الآلات الموسيقية .. أجابت دار الإفتاء المصرية برئاسة الدكتور نظير عياد مفتي الديار، عن سؤال ورد لها عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، جاء مضمونه كالتالي: هل يجوز تعليم الأطفال في المدارس أناشيد بمصاحبة بعض الآلات الموسيقية، ومنها تحديدًا: آلات الإيقاع كالطبلة والدف والمثلثات والكاستينات وجلاجل وشخاليل؟.

حكم استخدام الآلات الموسيقية في المدارس وتعليم الاطفال:

 

وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال إنه لا يوجد مانع شرعًا من تعليم الأطفال في المدارس الأناشيد بمصاحبة الآلات الموسيقية المنوه عنها بالطلب إذا كانت هذه الأناشيد وطنية أو دينية أو سببًا لترسيخ بعض العادات الحسنة ونزع بعض العادات السيئة، وكانت كلماتها حسنة طيبة، وكانت هذه الآلات مما تساعد الأطفال على سرعة الحفظ وحسن الترديد.

حكم استخدام الآلات الموسيقية:

قال الشيخ المواق المالكي (ت897هـ) في “التاج والإكليل لمختصر خليل” (2/ 363، ط. دار الكتب العلمية): [قال الشيخ ابن عرفة عن الإمام عز الدين بن عبد السلام: الطريق في صلاح القلوب يكون بأسباب، فيكون بالقرآن، فهؤلاء أفضل أهل السماع، ويكون بالوعظ والتذكير، ويكون بِالْحِدَاءِ والنشيد، ويكون بالغناء بالآلات] اهـ.

تعليم الأطفال عن طريق استخدام الآلات الموسيقية في المدارس:
ولما أنكحت السيدة عائشة رضي الله عنها ذات قرابة لها من الأنصار، جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَهْدَيْتُمُ الْفَتَاةَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي؟» قَالَتْ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ، فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ» رواه ابن ماجه في “سننه”، وأحمد في “مسنده”.

استخدام الآلات الموسيقية في المدارس لتعليم الأطفال: 
وفي رواية الطبراني في “الأوسط” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ؟» فَقُلْتُ: أَهْدَيْنَاهَا إِلَى زَوْجِهَا. قَالَ: «فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا بِجَارِيَةٍ تَضْرِبُ بِالدُّفِّ وَتُغَنِّي؟» قَالَتْ: تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: «تَقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ .. فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ، لَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ .. مَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ، وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَاءُ .. مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ» إلى آخر ما هنالك مما ورد في السنة المُشرَّفة.
 

أهمية تعليم الموسيقى للأطفال في المدارس

تُعد الموسيقى واحدة من أقدم أشكال التعبير الإنساني، ولها دور كبير في تنمية شخصية الفرد وإثراء حياته الثقافية والعاطفية. في السنوات الأخيرة، أصبحت أهمية تدريس الموسيقى للأطفال في المدارس موضوعًا يثير اهتمام التربويين وأولياء الأمور على حد سواء، نظرًا لفوائدها العديدة التي تتجاوز مجرد الترفيه لتشمل الجوانب الأكاديمية والاجتماعية والنفسية. في هذا الموضوع، سنستعرض أهمية تعليم الموسيقى للأطفال في المدارس، وكيف يمكن أن يسهم في بناء جيل متوازن ومبدع.

1. تعزيز المهارات الأكاديمية
أثبتت الدراسات العلمية أن تعلم الموسيقى يؤثر إيجابيًا على الأداء الأكاديمي للأطفال. فالعزف على آلة موسيقية أو تعلم القراءة الموسيقية يعزز القدرات العقلية مثل التركيز، الذاكرة، وحل المشكلات. على سبيل المثال، تتطلب قراءة النوتات الموسيقية فهمًا للرموز والإيقاعات، مما يشبه إلى حد كبير تعلم الرياضيات أو اللغات. دراسة أجرتها جامعة هارفارد أظهرت أن الأطفال الذين يدرسون الموسيقى يحققون درجات أعلى في اختبارات الرياضيات واللغة مقارنة بأقرانهم الذين لا يتلقون هذا التعليم.

2. تنمية المهارات الاجتماعية
تعليم الموسيقى في المدارس لا يقتصر على الفرد فقط، بل يشمل أنشطة جماعية مثل الكورال أو الفرق الموسيقية. هذه الأنشطة تعلم الأطفال قيم العمل الجماعي، التعاون، والتواصل. فعندما يعزف الطفل في فرقة، يتعلم كيف ينسق مع الآخرين، يستمع إليهم، ويحترم دورهم، مما يعزز شعوره بالانتماء ويقلل من الشعور بالعزلة الاجتماعية. كما أن الموسيقى تتيح للأطفال فرصة التعبير عن أنفسهم بطريقة غير لفظية، مما يساعد الأطفال الخجولين على الانفتاح.

3. تحسين الصحة النفسية والعاطفية
الموسيقى لها تأثير مباشر على الحالة النفسية للأطفال. فهي تُعتبر متنفسًا عاطفيًا يساعدهم على التعامل مع التوتر والقلق، خاصة في ظل ضغوط الحياة المدرسية. العزف أو الغناء يطلق هرمونات السعادة مثل الدوبامين، مما يساهم في تحسين المزاج. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الموسيقى للأطفال التعبير عن مشاعرهم التي قد يصعب عليهم التعبير عنها بالكلمات، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويقلل من المشكلات السلوكية.

4. تعزيز الإبداع والتفكير الخلاق
الموسيقى هي فن يعتمد على الخيال والابتكار، وتعليمها للأطفال يشجعهم على التفكير خارج الصندوق. سواء كان ذلك من خلال تأليف لحن بسيط أو ارتجال إيقاع، فإن الطفل يتعلم كيف يبتكر ويجرب أفكارًا جديدة. هذا النوع من التفكير الإبداعي لا يقتصر على الموسيقى فقط، بل ينعكس على جميع جوانب حياته، سواء في الدراسة أو في حل المشكلات اليومية.

5. الحفاظ على التراث الثقافي
تعليم الموسيقى في المدارس يمنح الأطفال فرصة التعرف على تراثهم الموسيقي والثقافي. في العالم العربي، على سبيل المثال، يمكن للأطفال تعلم المقامات الموسيقية التقليدية أو الأغاني الشعبية التي تحمل تاريخ الشعوب. هذا لا يعزز ارتباطهم بجذورهم فحسب، بل يفتح أمامهم آفاقًا لفهم ثقافات أخرى من خلال الموسيقى العالمية.

نقلاً عن : الوفد