في لحظات الشدة والمحنة، عندما تتراكم الهموم وتتعاظم الأزمات، يشعر الإنسان بالعجز والضيق، ويحتاج إلى كلمة تبث في قلبه الطمأنينة وتعيد له الأمل.
في هذه اللحظات، يذكرنا الحديث القدسي العظيم الذي قاله الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم:
«يا عبادي، إنما هي أعمالكم، أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.» (رواه مسلم)
هذا الحديث القدسي يحمل في طياته وعدًا عظيمًا من الله عز وجل، وهو يعكس حقيقة عميقة في معاملة الله لعباده، وهي أنه لا يأتي شيء في حياة الإنسان إلا وهو بتقدير منه سبحانه، وإن كان في ذلك ابتلاء أو مكروه.
يطمئن الحديث القدسي القلوب المكروبة ويذكرها بأن كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر هو تقدير إلهي لحكمة لا يعلمها إلا الله. إذا كان في البلاء أو المحنة ما يجعل القلب يذرف الدموع، فإن هناك دائمًا أملًا في رحمة الله وعنايته.
الدروس المستفادة من الحديث القدسي:
1. الأمل في رحمته: البلاء لا يستمر طويلًا، وكل محنة يتبعها فرج. ففي كل لحظة قلق أو توتر، هناك وعد من الله تعالى بالفرج. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مع العسر يسرا»، وهذه بشرى لكل من يواجه صعوبة أو يعاني من أزمات.
2. التوبة والمراجعة: عندما يشعر المؤمن بمحنة أو ابتلاء، فإن الحديث القدسي يعلمه أن يبحث في نفسه، ويحسن من أعماله. فكل ما يصيبه هو نتيجة أعماله، وإن كانت تتضمن اختبارًا إلهيًا له ليرتقي إلى درجات أعلى.
3. الثقة بالله: الحديث يعزز من ثقته بالله ويعلمه أن ما أصابه لم يكن عبثًا. بل كان اختبارًا إلهيًا لحكمة بالغة، قد تكون تربية له، أو تكفيرًا لذنوبه، أو تمحيصًا لنيته.
4. الاستمرار في الدعاء: الدعاء هو المفتاح، إذ يقول الله في حديث آخر: «ادعوني أستجب لكم»، فيكون في الدعاء راحةً وسكينة، وقوة ترفع عن المؤمن أثقال الدنيا.
للذين يبتلون ويروّعهم الحزن: يجب أن يتذكروا دائمًا أن الله قريب، يسمع الدعاء، ويعلم ما في القلب من هموم. وعليه فإن عليهم أن يكونوا صابرين، وأن يتوكلوا على الله، واثقين أن الله لن يتركهم.
في النهاية، يمكننا أن نتوجه إلى الله بدعاء خالص، نستشعر فيه قربه ورحمته، فكل مكروب ومبتلى يجد في رحمته سبحانه راحةً وطمأنينة، وكل من يعاني يجد في توجيه قلبه إلى الله خلاصًا ونجاة.
نقلاً عن : الوفد