستور وانتخابه رئيساً، فيما الأجواء ضبابية لناحية من سيحصد الـ65 صوتاً في الدورات المتتالية، خصوصاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري شدد وأكد أكثر من مرة في الأيام والساعات الماضية أنه لا رفع لجلسة الغد قبل انتخاب رئيس للبلاد.

في الانتظار يعقد في معراب وبحضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لقاء عند الثامنة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي بحضور نواب المعارضة للإعلان عن مرشحهم رسمياً، فيما أكد النائب أيوب حميد بعد اجتماع كتلة التنمية والتحرير، التي يترأسها بري أن لكل أمر مقتضاه، وأضاف “أكدنا ضرورة التوافق في شأن رئاسة الجمهورية وستكون هناك دورات متتالية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وموقفنا موحد مع ’حزب الله’”. 

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدوره بدا أكثر تفاؤلاً، إذا قال خلال إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة”، “اليوم وللمرة الأولى، منذ الفراغ في سدة الرئاسة، أشعر بالسرور لأن، بإذن الله، سيكون لدينا غداً رئيس جديد للجمهورية”.

لكن ما السيناريوهات التي قد تشهدها جلسة الغد، وهل تستمر ساعات طويلة، كما أوحى بري أم تنتهي بفقدان النصاب؟

5 سيناريوهات

في السيناريو الأول، سيحصد جوزيف عون في الدورة الأولى من الجلسة عدداً كبيراً من الأصوات قد يفوق الـ70 صوتاً باعتبار أن كتلة “القوات”، وهي الأكبر في المجلس إلى جانب كتل نيابية أخرى تتوزع بين معارضة ومستقلين وتغييرين وكتل سنية والحزب التقدمي الاشتراكي، ستصوت له، وأعلنت نيتها فعل ذلك، فيما سيرفض “التيار الوطني الحر”، والحزب وحركة “أمل”، إعطاءه أصواتهم، مما يعني حكماً أنه لن يسلك الطريق إلى قصر بعبدا.

السيناريو الثاني، والذي بدأ يخرج إلى العلن قبل ساعات قليلة هو التوجه بأن ينسحب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من السباق معلناً دعمه العماد عون، وقد أكدت مصادر من داخل تيار المردة هذه المعلومات لـ “اندبندنت عربية”، وفي السياق نفسه قالت مصادر مقربة من حركة “أمل” أن خيار دعم قائد الجيش لم يعد مستحيلاً وسط الضغوط الغربية الكبيرة التي توضع على بري. وإن صحت المعلومات من المصدرين فهذا يعني أن قائد الجيش سيحظى بأكثر من 86 صوتاً وسيصبح الرئيس التالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السيناريو الثالث، وبعد إنهاء الدورة الأولى، سيذهب المجلس نحو دورات متتالية، وهنا تشخص الأنظار نحو ما إذا كان سيحصد أي مرشح على 65 صوتاً. تتوالى في الكواليس معلومات بأن اسم جهاد أزعور سيحضر بقوة في هذه الدورات، وسط احتمالية أن تصوت له القوات مرة جديدة بالتوافق مع مجموعة كتل نيابية أخرى، قد يكون من بينها تكتل التيار “الوطني الحر” الذي أعلن على لسان رئيس النائب جبران باسيل أمس الأربعاء، أن أزعور كان مرشحهم التوافقي، ومتمنياً أن يسير به الثنائي الشيعي. وفي حال استطاعت مشاورات الربع الساعة الأخيرة إقناع نواب مستقلين أو من كتل نيابية خارج الثنائي الشيعي بهذا الخيار، فقد يصل أزعور إلى أصوات تتخطى الـ65 صوتاً، من ثم يصبح الرئيس المقبل. علماً أن أزعور كان حصل على 59 صوتاً في آخر جلسة انتخاب حصلت في يونيو (حزيران) 2024 ضمن اتفاق للتصويت له جمع “القوات” و”التيار”.

في هذا السياق كشفت مصادر صحافية أن الساعات الأخيرة بين أطياف المعارضة كانت تركزت في اتجاه تجديد التقاطع على أزعور حتى لا تخسر فرصة هذه الجلسة. 

السيناريو الرابع، الذي يرجح كفته كثر، هو أن تتوالى الدورات المتتالية لساعات طويلة قد تصل إلى الليل، من دون أن يحصد أي مرشح 65 صوتاً، وبعدها يرفع رئيس المجلس الجلسة إلى موعد يحدد لاحقاً. وهنا تميل فرضيات المتابعين إلى أن الجلسة المقبلة ستكون بعد تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيساً أي بعد الـ20 من يناير (كانون الثاني) الجاري.

أما السيناريو الخامس والأخير، فهو ما تحدثت عنه قيادات المعارضة وتحديداً “القوات اللبنانية” عن رئيس “تهريبة” بمعنى تمرير اسم رئيس يدعمه الثنائي الشيعي مع دعم متفرق من كتل أخرى ومستقلين.

الصورة هنا ضبابية جداً إذ من الصعب أن يجمع الثنائي الشيعي حتى وإن تقاطع على اسم مرشح مع “التيار الوطني الحر” عدد أصوات يفوق الـ65 صوتاً، لكن تقول مصادر “القوات”، إنهم إذا استشعروا “تهريبة” ما في هذا السياق، فخيار الانسحاب من الجلسة غير مستبعد، ومن ثم تفقد الجلسة نصابها. وكان شدد نواب من حزب القوات وجعجع نفسه على أن تأجيل انتخاب الرئيس لأسابيع محددة أفضل من انتخاب رئيس لا يحاكي التغييرات الكبرى ويسير بلبنان نحو المرحلة المقبلة ونحو النهوض بالبلاد، ما قرأه كثر على أنه إشارة إلى أن “القوات” على استعداد للخروج من الجلسة، إن كان هناك توجه وفي إطار تسوية ما لاختبار رئيس يدعمه الثنائي.

وعلى رغم تأكيد الحزب مراراً أن مرشحهم لا يزال رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، فإن الحزب نفسه يعلم أن حظوظ فرنجية باتت معدومة وسط المتغيرات الكبرى اليوم، كما أن إيصال المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري بالتقاطع مع “التيار الوطني الحر”، غير وارد، وهنا تفيد المصادر بأن هوكشتاين نفسه أوصل رسالة لمن التقاهم في الساعات الماضية أن البيسري وفرنجية خياران غير مقبولين.

تقسيم المجلس النيابي

يتألف مجلس النواب اللبناني من 128 نائباً، يتوزعون بين مجموعة من الأحزاب والتيارات والمستقلين والتكتلات التي تجمع أكثر من توجه سياسي. وفي هذا السياق ينقسم المجلس بين 19 نائباً لحزب القوات اللبنانية، حركة “أمل” 15 نائباً، نواب “التغيير” 15 نائباً، “التيار الوطني الحر” 13 نائباً، “حزب الله” مع حلفائه 16 نائباً، تكتل “التوافق الوطني” خمسة نواب، الحزب “التقدمي الاشتراكي” ثمانية نواب، “الاعتدال الوطني” ستة نواب، حزب الكتائب اللبنانية أربعة نواب، “التكتل الوطني” أربعة نواب، فيما يتوزع النواب البقية على اعتبار أنهم نواب مستقلون.

نقلاً عن : اندبندنت عربية