<p>أثار نهج ترمب العدواني تجاه الرسوم الجمركية قلق بعض المسؤولين الاقتصاديين في إدارته (أ ف ب)</p>
في تطور لافت على الرسوم الجمركية الأميركية أعلنت الصين عزمها اتخاذ “كل التدابير اللازمة” لحماية مصالحها، رداً على الرسوم الجمركية الأميركية البالغة نسبتها 25 في الصين على واردات الصلب والألومنيوم.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ لدى سؤالها عن الرسوم في مؤتمر صحافي إن “إجراءات الولايات المتحدة تنتهك بصورة خطرة قواعد منظمة التجارة العالمية، وتضر بصورة جدية بمنظومة التجارة متعددة الأطراف المبنية على القواعد”.
أوروبا ترد
فرضت الصين رسوماً مضادة على سلع أميركية بقيمة 28 مليار دولار، وقالت المفوضية الأوروبية اليوم الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي سيفرض رسوماً جمركية مضادة على سلع أميركية بقيمة 26 مليار يورو (28 مليار دولار) بدءاً من الشهر المقبل، رداً على الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم.
ودخل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية 25 في المئة على جميع واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، مع انتهاء الإعفاءات السابقة وإلغاء الحصص المعفاة من الرسوم الجمركية واستثناء بعض المنتجات.
رسوم على منتجات أميركا
وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستنهي تعليق الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية في الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وستطرح حزمة جديدة من التدابير المضادة على السلع الأميركية بحلول منتصف الشهر المقبل أيضاً.
وتطبق الرسوم الجمركية المعلقة على منتجات متنوعة بداية من القوارب إلى مشروب البوربون الكحولي وحتى الدراجات النارية، وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيبدأ الآن مشاورات لمدة أسبوعين لاختيار فئات أخرى من المنتجات.
وأوضح الاتحاد الأوروبي أن الإجراءات الجديدة ستستهدف سلعاً بقيمة 18 مليار يورو (19.65 مليار دولار) تقريباً، وأن الهدف بصورة عامة من ذلك هو ضمان توافق القيمة الإجمالية لتدابير الاتحاد الأوروبي، مع الزيادة في قيمة التجارة المتأثرة بالرسوم الجمركية الأميركية الجديدة.
وتشمل المنتجات المستهدفة المقترحة منتجات صناعية وزراعية، مثل الصلب والألمنيوم والمنسوجات والأجهزة المنزلية والبلاستيك والدواجن ولحوم البقر والبيض ومنتجات الألبان والسكر والخضر.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيان “ستطبق إجراءاتنا المضادة على مرحلتين، بدءاً من أول أبريل، وتطبق بالكامل بدءاً من الـ13 من أبريل”.
وأضافت “مستعدون للانخراط في حوار هادف، كلفت مفوض التجارة ماروش شفتشوفيتش باستئناف محادثاته لاستكشاف حلول أفضل مع الولايات المتحدة والألومنيوم”.
مخاوف المستشارين
إلى ذلك أثارت سياسة الرئيس ترمب المتقلبة في شأن التجارة ورسائله الاقتصادية المتناقضة قلق بعض حلفائه، مما أدى إلى تدفق المكالمات من كبار التنفيذيين في الشركات، وكذلك المخاوف من المشرعين الجمهوريين والتوتر داخل البيت الأبيض.
وتلقى كبار المسؤولين، بمن في ذلك رئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، مكالمات مذعورة من كبار التنفيذيين واللوبيين الذين حثوا الإدارة على تهدئة الأسواق المتوترة من خلال توضيح سياسة التعريفات التجارية بصورة أكثر استقراراً، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” بحسب أشخاص مطلعين على المناقشات. وتخلى عدد من الأوساط التجارية عن محاولات إقناع الرئيس بتغيير مسار سياسته التجارية، وبدلاً من ذلك طلبوا من البيت الأبيض توضيح نهجه.
وفي اجتماع عقد يوم الإثنين في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض، التقى الرئيس ومستشاروه مع الرؤساء التنفيذيين لشركات مثل “آي بي إم” و”كوالكوم” و”أتش بي”، وغيرها من الشركات التكنولوجية.
وأعرب بعض الرؤساء التنفيذيين عن قلقهم من التعريفات التي فرضها ترمب، محذرين من أنها قد تؤثر سلباً في صناعتهم، وفقاً لشخص حضر الاجتماع، وقال ترمب للصحافيين إن المشاركين في الاجتماع تحدثوا عن الاستثمار في الولايات المتحدة.
الرسائل المتضاربة من الرئيس ومستشاريه أثارت قلق بعض الجمهوريين الذين يعتقدون أن ترمب يفتقر إلى خطة اقتصادية موحدة، وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت الأسبوع الماضي إن الاقتصاد بحاجة إلى “إزالة السموم”. واعترف ترمب بأن التعريفات قد تسبب ألماً اقتصادياً للمستهلكين، وفي مقابلة يوم الأحد امتنع عن استبعاد حدوث ركود، مما أدى إلى تسارع عمليات البيع في “وول ستريت” يوم الإثنين، إذ ألغت جميع المكاسب التي حققتها المؤشرات الرئيسة منذ يوم الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وأمس الثلاثاء، قلل الرئيس من احتمالية حدوث ركود، لكنه أكد التزامه بالتعريفات الواسعة النطاق.
في الوقت نفسه، أجرى ترمب وفريقه تعديلات متكررة على سياسات التجارة الخاصة به، إذ أعلنوا استثناءات وتراجعات في اللحظة الأخيرة.
وقال المدير السابق لمكتب الموازنة في الكونغرس دوغلاس هولتز-إيكن، الذي يدير الآن منتدى العمل الأميركي المحافظ، للصحيفة “كانت بداية مروعة لفريق السياسة الاقتصادية”.
تدهور سوق الأسهم وزيادة الأسعار
وأثار نهج ترمب العدواني تجاه الرسوم الجمركية قلق بعض المسؤولين الاقتصاديين في إدارته، بمن في ذلك العاملون في المجلس الاقتصادي الوطني، الذين يشعرون أن الرسوم الجمركية وعدم اليقين في شأن سياسة التجارة يؤديان إلى تدهور سوق الأسهم وزيادة الأسعار في كل شيء من الطاقة إلى مواد البناء، بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على الأمر. وحذر مستشارو الرئيس الاقتصاديون من أن الرسوم الجمركية قد تضر بالسوق والنمو الاقتصادي، لكنه لم يتأثر بصورة كبيرة، بحسب هؤلاء الأشخاص.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كوش ديساي، “مستشارو الرئيس ترمب الاقتصاديين ليسوا منقسمين، وكل عضو في إدارة ترمب يعمل وفق خطة العمل نفسها – خطة الرئيس ترمب – لتنفيذ أجندة أميركا أولاً، من خلال الرسوم الجمركية وخصم الضرائب وتقليص التنظيمات وإطلاق العنان للطاقة الأميركية”.
توترات بين أعضاء فريق ترمب الاقتصادي
وأكدت ديساي أن المسؤولين الكبار تلقوا مكالمات من قادة الشركات، مشيرة إلى أن مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفين هاسيت تحدث مع ما يقرب من 10 رؤساء تنفيذيين في اليومين الماضيين.
وأظهرت سلسلة من التصريحات في شأن الرسوم الجمركية والاضطرابات الاقتصادية الناتجة من تلك التوترات، التي كانت كامنة منذ فترة بين أعضاء فريق ترمب الاقتصادي.
ويسعى وزير التجارة هوارد لوتنيك، الرئيس التنفيذي السابق في شركة “كانتر فيتزجيرالد” للخدمات المالية، إلى الإشراف على الأجندة التجارية التوسعية لترمب، وظهر بانتظام على شاشات التلفزيون لمناقشة المسألة. وفي بعض الأحيان، لم يتشاور تماماً مع بعض مستشاري الرئيس الاقتصاديين، بحسب الأشخاص المطلعين على الأمر، بمن في ذلك هاسيت، وممثل التجارة الأميركي جايمي غرير، والمسؤولون في مجلس المستشارين الاقتصاديين.
وفي برنامج “سي بي أس نيوز” مساء الثلاثاء، دافع لوتنيك عن طريقة تقديم الإدارة لسياسة التجارة، قائلاً “إنها ليست فوضوية، والشخص الوحيد الذي يعتقد أنها فوضوية هو شخص يقوم بتصرفات سخيفة”.
وبعد مرور ما يقارب شهرين على رئاسة ترمب، يقول مستشاروه إنه أكثر عزماً من أي وقت مضى على تنفيذ خطته الشاملة للرسوم الجمركية، على رغم الضغوط المتزايدة لتغيير المسار.
في فترة رئاسته الأولى، كان يراقب ترمب الأسواق تقريباً بصورة مستمرة، وكان حتى الهبوط الموقت قد يؤدي إلى تغيير في السياسة، وفقاً لما قاله مسؤولون سابقون في الإدارة. لكن هذه المرة، ما يزال مهتماً بالأسواق، لكنه أقل ميلاً إلى التخلي عن خطط الرسوم الجمركية، على رغم أنه أجل تنفيذ بعض الرسوم، بحسب ما أفاد به مسؤول في الإدارة.
وكان مدير المجلس الاقتصادي الوطني في رئاسة ترمب الأولى غاري كوهين، وآخرون يعارضون أحياناً مقترحات الرئيس في شأن الرسوم الجمركية. لكن هذه المرة، لا يحاول معظم مستشاري ترمب الحاليين إقناعه بالتراجع عن فرض الرسوم الجمركية، بل يدافعون عن فرض رسوم أكثر استهدافاً مع استثناءات لقطاعات رئيسة.
نجح هاسيت وآخرون في إقناع ترمب التخلي عن وعده الانتخابي بفرض رسوم جمركية شاملة على جميع شركاء التجارة الأميركيين، واختيار بدلاً من ذلك اتخاذ إجراء تجاري متبادل يسمح للدول الأخرى بالتفاوض لتقليل الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، وفقاً لما قاله أشخاص مطلعون على المناقشات.
حلفاء ترمب قلقون من الآثار الاقتصادية للرسوم
وتهدف خطوة ترمب في فرض الرسوم الجمركية المتبادلة المتوقعة إلى موازنة الرسوم الجمركية الأميركية مع الرسوم والعوائق غير الجمركية التي تفرضها الدول الأخرى، وقد يستغرق تنفيذها بالكامل ستة أشهر أو أكثر بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على السياسة سابقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ويثير عدم اليقين في شأن سياسة الرسوم الجمركية أيضاً إحباط بعض حلفاء ترمب في الكونغرس، الذين يشعر عدد متزايد منهم بالقلق حيال الآثار الاقتصادية للرسوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال السناتور مايك راوندز (جمهوري من ولاية ساوث داكوتا) “لا نعرف كيف سيبدو هذا غداً”، وأضاف أنه “غاضب جداً” من حال عدم اليقين التي تفرضها أجندة الرسوم الجمركية على المزارعين والشركات في ولايته.
وقال السناتور الجمهوري توم تيليس من ولاية كارولاينا الشمالية إن الطابع المتقطع للرسوم الجمركية يسهم في خسائر السوق المالية والصعوبات في التخطيط المؤسسي، وأضاف “الأعمال التجارية تكره عدم اليقين”.
من جانبه اعترف السناتور بيل هاغرتي (جمهوري من ولاية تينيسي) الذي يعد من المقربين لترمب والسفير الأول للولايات المتحدة في اليابان، أن الأسواق “تحاول استيعاب” الرسائل التي تصدر من البيت الأبيض في شأن الرسوم الجمركية، لكنه أعرب عن أمله في أن تتمكن السوق من إيجاد وضوح في المستقبل القريب.
وقال هاغرتي “أعتقد أنه بمجرد أن نعلن هذه الرسوم الجمركية، ويمكن للسوق أن تحدد تماماً ماذا تعني، فإن ذلك سيسهم في تهدئة الأمور”.
وتحدث ترمب يوم الثلاثاء إلى “مجلس رجال الأعمال”، وهو مجموعة مؤثرة من المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى، وقال شخص مطلع على تنظيم الحدث إن عدداً من المديرين التنفيذيين غيروا خططهم لحضور الاجتماع.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “شيفرون” مايكل ويرث، في مؤتمر للطاقة في هيوستن، “التأرجح من طرف إلى آخر ليس هو النهج الصحيح للسياسة. لقد خصصنا رؤوس الأموال التي استثمرناها لعقود، لذا نحن بحاجة إلى سياسة ثابتة ودائمة”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية