في مثل هذا اليوم، 24 يناير 2021، فقدت مصر والعالم الإسلامي واحدة من أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية، الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوي، التي رحلت عن عالمنا إثر إصابتها بفيروس كورونا، تركت بصمة لا تُنسى في مجال الدعوة وأعمال الخير، وكانت نموذجًا يُحتذى به في العطاء والعمل لخدمة المجتمع.
نشأتها ومسيرتها العلمية
- وُلدت عبلة الكحلاوي في بيت فني وديني، فهي ابنة الفنان والمنشد الراحل محمد الكحلاوي، الذي أثرى الفن الديني بأعماله.
- درست عبلة الكحلاوي في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر وتخصصت في الفقه والشريعة الإسلامية.
- حصلت على الماجستير في الفقه المقارن عام 1974، ثم الدكتوراه عام 1978، وبدأت مسيرة أكاديمية متميزة، حيث تولت عدة مناصب تعليمية منها رئاسة قسم الشريعة في كلية التربية بمكة المكرمة عام 1979.
- لم تقتصر أدوارها على التدريس الأكاديمي فقط، بل امتدت لتشمل إلقاء الدروس في المسجد الحرام والجامع الأزهر، حيث كانت تجذب مئات النساء لتعليمهن أمور دينهن بطريقة مبسطة وراقية.
إسهاماتها في العمل الخيري
عُرفت الدكتورة عبلة الكحلاوي بجهودها الكبيرة في خدمة الفقراء والمحتاجين. أسست جمعية الباقيات الصالحات، والتي أصبحت واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية في مصر، حيث تقدم خدماتها لرعاية الأطفال الأيتام ومرضى السرطان وكبار السن المصابين بالزهايمر.
كانت الجمعية تهدف إلى تقديم خدمات طبية واجتماعية متكاملة، حيث وفرت الرعاية المنزلية والخدمات الصحية للمسنين، بالإضافة إلى إنشاء دور خاصة تحمل اسم “أمي وأبي” لتقديم الرعاية الكاملة لكبار السن بالمجان.
دروسها في الحياة: الإنسانية قبل كل شيء
كان اهتمامها بالضعفاء والمحتاجين نابعًا من تجاربها الشخصية ومعايشتها لقصص مؤثرة، حيث عبرت في لقاءات عدة عن ألمها من جحود الأبناء تجاه آبائهم، خاصة في حالات المرض. تحدثت عن المواقف الإنسانية التي واجهتها قائلة:“رأيت مئات القصص التي تبكي لها العيون من تخلي الأبناء عن آبائهم وأمهاتهم في أوقات الحاجة.”
وكانت تؤكد دائمًا على أهمية البر بالوالدين، داعية المجتمع إلى التحلي بالرحمة وتقدير كبار السن.
رؤيتها للسوشيال ميديا وأثرها على المجتمع
رغم إدراكها لخطورة السوشيال ميديا واعتبارها “الشيطان الأكبر” أحيانًا، إلا أنها كانت تؤمن بأنها سلاح ذو حدين. قالت في تصريحات سابقة:“يمكننا استغلال السوشيال ميديا لنشر الدين وحب الوطن، لكن علينا الحذر من الشائعات التي يمكن أن تدمر مجتمعاتنا.”
ودعت الشباب إلى التوازن بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتحقيق الاستفادة منها دون الوقوع في فخاخها السلبية.
آراؤها عن الطلاق وأسس الزواج
كانت الدكتورة عبلة الكحلاوي تتحدث دائمًا عن أسباب زيادة نسب الطلاق في المجتمعات الحديثة، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في الابتعاد عن المنهج النبوي في اختيار شريك الحياة. وقالت:“الشباب اليوم يبحثون عن المال والمظاهر بدلًا من الالتزام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين.”
كما انتقدت التصرفات السلبية التي تؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية، مثل إفشاء أسرار البيوت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الزواج الناجح يحتاج إلى التفاهم واحترام الخصوصية.
إرث لا يُنسى
بوفاة الدكتورة عبلة الكحلاوي، فقدت الأمة الإسلامية داعية كانت تمثل مزيجًا من العلم والإنسانية. تركت إرثًا ضخمًا من الأعمال الخيرية والدروس العلمية، التي ستبقى نورًا يضيء الطريق لمن يبحث عن الخير والإصلاح في المجتمع.
نقلاً عن : الوفد