أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن خريطة طريق جديدة تحدد أولويات الاتحاد لخمسة أعوام مقبلة، وقالت في كلمة ألقتها أمام ضيوف المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس خلال جلسة جمعتها مع رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، إن “المفوضية الأوروبية ستقدم في الأسبوع المقبل خريطة الطريق بعنوان ’بوصلة التنافسية‘”، تستهدف التركيز على زيادة الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي من خلال سد فجوة الابتكار ووضع خطة مشتركة بين دول الاتحاد لإزالة الكربون وتعزيز التنافسية وتجاوز نقص المهارات والقوى العاملة وتقليص البيروقراطية.

وأشارت فون دير لاين إلى أن الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى جعل الطرق أسرع وأنظف وأكثر عدلاً، من خلال ضمان استفادة جميع الأوروبيين من التغيرات التكنولوجية، لافتة إلى أن ركائز ستدعم هذه الإستراتيجية، إذ إن أوروبا تحتاج إلى سوق رأس مال عميقة وسائلة.

ووفقاً لرئيسة المفوضية الأوروبية، تصل المدخرات الأسرية الأوروبية إلى نحو 1.4 تريليون يورو (1.44 تريليون دولار) مقارنة بما يزيد قليلاً على 800 مليار يورو (827.7 مليار دولار) في الولايات المتحدة، وأوضحت أن “الشركات الأوروبية تواجه صعوبة في الاستفادة من ذلك وجمع التمويل الذي تحتاج إليه لأن سوق رأس المال المحلي لدينا مجزأة، مما يدفع الأموال إلى الخارج، إذ تُستثمر 300 مليار يورو (310 مليارات دولار) من المدخرات الأسرية الأوروبية سنوياً في الخارج”، مضيفة أن هذه قضية رئيسة تعوق نمو شركات التكنولوجيا الناشئة لدينا وتحدّ من قطاعنا الابتكاري في مجال التكنولوجيا النظيفة، قائلة “نحن لا نفتقر إلى رأس المال، بل نفتقر إلى سوق رأس مال فاعلة تحول المدخرات إلى استثمارات، لا سيما في التقنيات الناشئة التي تحمل إمكانات تغير اللعبة”، وتابعت “لهذا السبب سننشئ اتحاداً أوروبياً للادخار والاستثمار مع منتجات جديدة للادخار والاستثمار الأوروبية، وحوافز جديدة لـ’رأس المال المخاطر‘، ودفع جديد لضمان سريان الاستثمار بسلاسة عبر الاتحاد، وسنحرك مزيداً من رأس المال لتمكين الابتكار والمخاطرة ودفع  شعار “صنع في أوروبا” إلى الأمام.

“النظام 28” نافذة الابتكار الأوروبية الجديدة

أما الركيزة الثانية وفقاً لـفون دير لاين، فتتمثل في ضرورة جعل الأعمال أسهل بكثير في جميع أنحاء أوروبا، قائلة “كثير من أفضل مواهبنا تهاجر من الاتحاد الأوروبي لأن من الأسهل لهم تطوير شركاتهم في أماكن أخرى، وعدد كبير من الشركات تتردد في الاستثمار في أوروبا بسبب البيروقراطية غير الضرورية، فنحن في حاجة للعمل على جميع المستويات، القارية والوطنية والمحلية، ونريد أن نكون في الصدارة على المستوى الأوروبي، فعلى سبيل المثال، سنطلق تبسيطاً واسع النطاق لقواعدنا الخاصة بالتمويل المستدام والتدقيق، وسنتأكد من خلق بيئة ملائمة لشركاتنا الصغيرة والمتوسطة لتوسيع قدراتها على البناء والإنتاج والابتكار في أوروبا”، واستدركت “لكن أرغب في الذهاب إلى أبعد من ذلك، ولا تزال السوق الموحدة الأوروبية تحوي كثيراً من الحواجز الوطنية”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت أنه في بعض الأحيان، تواجه الشركات 27 تشريعاً وطنياً مختلفاً، بدلاً من ذلك، سنعرض على الشركات المبتكرة أن تعمل في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي بموجب مجموعة واحدة من القواعد نسميها “النظام الـ28″، تضم قانون الشركات وقواعد الإفلاس وقانون العمل والضرائب في إطار واحد وبسيط عبر الاتحاد، مشيرة إلى أن ذلك سيساعد في القضاء على أبرز الحواجز أمام التوسع في جميع أنحاء أوروبا لأن الحجم القاري هو أعظم أصولنا.

تغير المناخ لا يزال في صدارة الأجندة العالمية

وفي الشأن المناخي، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية خلال كلمتها إن “الأعوام المقبلة حاسمة على مستوى العالم وهو ما يتجاوز أوروبا، فيجب على جميع القارات تسريع التحول نحو صفر انبعاثات الكربون والتعامل مع العبء المتزايد لتغير المناخ، إذ إن تأثيره أصبح من المستحيل تجاهله، فموجات الحر في آسيا وفيضانات من البرازيل إلى إندونيسيا ومن أفريقيا إلى أوروبا وحرائق غابات في كندا واليونان وكاليفورنيا، وأعاصير في الولايات المتحدة ومنطقة الكاريبي، مشددة على أن تغير المناخ لا يزال في صدارة الأجندة العالمية.

وأكدت فون دير لاين أن “اتفاق باريس” يظل أفضل أمل للبشرية جمعاء، قائلة إن “أوروبا ستواصل السير على هذا المسار وتواصل العمل مع جميع الدول التي ترغب في حماية الطبيعة ووقف الاحتباس الحراري”، مضيفة أنه بالمثل يجب على جميع القارات الاستفادة من الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي وإدارة أخطارها.

الصين وأميركا

وعن مستقبل العلاقات الأوروبية- الصينية، قالت فون دير لاين “إنني أعتقد بأنه يجب علينا أيضاً السعي إلى تحقيق الفوائد المتبادلة في محادثاتنا مع الصين”، مضيفة أنه عندما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية قبل 25 عاماً، كانت تأثيرات زيادة الصادرات الصينية تسمى “صدمة الصين”، أما اليوم، فيتحدث بعضهم عن “صدمة الصين الثانية” بسبب القدرة الإنتاجية الزائدة المدعومة من الدولة، وأكدت “بالطبع، يجب علينا الرد على ذلك”.

ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية الولايات المتحدة الأميركية بالشريك الأهم للاتحاد الأوروبي، وقالت إن الشركات الأوروبية في الولايات المتحدة توظف 3.5 مليون أميركي، وهناك مليون وظيفة أميركية أخرى تعتمد بصورة مباشرة على التجارة ما بين البلدين، فيما تمتد سلاسل الإمداد بأكملها عبر جانبي الأطلسي.

أزمة الطاقة في أوروبا

وعن أزمة الطاقة المتزايدة في أوروبا، قالت فون دير لاين إنه قبل بداية حرب بوتين، كانت أوروبا تحصل على 45 في المئة من إمدادات الغاز و50 في المئة من فحمها من روسيا، وكانت روسيا واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وأضافت منتقدة “بدأنا بالاعتماد على الطاقة كما لو كانت رخيصة ولكن ذلك عرّضنا للابتزاز”.

وتابعت أنه لهذا السبب، عندما توجهت دبابات بوتين إلى أوكرانيا، قطع بوتين إمدادات الغاز عنا، ونتيجة لذلك، كان علينا تقليص اعتمادنا على الفحم الروسي في وقت قصير.

وأضافت أن “العائلات والشركات في أوروبا شهدت زيادة كبيرة في كلف الطاقة، ولم تنخفض هذه المبالغ لكثير من الأشخاص حتى اليوم، أما الآن فتعتمد قدرتنا التنافسية على العودة لأسعار طاقة منخفضة ومستقرة، إذ إن الطاقة النظيفة هي الحل على المدى المتوسط لأنها رخيصة وتخلق فرص عمل جيدة في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تعزيز استقلالنا في مجال الطاقة”.

وأشارت إلى أن أوروبا تتزود الآن بالكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر من جميع أنواع الوقود الأحفوري، ومع ذلك، لا يزال أمامنا كثير من العمل لتزويد الشركات والأفراد بهذه الموارد، قائلة “حان الوقت في الاتحاد الأوروبي لإتمام اتحادنا للطاقة حتى تتمكن الطاقة النظيفة من الانتقال بحرية عبر قارتنا وخفض الأسعار لجميع الأوروبيين”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية