يعيش الشارع والفضاء الأزرق في الجزائر جدلاً كبيراً بعد تداول صفحات تركمان سوريا لعلم يشبه الراية الجزائرية قالوا إنه علمهم الذي يمثلهم، مما اعتبره الجزائريون استنساخاً لعلمهم و”استفزازاً” مقصوداً في هذا التوقيت الذي يتزامن مع التطورات الحاصلة في العالم والشرق الأوسط وشمال أفريقيا خصوصاً.

تداول وجدل

ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومنشورات ومقاطع فيديو لعلم مستنسخ من الراية الجزائرية مع استبدال اللون الأخضر بالأزرق السماوي، والاحتفاظ باللون الأبيض والهلال والنجمة بالأحمر، يقال إنه علم دولة مزعومة باسم “تركمان سوريا”، مما فتح سجالات لا تزال مستمرة إلى الآن، بين من يعد الخطوة مقصودة لأغراض مشبوهة، فيما يرى آخرون أن الأمر عفوي دون خلفيات على اعتبار أن عديد الدول تتشابه راياتها في نقاط عدة.

وإذ يعود الكشف عن راية تركمان سوريا إلى سنة 2018 يبقى ظهوره هذه الأيام التي تتزامن مع الوضع الجديد الذي تعيشه سوريا والمنطقة مع سقوط نظام بشار الأسد، يثير كثيراً من القراءات والتأويلات.

تمييع الصورة

ويقول الناشط السياسي الجزائري سمير مزار في حديث إلى “اندبندنت عربية” إن ظهور علم تركمان سوريا خلال هذه الفترة، وهو الذي يتشابه مع الراية الجزائرية أمر وراءه محاولة تمييع صورة العلم الجزائري بين الدول، بخاصة أنه انتشر بقوة في فلسطين وعديد المناطق والمناسبات، مضيفاً أن الخطوة أثارت حفيظة الشعب الجزائري الذي اعتبر أن التدبير كان مخططاً له في دوائر.

ويتابع مزار أن ظهور علم تركمان سوريا في هذا التوقيت والترويج له بصورة واسعة يجعل الخطوة مقصودة، بخاصة أنه لم يظهر من قبل، موضحاً أن الجزائر لن يؤثر عليها الأمر في شيء، لا سيما أن رايتها معلومة وواضحة منذ استقلالها عام 1962، وأشار إلى أن علم فلسطين وعلم الصحراء الغربية لهما أوجه تشابه كبيرين، كما أن هناك دولاً عدة لهم رايات متشابهة، لذا فالأمر لا يشوش على الجزائر.

دلالات غير معروفة

من جانبه يعتبر عضو اتحاد الصحافيين في سوريا محمد عباس أن تركمان سوريا استنسخوا علماً يشبه علم الجزائر، والخبر منتشر في الجزائر بينما السوريين لا علم لهم بذلك، وقال إن الدولة السورية لا تعترف إلا بالعلم الوطني، واعتماد أية جهة أو أقلية علماً خاصاً بها مخالف للدستور السوري الذي كان معمولاً به قبل سقوط حكم بشار الأسد، ومن المفروض أن يكون الأمر ذاته بالنسبة إلى الحكومة السورية الجديدة التي لن تقبل بعلم آخر غير العلم الوطني رمزاً للبلاد. وختم بأن دلالات الخطوة غير معروفة وتبقى غامضة إلى حين.

 

 

إلى ذلك يعتقد متخصص التاريخ الحديث والمعاصر عبدالنور بن يحيى أن الأمر عفوي وغير مقصود، حيث ظهر منذ 2018 ليعبر عن التوحد التركماني في الفسيفساء السوري، لافتاً إلى أن العلم التركماني ليس مطابقاً لعلم الجزائر الذي به اللون الأخضر وليس الأزرق الذي يوحي إلى السماء التي لها خصوصية قديمة لدى الشعب التركماني. وأوضح أن جميع الرايات العربية تقريباً هناك تشابه كبير بينها، مع اختلاف في توزيع الألوان، مشدداً على أنه لا سبب للتفاعل والجدل لأن الأمر لا يمس بأحد.

العلم التركماني

التركمان السوريون أو تركمان سوريا هم مواطنون سوريون من أصل تركي عاشوا وأجدادهم في سوريا منذ العهد السلجوقي في القرن الـ11، وهم يشكلون ثالث أكبر مجموعة عرقية في البلاد، بعد العرب والكرد على التوالي.

واختار تركمان سوريا علماً موحداً لهم في الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، خلال مؤتمر جمعهم تحت اسم “العلم التركماني”، في مدينة الراعي بريف حلب الشمالي برعاية من المجلس التركماني السوري، وبحضور شخصيات من الحركة التركمانية وفصائل عسكرية تركمانية ومنظمات مجتمع مدني.

وقال المجلس التركماني إنه بعد التسليم المطلق والإقرار بعلم الثورة السورية اختار تركمان سوريا رايتهم التي سترمز إليهم وتمثلهم في كل المحافل السياسية والمجتمعية كمكون أساس ضمن الشعب السوري تحت سقف المشروع الوطني، ويتألف من ثلاثة ألوان، السماوي الذي رافق التركمان عبر التاريخ مع اللون الأبيض رمزاً للسلام والإنسانية، “مرصعاً بالهلال والنجمة المشبعة بدم شهدائنا على أرض الوطن سوريا”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشكل المجلس التركماني السوري عام 2013، خلال اجتماع عقد في العاصمة التركية أنقرة بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتشير بعض المراجع إلى أن تركمان سوريا بين من يعلمون بأصولهم التركية ومن لا يعلمون، وفي مختلف مراكز وجودهم، تراوح أعدادهم ما بين 3 و3.5 مليون نسمة.

تاريخ العلم الجزائري

في المقابل يؤكد المؤرخون أن من ميزات العلم الجزائري خلال الخلافة العثمانية هو اللون الأحمر الذي كان لوناً أساساً في البلدان الإسلامية، وكشفوا عن أن مصادر فرنسية ذكرت أن النقيب جو فروا، انتزع عند دخول القوات الفرنسية الغازية الأراضي الجزائرية سنة 1830 علماً أحمر من على حصن الداي، ونقلت كتب التاريخ رسماً لعلم الداي حسين الذي كان عبارة عن قطعة من الحرير الأحمر وسطها مقص مفتوح باللون الذهبي يرمز لذي الفقار، سيف الصحابي علي بن أبي طالب.

وقد عرفت الراية الجزائرية تغييرات وتطورات إلى سنة 1934، حيث قام أحد أعضاء حزب نجم شمال أفريقيا بتصميم العلم على شكله الحالي، وفق ما تذكر كتب التاريخ، وكان أول ظهور له بصورته النهائي والحالي عام 1945.

ويتضمن العلم الجزائري قسمين متساويين ملونين بالأخضر والأبيض، بينهما هلال ونجمة باللون الأحمر، إذ أعطيت دلالة لكل لون ورمز، فالأبيض رمز السلم بين البشرية، والأخضر التطلع إلى التقدم والرخاء، أما الأحمر فهو رمز فضيلة العمل الإنساني، والهلال والنجمة دلالة للانتماء إلى الإسلام.

نقلاً عن : اندبندنت عربية