بصورة رسمية أعلنت ChatGPT عن إتاحة ميزة البحث لعموم المستخدمين. ويرى بعض الخبراء أن هذه الميزة قد تشكل بداية النهاية لشركة “غوغل”، وأن الأخيرة يجب أن تسرع في تطوير محرك البحث الخاص بها لدعم ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي أعلنت عنها أخيراً. هذه الميزات المزمع إضافتها إلى محرك “غوغل” قريباً تمثل طفرة كبيرة في مجال البحث، وتعد أفضل بكثير من تجربة البحث فيChatGPT ، لكن السؤال الأهم يبقى: هل سيتقبل المستخدمون النتائج التي تعرض لهم من قبل الذكاء الاصطناعي؟

في البداية يجب الإشارة إلى أن منافسي “غوغل” في مجال البحث ليسوا فقط ChatGPT، فالخطر الأكبر يأتي من TikTok، المنصة التي أصبحت خيار البحث الأول لدى المراهقين وفئة الشباب بصورة عامة. والسبب في ذلك بسيط: قدرتها على تقديم نتائج دقيقة. والجميل في TikTok أنه لا يشترط أن تكون المعلومة مكتوبة داخل الفيديو، حتى إن كانت مذكورة صوتياً فقط من قبل صانع المحتوى، تظهر النتيجة في البحث. وهذه الميزة تشكل تهديداً حقيقياً لـ”غوغل”. ومع ذلك فإن الأحاديث عن قرب حجب المنصة في أميركا بحلول نهاية يناير (كانون الثاني) 2025 قد تخفف من هذا التهديد، بخاصة أن التأثير المتوقع قد يمتد إلى دول مختلفة حول العالم. وهذا قد يمثل فرصة ذهبية لـ”غوغل” لاستغلال مخزونها الهائل من مقاطع الفيديو على يوتيوب، لا سيما أن معظم الباحثين يفضلون مشاهدة المعلومات بدلاً من قراءتها.

تحديات تخفف وطأة التهديد

على رغم أنChatGPT  يفتح آفاقاً جديدة في البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه التقنية ما زالت تواجه تحديات كبيرة، منها غياب التفاعل البشري والتنوع الطبيعي في الإجابات. فمنصات مثل “غوغل” تعتمد على تحليل محتوى متنوع من ملايين المواقع، بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي في ChatGPT على نماذج معالجة اللغة التي قد تظهر نتائج غير دقيقة أو متحيزة بسبب البيانات المستخدمة في تدريبه.

تاريخياً، كانت “غوغل” دائماً قادرة على التكيف مع التحديات التقنية الكبيرة. على سبيل المثال عندما بدأت شبكات التواصل الاجتماعي، مثل “فيسبوك” و”تويتر”، في تغيير طريقة استهلاك المستخدمين للمعلومات، استجابت “غوغل” بتعزيز نتائج البحث المخصصة وربط المستخدمين بمصادر متعددة ومتنوعة. اليوم، مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي، يظل السؤال: هل يمكن لـ”غوغل” أن تكرر نجاحها في مواكبة هذا التحول؟ 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى الآن ليست مقنعة

أما فيما يخص ميزة البحث في ChatGPT، فمن وجهة نظري الشخصية، فإنها حالياً ليست مقنعة أو عملية. والسبب الرئيس هو أن الباحثين غالباً يتوجسون من أي معلومة يقدمها الذكاء الاصطناعي، نظراً إلى إمكانية تحيزها. ومن خلال التجربة أثبتت الميزة عدم فاعليتها في عديد من الحالات، مع ضعف دقة المعلومات بصورة كبيرة. كخطوة أولى، تعد الميزة جيدة، لكنها ليست كافية للاعتماد عليها بصورة كاملة. لا تزال هناك مساحة كبيرة أمام “غوغل” لتطوير محرك البحث الخاص بها والوصول إلى درجة عالية من الموثوقية.

عند سؤال أشخاص كثر عن ميزة البحث في ChatGPT نجد أن معظمهم غير مقتنعين بنتائج البحث ومتخوفون منها، مما يدفعهم في النهاية للعودة إلى “غوغل” للحصول على النتائج النهائية.

 المصادر هي مربط الفرس

ما يميز “غوغل” هو امتلاكها مخزوناً كبيراً من المصادر الموثوقة. فوظيفة “غوغل” ليست فقط تقديم المعلومة، بل إيصال المستخدم إلى المصادر التي تقدم له المعلومة، مما يمنح الباحث شعوراً بالاطمئنان من خلال تعدد المصادر والمعلومات غير المتحكم بها عبر الذكاء الاصطناعي، كما أن “غوغل” تمتلك ميزة إضافية عبر خدماتها المتنوعة، مثل الخرائط و”يوتيوب”، التي يمكن أن تعزز التجربة البحثية. فإذا استطاعت “غوغل” تحسين هذه التجربة ومنح المستخدمين مزيداً من الحرية، فإنها ستتمكن من العودة بقوة للمنافسة واستعادة عرشها في مجال البحث.

ومن يذكر أن “غوغل” لديها خبرة طويلة في جمع البيانات وتحليلها بطريقة متقدمة، مما يجعلها في موقع قوة إذا ما قررت الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بصورة كاملة، كما أن التحول الذي يقوده المستخدمون أنفسهم نحو البحث الصوتي وتفضيل مشاهدة المحتوى المرئي يوفر لـ”غوغل” فرصة للاستفادة من التكامل بين محرك البحث ومنصتها الشهيرة “يوتيوب”، التي تعد بالفعل المصدر الأساس لملايين الباحثين عن المعلومات المصورة حول العالم.

نقلاً عن : اندبندنت عربية