أعلنت خدمة البريد الأميركية تعليقاً موقتاً لشحن الطرود الدولية القادمة من الصين وهونغ كونغ، مما يقطع خدمة تحظى بشعبية لدى البائعين عبر الإنترنت في الصين. وأشارت الخدمة في بيانها إلى أن التعليق سيظل سارياً حتى إشعار آخر، لكنه لن يؤثر في تسليم الرسائل. وتأتي هذه الخطوة بعدما فرضت إدارة ترمب رسوماً جمركية جديدة على الصين، واتخذت إجراءات لسد ثغرة تتيح للشركات تجنب دفع الرسوم عند شحن الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار مباشرة إلى المستهلكين الأميركيين.
تضاعف استخدام هذا الإعفاء التجاري في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالنمو السريع لمنصات مثل “شي إن” و”تيمو”، وهما شركتان صينيتان الأصل، اجتاحتا شبكات التجارة الإلكترونية العالمية بمنتجات مخفضة الأسعار.
وبحسب بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، دخل نحو 1.36 مليار شحنة إلى الولايات المتحدة عبر هذا الإعفاء خلال السنة المالية 2024، مقارنة بـ637 مليون شحنة في السنة المالية 2020.
ولا يشمل هذا القرار الشحنات التي تنقلها شركات “يو بي أس” و”فيديكس” و”دي أتش أل”، التي تمتلك رحلاتها الجوية الخاصة من الصين لصالح الشركات الكبرى مثل “آبل” التي تشحن بضائعها إلى الولايات المتحدة.
أما الطرود القادمة من الصين، التي كانت تستفيد سابقاً من الإعفاء الجمركي، فأصبحت الآن خاضعة للرسوم الجمركية التي فرضت خلال الولاية الأولى لترمب، إذ أبقى عليها بايدن إلى حد كبير، إضافة إلى رسوم إضافية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الصينية، التي أعلنتها إدارة ترمب الأسبوع الماضي ودخلت حيز التنفيذ يوم أمس الثلاثاء.
ومن المرجح أن تكون منصتا “تيمو” و”شي إن” شكلتا نحو ثلث الشحنات التي دخلت الولايات المتحدة عبر الإعفاء الجمركي (de minimis)، وفقاً لتقرير نشرته لجنة مجلس النواب الخاصة بالحزب الشيوعي الصيني عام 2023، فيما لم ترد أي من الشركتين فوراً على طلب للتعليق من صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وفي مواجهة القيود المتزايدة التي فرضتها إدارة بايدن على استخدام هذا الإعفاء، استأجرت شركات التجارة الإلكترونية الصينية ومزودو الخدمات اللوجستية مزيداً من المساحات التخزينية في الولايات المتحدة.
تراجع الأسهم الصينية
ومع تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، قلصت الأسهم الآسيوية مكاسبها بعدما فتحت الأسهم الصينية على انخفاض مع هيمنة الحذر على المستثمرين.
وانخفضت أسهم هونغ كونغ بينما تخلى مؤشر الأسهم الآسيوية عن بعض مكاسبه مع إعادة فتح سوق الصين اليوم الأربعاء، بعد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، وانخفضت عقود الأسهم الأميركية والأوروبية بعدما تراجعت شركة “ألفابيت إنك” الشركة الأم لشركة “غوغل” و”أدفانسيد ميكرو إنك”. وفي تداول ممتد ارتفع الين في مقابل الدولار، وارتفع الذهب إلى مستوى قياسي مرتفع بسبب الطلب على الملاذ الآمن.
وقلص المستثمرون الأخطار مع استمرار حال عدم اليقين، وسط رد بكين السريع على التعرفة الجمركية الأميركية البالغة 10 في المئة على الواردات من الصين. وأظهرت أولى جولات التصعيد في الحرب التجارية الجديدة بين واشنطن وبكين أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يتبنى نهجاً أكثر حذراً مقارنة بموقفه خلال الولاية الأولى لدونالد ترمب.
وقال رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة “كي جي آي آسيا ليميتد”، كيني وين لوكالة “بلومبيرغ”، “تظل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مصدر خطر، لكن في حال تأجيل التعرفة الجمركية الأميركية البالغة 10 في المئة وإجراءات الرد الصينية، فسيكون ذلك إيجابياً للسوق، من ناحية أخرى قد تتصاعد الخلافات مرة أخرى.”
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال كبير المحللين في “إيه تي غلوبال ماركيتس”، نيك تويدال، “هناك أخطار اقتصادية كلية أكبر في السوق الآن، إذ يبدو أن كل هذه التطورات تمثل تصعيداً للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.
وأكد ترمب للصحافيين أنه “لا يوجد استعجال” للتحدث مع شي جينبينغ، مضيفاً أنه سيتحدث إلى الرئيس الصيني “في الوقت المناسب”.
تأخير المفاوضات التجارية
من جانبه، قال المحلل في “بلومبيرغ إنتليجينس” مارفن تشين، “قد يؤدي تأخير المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى بعض التقلبات قصيرة الأجل في الأسواق الصينية، لكن ترمب أظهر أن المفاوضات لا تزال ممكنة”.
وعلى رغم أن بعض المستثمرين رأوا أن رد الصين بالمثل على واشنطن كان مدروساً لتجنب مواجهة شاملة، إلا أن آخرين يشعرون بالقلق من أن ضعف بيانات النشاط الصناعي وضعف اليوان قد يؤثران سلباً في الأسهم الصينية.
وتباطأ نشاط قطاع الخدمات في الصين بصورة غير متوقعة على رغم استمراره في النمو لأشهر، وفقاً لمسح خاص، إذ دعمت فترة الإنفاق المكثف خلال احتفالات رأس السنة القمرية الطلب المحلي.
وواصلت بكين دعم اليوان من خلال تحديد السعر المرجعي اليومي للعملة عند مستوى أقوى من 7.2 لكل دولار، في وقت زادت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة من الضغوط على العملة الصينية.
وفي أماكن أخرى، تراجعت الأسهم اليابانية، مما محا مكاسبها الصباحية، إذ ارتفع الين في مقابل الدولار وسط توقعات بمواصلة بنك اليابان رفع أسعار الفائدة، بعد صدور بيانات قوية للأجور المحلية وتعليقات حكومية حول التضخم.
أما في أسواق السلع، فتراجعت أسعار النفط مع تصاعد المخاوف من تأثير الحرب التجارية في النمو العالمي، على رغم إعلان فرض عقوبات مشددة على إيران، وفي المقابل سجل الذهب مستوى قياسياً جديداً متجاوزاً 2854 دولاراً للأونصة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية