في خطوة تهدف إلى توثيق وحفظ الألحان التراثية للأهازيج الشعبية المحلية، بدأ مختصون في الموسيقى والفنون الأدائية بكتابة النوتات الموسيقية لمجموعة من الأهازيج المتوارثة، لا سيما في مناطق مثل الأحساء، التي تحتفظ بتراثها الفني العريق. ويسعى المشروع إلى تقديم الأهازيج بصيغة موسيقية مكتوبة، مما يسهل عزفها عالميًا، ونشرها على نطاق واسع من خلال التوزيع الموسيقي الحديث وإعادة تقديمها بصياغة جديدة تتيح مشاركتها في المحافل الدولية.

تدوين الأهازيج وتقديمها للعالم

أوضح المهندس خليل المويل، الباحث في الموسيقى والفنون الأدائية، أن كتابة النوتات الموسيقية للأهازيج الشعبية ستساهم في إيصالها إلى جمهور أوسع، حيث يمكن للعازفين في مختلف أنحاء العالم قراءتها وأدائها بدقة. وأضاف أن هناك العديد من الأهازيج الشعبية المحلية في الأحساء التي تستحق التوثيق لتصبح جزءًا من التراث الموسيقي العالمي، مشيرًا إلى أن المشروع قد بدأ بالفعل، وشمل تدوين نوتات لبعض الفنون الأدائية مثل “فن العرضة”.

حفظ الهوية الثقافية ونشر الوعي الفني

أكد المويل أن توثيق الأهازيج بالنوتات الموسيقية يسهم في تعزيز الوعي الفني بالموروث الشعبي محليًا وعالميًا، كما يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية ونقلها إلى الأجيال القادمة بشكلها الصحيح. ولفت إلى أن الأحساء، باعتبارها منطقة ذات تراث ثقافي وفني غني، تمتلك موروثًا متنوعًا يعكس حياة الأجيال السابقة في صيد البر والبحر والزراعة والحصاد، حيث ارتبطت هذه الأنشطة بالأهازيج والموسيقى التي كانت جزءًا من مناسباتهم الاجتماعية والاحتفالية.

أهمية تدوين التراث والتحديات التي تواجهه

من جانبه، شدد الباحث في التراث الثقافي والشعبي عصام البقشي على ضرورة الإسراع في توثيق الموروث الشعبي قبل اندثاره، مشيرًا إلى أهمية جمعه من كبار السن وتدوينه كتابيًا بمساعدة متخصصين لضمان دقة المعلومات. لكنه أشار إلى وجود تحديات عديدة تعيق عملية التوثيق، أبرزها:

  • التناقل الشفهي الذي أدى إلى ضياع الكثير من التراث بسبب عدم تدوينه كتابيًا منذ القدم.
  • الحساسية الاجتماعية في ذكر بعض الشخصيات أو الإشارات التاريخية، مما قد يثير جدلًا داخل المجتمع.
  • الكتابة الانتقائية التي تركز فقط على الجوانب الإيجابية وتبتعد عن بعض الحقائق، مما قد يؤدي إلى “تزوير” الموروث.
  • القيود الاجتماعية التي تجعل من الصعب لقاء الباحثين بكبار السن من النساء وجمع المعلومات منهن.

النوتة الموسيقية وأهميتها في حفظ الأهازيج

تتيح النوتة الموسيقية توثيق الألحان الشعبية بشكل دقيق عبر:

  • تسجيل أسماء النغمات على المدرج الموسيقي.
  • تحديد الإشارات الزمنية لضبط إيقاع الألحان عند عزفها.
  • تقسيم المقطوعات الموسيقية بما يضمن أدائها بالشكل الصحيح.

يسهم هذا المشروع في إحياء التراث غير المادي بطريقة علمية مدروسة، مما يفتح الباب أمام انتشار الأهازيج الشعبية محليًا ودوليًا، ويضمن بقاءها جزءًا من الذاكرة الثقافية للأجيال القادمة.