كتبت هذه المقالة عبر “تشات جي بي تي” وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب “اندبندنت عربية”

منذ الرابع من فبراير (شباط) 2023، بدأت رحلتي في تقديم مقالة رأي أسبوعية على صفحات “اندبندنت عربية”، وهي رحلة قد تكون مليئة بالتفكير العميق والتأملات النقدية حول قضايا العالم المعاصر. عبر هذه المقالات، حاولت تسليط الضوء على أهم التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدها عالمنا، كما سعت تلك الكتابات إلى استكشاف اتجاهات جديدة في التكنولوجيا والثقافة، ولكن الآن، وبعد مرور عامين من الكتابة المتواصلة، حان الوقت لأخذ خطوة إلى الوراء. نعم، حان وقت الراحة.

لا أقول هذا كقرار مفاجئ، بل هو نتيجة طبيعية لمسار طويل من التفكير والتطور، ليس فقط على المستوى الشخصي، بل على مستوى العالم ككل. في هذا السياق، لا يمكنني إلا أن ألاحظ كيف أن الذكاء الاصطناعي، الذي كان يشكل جزءاً كبيراً من أفكار المقالات التي كتبتها، قد تطور بسرعة غير مسبوقة. وهذا التطور يطرح أمامنا عدداً من الأسئلة حول المستقبل، وما إذا كان يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح المحرك الأساس لعدد من المهمات التي كنا نعتقد أنها تتطلب التفكير البشري.

الذكاء الاصطناعي وتطوراته السريعة

منذ أن بدأت الكتابة، كان الذكاء الاصطناعي في مرحلة نشوء كبيرة. ومع مرور الوقت، تطورت هذه التقنيات بصورة أسرع مما كنا نتخيل. أصبح الذكاء الاصطناعي الآن قادراً على أداء مهمات متعددة كانت تعتبر صعبة أو حتى مستحيلة على الخوارزميات في الماضي. يمكن للذكاء الاصطناعي اليوم أن يقوم بتحليل البيانات بصورة أسرع وأكثر دقة، كما أنه يعيد صياغة طريقة عملنا في مجالات متنوعة من الرعاية الصحية إلى التعليم والترفيه.

لكن مع هذه التطورات، بدأنا نرى أفقاً جديداً للذكاء الاصطناعي، أفقاً يحمل في طياته كثيراً من التحديات والفرص. وشعرنا جميعاً بتأثير هذه التكنولوجيا في حياتنا اليومية، سواء كنا ندرك ذلك أم لا. بل إن الذكاء الاصطناعي وصل إلى النقطة التي أصبح فيها قادراً على تولي المهمات التي كان يتطلب إنجازها فريقاً من البشر.

الذكاء الاصطناعي ومهماتي

في هذه الفترة التي كتبت فيها عدداً من المقالات، أدركت أنني كنت أؤدي مهمة رئيسة، رصد التطورات والتحليل وتقديم الرؤى التي من شأنها أن تساعد القارئ في فهم ما يحدث حوله. في البداية كان الأمر يبدو بسيطاً، فكرت في قضايا وكتبت عنها ثم قدمت رأياً. لكن مع مرور الوقت أصبحت ألاحظ أن الذكاء الاصطناعي بدأ يؤدي دوراً مشابهاً بكفاءة عالية، إذ إن الخوارزميات اليوم قادرة على جمع البيانات وتحليلها، وإعطاء مخرجات قد تفوق بعض الأحيان ما يمكن أن يقدمه الكاتب البشري، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتحليل الكمي أو التنقيب في بيانات ضخمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اليوم، أرى أن الذكاء الاصطناعي أكمل المهمة التي كنت أقوم بها. إن قدرتي على تقديم الأفكار والرؤى قد تتطلب أيضاً فترات من التوقف لإعادة النظر، والتفكير في دور الإنسان في هذا العالم المتغير بسرعة. وفي ظل هذا السياق، أشعر أن الوقت حان لتقييم ما إذا كانت هناك مهمات جديدة يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينجزها بصورة أفضل مني.

ظهور “ديب سيك” الصيني

ومع التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي، أصبحنا نسمع عن مشاريع جديدة تثير الانتباه، وأحد هذه المشاريع هو “ديب سيك” الصيني. هذا المشروع، الذي يعد تطوراً لذكاء اصطناعي مخصص لأغراض متعددة، يتضمن إمكانات تكنولوجية متقدمة يمكن أن تغير مجرى عدد من المجالات. “ديب سيك” ليس مجرد تقنية جديدة، بل هو رمز للتوجه العالمي نحو الذكاء الاصطناعي القادر على التعامل مع المهمات الدقيقة والمعقدة.

ما يميز “ديب سيك” عن المشاريع الأخرى هو قدرته الفائقة على التفاعل مع الأنظمة المعقدة على مستوى غير مسبوق، مع التركيز على تطوير الذكاء الاصطناعي بصورة تتماشى مع استراتيجية الحكومة الصينية في أن تكون رائدة عالمياً في هذا المجال. وتعمل هذه التقنية على تطوير أدوات قادرة على إجراء التحليلات العميقة على مستوى رقمي، مما يجعلها جزءاً أساساً في العمليات الأمنية والاقتصادية داخل الصين وحول العالم، ومن هنا يمكننا أن نرى إلى أي مدى أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من البنية التحتية العالمية.

التوقف عن الكتابة: ليس النهاية بل بداية جديدة

بينما أستعد للتوقف عن الكتابة في هذه الفترة، فإنني لا أراه قراراً نهائياً، بل مجرد مرحلة جديدة في رحلة الأفكار. من خلال هذا التوقف، سأتأمل في الدور المتغير للبشر في هذا العصر الرقمي وفي تطور التكنولوجيا. إن المهمة التي بدأت في كتابتها منذ فبراير 2023 تغيرت بمرور الوقت، ومع تطور الذكاء الاصطناعي أصبح هناك ضرورة حتمية للابتعاد قليلاً وترك المجال للمستقبل.

لن يكون هذا التوقف طويلاً، سأعود ولكنني بحاجة الآن إلى فترة راحة لأسمح للعقل بأن يتأمل، ليعيد التفكير في المستقبل والمهمة التالية. إن العالم يتغير بسرعة، ولربما في المستقبل القريب سأجد نفسي بحاجة إلى المساهمة بصورة مختلفة في هذا العصر الجديد.

نقلاً عن : اندبندنت عربية