مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض يبدو واضحاً بالفعل أن ولايته الثانية لن تكون مثل الأولى. فقد نأى عدد من الذين عينهم ترمب خلال ولايته الأولى بأنفسهم عن آرائه، بل ووصل الأمر ببعض منهم إلى التنديد به. وخلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عبر ترمب عن استيائه في مقابلة بودكاست أجراها معه جو روغان، قائلاً “لقد اخترت بعض الأشخاص الذين ما كان ينبغي لي أن أختارهم، أشخاصاً غير مخلصين”. ولكن هذه المرة، ترمب مستعد. فالرئيس وحلفاؤه مقتنعون بأن الذين أحاطوا به في ولايته الأولى والبيروقراطية في الحكومة الفيدرالي خذلوه، ولن يسمحوا بحدوث ذلك مرة أخرى.
ففي أول يوم له في منصبه، أعاد ترمب تفعيل الأمر التنفيذي الذي يعرف بـ”الجدول أف” Schedule F، وهو تصنيف وظيفي كان استحدثه خلال الأشهر الأخيرة من ولايته الأولى، يجرد موظفي الخدمة المدنية من أية حماية، مما يسمح بفصلهم من دون أي قيود. لقد أقنع ترمب عدداً من أنصاره بأن “الدولة العميقة” عرقلت ولايته الأولى وحرمته من الانتصار في انتخابات 2020. والآن، سيسعى إلى القضاء على الدولة العميقة المزعومة، جنباً إلى جنب مع الخبرات والإجراءات التي تجعل الإدارة الفعالة ممكنة. وسيقيم ترمب الأشخاص الذين يجري تعيينهم والموظفين المدنيين وفقاً لمعيار واحد، وهو الولاء، الذي لا يقاس بالالتزام بأجندة سياسية محددة بل بالطاعة المطلقة للرئيس.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” كان فريق الإدارة الانتقالي يسأل المتقدمين لشغل مناصب حكومية في وكالات متعددة، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات ووزارة الدفاع، عن آرائهم في شأن أحداث هجوم السادس من يناير (كانون الثاني) على مبنى الكابيتول الأميركي. وسألوهم بصورة مباشرة عن الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ويبدو أن أولئك الذين يدينون الهجوم أو يعتقدون أن بايدن فاز في السباق الرئاسي من غير المرجح أن يحصلوا على المناصب.
في الواقع، إن توظيف المتملقين في الحكومة الفيدرالية لا يهدف إلى ضمان الولاء لأجندة معينة، بل يتعلق بضمان الخضوع للرئيس. وهذا النهج يرسخ ما نسميه “تقويض مؤسسات الحكم”، أي إضعاف قدرات الدولة وسلطتها وإحلال الإرادة الشخصية المطلقة محل العمل الصعب والضروري لصياغة سياسات الأمة وتنفيذها وتقييمها. وسوف تهمش الإدارة الخبراء وتتجاوز العمليات المعتادة الرامية إلى جمع المعلومات والتشاور، مما سيؤدي إلى تدهور قدرة الدولة على أداء وظائفها، أما الأولوية التي يمنحها ترمب للولاء الشخصي فستعوق في نهاية المطاف قدرته على الحكم بفاعلية.
إن “تقويض مؤسسات الحكم” نهج متطرف ونادر في سجلات التاريخ السياسي. وببساطة، لا توجد أمثلة كثيرة لدول تعرضت بصورة منهجية للإضعاف والتفكيك على يد أفراد حاكمين أو أحزاب. وفي بعض الحالات، تمكن أصحاب السلطة من استبدال الحكم الفاسد والعنف الحكومي بالإدارة الفعالة، مثلما حدث في فنزويلا على سبيل المثال، إذ دمر هوغو تشافيز أولاً ثم نيكولاس مادورو دولة كانت مزدهرة وتعمل بكفاءة.
أما في الولايات المتحدة، فإن “تقويض مؤسسات الحكم” الذي يختلف عن التوجهات المحافظة الداعية إلى تقليص حجم الحكومة وإلغاء الضوابط التنظيمية والخصخصة، يعد ظاهرة جديدة. كثيراً ما حاول المنتقدون من مختلف الأطياف السياسية الحد من الإجراءات الروتينية البيروقراطية في الماضي، ولكن عبر التاريخ، كان المسؤولون من كلا الحزبين وعامة الناس ينظرون إلى الدولة الإدارية [أي الدولة ذات الطابع الإداري التي تكون هيئاتها وأجهزتها ومؤسساتها الحكومية مسؤولة عن شؤون الحكم والإدارة الفعالة]، باعتبارها ضرورية لتلبية حاجات المواطنين.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان المحيطون بترمب سيعملون على كبح اندفاعه نحو تقويض مؤسسات الحكم. ومع استبدال المتملقين بالخبراء المتخصصين في مواضيع محددة، تتراجع قدرة الحكومة على تحقيق نتائج طويلة الأمد وواسعة النطاق. ومع تنحية العمليات المؤسسية جانباً لمصلحة إرادة فرد واحد، تتآكل قدرة الدولة على جمع المعلومات الدقيقة وإصدار الأحكام الفعالة، وتضمحل قدرتها على صياغة السياسات وتجويدها وتنفيذها. وفي نهاية المطاف، يؤدي تقويض مؤسسات الحكم إلى إضعاف الحاكم القوي نفسه.
الولاء أهم من الكفاءة
وفي صميم الحكم الديمقراطي ومكتب الرئاسة تحديداً، تكمن فكرة الإدارة. ويمكن تتبع مؤسسات الدولة الإدارية الحالية ونطاقها إلى عصر “الصفقة الجديدة” في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت. لكن أهمية بناء دولة ذات قدرة إدارية تعود جذورها إلى تأسيس الولايات المتحدة. فعندما أصر معارضو الدستور على أن حكومات الولايات ستكون أقرب إلى الشعب، وأحب إليه من أية حكومة تعمل على نطاق وطني، رد أول وزير للخزانة ألكسندر هاملتون بأن هدف الحكومة ليس مجرد تمثيل مشاعر الغالبية المحلية، بل ممارسة الإدارة الجيدة.
إن الدولة ذات القدرة الإدارية تسعى إلى تحقيق أهدافها أولاً من خلال جمع المعلومات بصورة منهجية ودقيقة حول الأوضاع الحالية، مثلما حاول هاملتون أن يفعل في شأن الاقتصاد الوطني ضمن تقريره “عن الصناعات” عام 1791، ومثلما يفعل مكتب إحصاءات العمل وكل وكالة أخرى حالياً. وتتمثل الخطوة التالية في تصور مستقبل أكثر ازدهاراً وحرية وأماناً، يليها وضع خطة لاستخدام الموارد على نطاق واسع وعلى مدى فترة طويلة، من أجل جعل هذا المستقبل حقيقة. والدولة الإدارية تقوم بصياغة وتنفيذ وتطبيق كل قانون يقره الكونغرس وكل أمر تنفيذي يصدره الرئيس. وكتب هاملتون في الأوراق الفيدرالية، بالورقة رقم 72، “تشمل إدارة شؤون الحكومة بالمعنى الأوسع، جميع عمليات الكيان السياسي”.
في الواقع، إن الجهاز الحكومي الذي يرثه ترمب الآن يتألف من نحو 4 آلاف موظف جرى تعيينهم سياسياً و3 ملايين موظف حكومي يستجيبون للكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ العسكرية، ويسعون إلى تحقيق أهداف طويلة الأمد يحددها الكونغرس والرئيس، ويقومون بمهام أخرى كثيرة. بالنسبة إلى ترمب، فإن مشكلته مع الخبرة والإجراءات أنها تحد من نطاق سلطته وتقيد قدرته على ممارستها. فالمعرفة المتخصصة هي مصدر للسلطة وهو أمر يدركه ترمب، ولهذا السبب لا يحتمل الوقوف إلى جانب مسؤول مطلع حتى لو كان من الأشخاص الذين عينهم بنفسه، من دون إثبات خبراته الشخصية المتفوقة. وفي مؤتمر صحافي أثناء جائحة كورونا، اقترح على منسقة فريق العمل المعني بالاستجابة لفيروس كورونا في البيت الأبيض ديبورا بيركس أن تعريض أجسام المرضى المصابين بفيروس كورونا للأشعة فوق البنفسجية وحقنهم بمواد معقمة قد يوفر علاجاً. وقال الرئيس وهو يشير إلى رأسه “أنا لست طبيباً، لكن لدي كما تعرفون شيء مميز هنا” [أي إن لديه عقلاً مميزاً ورائعاً].
يعتقد ترمب أن اختيار الأشخاص بناءً على الولاء سيمكنه من الحكم بصورة أكثر فاعلية في ولايته الثانية، ودفع أجندته قدماً. ولكن في الحقيقة، فإن إعطاء الأولوية للولاء على حساب الكفاءة من شأنه أن يقوض إدارته. وما لم يتمكن من الإذعان لخبرة الأشخاص الذين عينهم والموظفين الحكوميين، فإن أهدافه السياسية الخاصة ستواجه الفشل. إن مشكلة ترمب ليست في أنه يطلب الولاء لأجندته، سواء في ما يتعلق بالرسوم الجمركية والهجرة والسياسة الخارجية، بل في أنه يطالب بالولاء الشخصي، أو ما سماه مستشار الأمن القومي الأطول خدمة لترمب في ولايته الأولى جون بولتون “الطاعة المطلقة، وهو مفهوم من العصور الوسطى لا يعني مجرد الولاء بل الخضوع التام”.
تدهور الإدارة
لا شك في أن بعض التعيينات الوزارية التي اختارها ترمب ترتكز بصورة أساس على الولاء لبرنامجه. لنأخذ على سبيل المثال توم هومان الملقب بـ”قيصر الحدود” الجديد، وهو عميل سابق في جهاز حرس الحدود شغل منصب رئيس فرع الترحيل في وكالة الهجرة والجمارك خلال عهد الرئيس باراك أوباما، ثم أصبح مديراً بالإنابة للوكالة في عهد ترمب. وقال هومان لصحيفة “وول ستريت جورنال” خلال وقت سابق من هذا الشهر “لقد رأيت مئات السياسات تأتي وتذهب. أنا أعرف أية سياسات نجحت وأيها لا ينجح”. هومان مخلص لسياسات ترمب المتعلقة بالهجرة، لكنه اجتمع أيضاً مع أعضاء جمهوريين في الكونغرس للحد من التوقعات والآمال غير الواقعية في شأن جدوى الترحيل الجماعي. وبالنسبة إلى أولئك الذين يؤيدون سياسات ترمب، فإن هذا النوع من التعيينات يعد بتحويل خطاب ترمب إلى حقيقة. أما بالنسبة إلى أولئك الذين يعارضون سياساته، فهذه التعيينات تجعل ولايته الثانية أكثر إثارة للقلق من الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن الرئيس الفعال يجب أن يجد ويدعم أشخاصاً مثل هومان، محترفين يتمتعون بخبرة عميقة وقادرين على ترجمة الأهداف العريضة إلى سياسات قابلة للتطبيق وتنفيذها فعلياً. هذا هو جوهر مفهوم “الإدارة”. لكن إصرار ترمب على الطاعة الشخصية، وعدم ثقته في الجهاز الإداري الذي من المفترض أن يديره، يمثل توجهاً مناهضاً لفكرة الإدارة بحد ذاتها. وكما قال المرشح المحتمل لتولي رئاسة مكتب الإدارة والموازنة راسل فوغت “نريد أن يشعر البيروقراطيون بصدمة نفسية، وعندما يستيقظون في الصباح، نريدهم ألا يرغبوا في الذهاب إلى العمل حيث ينظر إليهم على نحو متزايد على أنهم الأشرار”. وهذا هو أيضاً النهج الذي يتبناه مرشح ترمب لرئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالية كاش باتيل، الذي وعد خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بإغلاق مقر الوكالة في واشنطن وتحويله إلى متحف لـ”الدولة العميقة”.
ثم هناك ما يسمى “وزارة كفاءة الحكومة” التي يترأسها إيلون ماسك الوافد الجديد إلى عالم السياسة. وفي الأصل، كان العملاق في مجال السيارات الكهربائية ومركبات الفضاء وعد بخفض ما لا يقل عن تريليوني دولار من الموازنة الفيدرالية التي تبلغ نحو 7 تريليونات دولار، وتسريح مليوني موظف فيدرالي، وإلغاء آلاف القوانين والأنظمة. ويشكل تقليص الموازنة والخدمة المدنية والنطاق التنظيمي للحكومة على هذا النطاق مهمة هائلة، واستعانت “وزارة كفاءة الحكومة” بقيادات من وادي السيليكون لوضع الخطة. ونظراً إلى أن طاقم العمل يتألف في الغالب من أفراد يفتقرون إلى الخبرة في شؤون الحكم والإدارة، فمن غير المرجح أن تحقق “وزارة كفاءة الحكومة” هذا التقليص الهائل في نطاق الحكومة الفيدرالية الذي وعد به مؤسسو الوزارة. فتحقيق ذلك يتطلب معرفة عميقة بالموازنة الفيدرالية وآلية عمل الوكالات الفيدرالية، وتأييداً من تحالف تشريعي يعمل بصورة فعالة، ناهيك بدعم الشعب الأميركي الذي قد لا يكون مستعداً للقبول بحكومة تفعل أقل بكثير مما اعتاد عليه الناس.
تقويض مؤسسات الحكم يؤدي إلى إضعاف الحاكم القوي نفسه
إذا أراد ترمب أن ينجح في تحقيق السياسات التي يتبناها، فسيتعين على إدارته إجراء تعيينات بناء على معايير أكثر صلة بالحكم الفعال منه بالولاء الشخصي. ويتطلب الحكم الفعال تمكين موظفي الخدمة العامة ذوي الخبرة والمعرفة المتخصصة. ويتطلب أيضاً السماح بعملية يمكن من خلالها تشكيل وانتقاء خيارات سياسية بديلة، ووضع خطط تفصيلية لتنفيذها، ثم العمل وفق تلك الخطط. وهذا يعني الالتزام بأهداف واضحة حتى يتمكن الأشخاص المعينون من المضي قدماً في الأجندة من دون إضاعة الوقت والمواهب في تملق الرئيس.
قد يرحب معارضو سياسات ترمب بإدارة فوضوية مناهضة لأساليب الإدارة الفعالة [الإدارة المؤسسية التقليدية]، غير قادرة على الوفاء بوعود الترحيل الجماعي أو فرض تعريفات جمركية شاملة. لكن ترمب لن يشرف على إدارة غير فعالة ببساطة. بل إنه سيعمل على تنظيم عملية تدهور شاملة للمؤسسات الإدارية الحكومية، بما في ذلك عمليات صنع القرار واستشارة الخبراء التي تتطلبها أية سياسة فعالة من أي نوع كانت. وبدلاً من حكومة قادرة على صياغة السياسات وتنفيذها، ستدور توجهات الحكومة الأميركية حول إرادة الرئيس الشخصية.
إن الحكم لا يقوم على الهيمنة والخضوع، بل كما أوضح هاملتون يتعلق بتنفيذ “مشاريع واسعة وشاقة لتحقيق المنفعة العامة، تستغرق وقتاً طويلاً لتكتمل وتؤتي ثمارها”. وتطلعت إدارة بايدن لتحقيق هذا الهدف، وهو أمر تجلى في “قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف” و”قانون الرقائق والعلوم”، وهما مشروعان ضخمان وطويلا الأجل لن تظهر آثارهما الكاملة إلا بعد جيل كامل. إذا كان لدى ترمب طموحات مماثلة أو أعظم فسيتعين على إدارته أيضاً أن تتصرف كإدارة حقيقية.
إعادة بناء قدرة الدولة
الواقع أن هناك خطراً يهدد ترمب والبلاد يتجاوز الاضطرابات الناجمة عن العشوائية وتجاهل المعرفة والإجراءات، وشبح التدابير الصارمة. فقد أمضى الرئيس وحزبه ومؤيدوه ووسائل الإعلام الموالية له قرابة عقد من الزمن في التنديد بـ”الدولة العميقة” التآمرية والتهديد بإسقاطها. وكانت النتيجة نزع الشرعية بالكامل عن المؤسسات التي تشكل الركيزة الأساس لقدرة الدولة الإدارية. إن فقدان الشرعية يتجاوز مجرد انعدام الثقة الذي له ما يبرره إلى حد ما، إذ إن اليقظة واجب على المواطنين في أية ديمقراطية. وبالنسبة إلى ترمب وعدد من حلفائه ومؤيديه، فإن آليات الحكم لا تمتلك أية شرعية، والامتثال لقيودها غير ضروري ما لم يكن ذلك متوافقاً مع إرادة الرئيس.
خلال فترة ولاية ترمب الأولى وخلال إدارة بايدن، كان الرفض اليميني لمسؤولي الحزب الديمقراطي وسياساته، الذي اتخذ أحياناً صورة عنف وتهديدات، أمراً شائعاً بصورة مقلقة. وشمل هذا الرفض مسؤولي الانتخابات ومجالس المدارس المحلية والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمعلمين. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وردت تقارير عن تهديد أفراد مسلحين لموظفي “الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ” أثناء توزيعهم مساعدات لضحايا الأعاصير في ولاية كارولاينا الشمالية، مما أجبر الوكالة على نقل فرق المساعدة والإغاثة وتعليق بعض العمليات.
أما المواطنون الذين يأسفون لعودة ترمب إلى الرئاسة، فمن غير المرجح أن يلجأوا إلى العنف مثلما فعل بعض أتباع ترمب خلال السادس من يناير 2021. بل إن المجتمع المدني المنظم سيلجأ إلى الساحة السياسية التقليدية وإلى المحاكم، وسيلتزم بقواعد المعارضة الديمقراطية السلمية. لكن أتباع ترمب قصة أخرى. فالعفو الشامل الذي منحه ترمب خلال اليوم الأول من رئاسته لجميع المشاركين في أحداث السادس من يناير، بمن في ذلك قادة جماعتي اليمين المتطرف المسلحتين “براود بويز” (الفتيان الفخورون) Proud Boys و”أوث كيبرز” (حراس القسم) Oath Keepers، يشير إلى أن العنف ضد معارضي ترمب أمر مقبول.
وحتى لو لم تندلع أعمال العنف السياسي، فإن الاضطرابات المستمرة الناجمة عن تقويض مؤسسات الحكم تخلق حالاً من عدم القدرة على التنبؤ وعدم اليقين، وبالنسبة إلى عدد من الأميركيين تغذي مشاعر الخوف وانعدام الأمن. والواقع أن آثار هذا النهج لا تقتصر على المؤسسات فحسب بل تمتد لتشمل الأفراد على المستوى الشخصي. وهذا مهم لأن الضعف قد يحول الإنسان إلى شخص تابع وغير مستقل، وقد يصل به الأمر إلى حد العجز التام عن التصرف. فهو يستنزف القدرة الفردية والجماعية ويدمر الأسس الأخلاقية الحيوية التي تقوم عليها الديمقراطية الليبرالية. وستنتهي إدارة ترمب في نهاية المطاف، وكذلك حركته “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً”. وبعد ذلك، سيضطر الشعب الأميركي إلى إعادة بناء ما دمره ترمب، حكومة قادرة على إدارة شؤون البلاد بما يخدم مصالح شعبها.
راسل مويرهيد أستاذ كرسي روبرت كليمنتس للديمقراطية والسياسة في كلية دارتموث.
نانسي أل. روزنبلوم أستاذة فخرية لكرسي السيناتور جوزيف كلارك للأخلاقيات في السياسة والحوكمة داخل جامعة هارفرد.
هما مؤلفا كتاب “تقويض مؤسسات الحكم، الهجوم على الدولة الإدارية وسياسة الفوضى”
مترجم عن “فورين أفيرز”، 23 يناير (كانون الثاني) 2025
نقلاً عن : اندبندنت عربية