الشركة.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أن موت أحد الشريكين يُعدُّ سببًا من أسباب انقضاء الشركة، ولا يمنع من استمرارها إذا حصل الاتفاق والتراضي بين الطرفين على ذلك، على أن تُخصم الديون التي على المتوفى إذا وجدت .
ضوابط الشركة التي حددتها الشريعة الإسلامية
حددت الشريعة ضوابط الشركة، بما يجعلها محقِّقَةً للحكمة من تشريعها، وبما يمنع الخلاف والنزاع، ومن أهمها: الأمانة وعدم الخيانة والاعتداء على حق الآخر؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: 24]، والمراد بالخلطاء: الشركاء، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» أخرجه الأئمة: أبو داود -واللفظ له- والدارقطني، والبيهقي، والحاكم.
مدى اعتبار موت أحد الشريكين من أسباب فسخ عقد الشركة
واتفق الفقهاء على أن موت أحد الشريكين سبب من أسباب فسخ عقد الشركة؛ لأن الشركة من العقود الجائزة التي لا بد فيها من توافر الملك وأهلية التصرف، والموت من أسباب بطلان الملك وأهلية التصرف، فانتفت صحتها؛ لانتفاء ما تعتمد عليه، كما أنها تعتمد على الوكالة؛ لأن كل واحد من العاقدين للشركة وكيل عن شريكه وموكل للآخر، والوكالة تبطل بموت أحدهما. يُنظَر: “بدائع الصنائع” للإمام الكاساني (6/ 78)، و”التهذيب في اختصار المدونة” لأبي سعيد ابن البراذعي (3/ 572، ط. دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بدبي)، و”الإقناع” للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 319، ط. دار الفكر)، و”شرح منتهى الإرادات” للعلامة منصور البُهوتي الحنبلي (2/ 191، ط. عالم الكتب).
وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء. يُنظَر: “الإجماع” لابن المنذر (ص: 100، ط. دار المسلم)، و”الإقناع في مسائل الإجماع” لابن القطان (2/ 181، ط. الفاروق الحديثة).
حكم استئناف عقد الشركة بين الحي من الشريكين وورثة المتوفى منهما
أَضافت الإفتاء أن موت أحد الشريكين وإن كان سببًا لانقضاء الشركة، ليس مانعًا من استئناف عقد الشركة بين الحي من الشريكين وورثة المتوفى منهما، وذلك إذا اختار الورثة بقاء الشركة؛ بناءً على ما قرره فقهاء الشافعية والحنابلة، من أن للوارث الرشيد الخيار بين القسمة واستئناف الشركة ، وإذا كان الوارث غير رشيد فيجب على وليه أن يختار من هذين الأمرين أصلحهما للوريث بشرط أن لا يكون على الميت دين أو وصية.
قال الإمام الخطيب الشربيني في “مغني المحتاج” (3/ 228، ط. دار الكتب العلمية): [(وتنفسخ بموت أحدهما وبجنونه وبإغمائه)… وعلى ولي الوارث غير الرشيد في الأولى والمجنون في الثانية: استئنافها لهما ولو بلفظ التقرير عند الغبطة فيها، بخلاف ما إذا انتفت الغبطة فعليه القسمة. أما إذا كان الوارث رشيدا فيتخير بين القسمة واستئناف الشركة إن لم يكن على الميت دين ولا وصية] اهـ.
وقال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في “كشاف القناع” (3/ 506، ط. عالم الكتب): [(وإذا مات أحد الشريكين وله وارث رشيد فله)، أي: الوارث (أن يقيم على الشركة، ويأذن له الشريك في التصرف)، ويأذن هو أيضًا لشريكه فيه] اهـ.
نقلاً عن : الوفد