في مشهدٍ يُجسّد توتّر العلاقات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، هبطت طائرة من طراز “بوينغ 737 ماكس” كانت مخصصة لشركة “شيامن إيرلاينز” الصينية، بشكل مفاجئ في مركز إنتاج الشركة بالولايات المتحدة، بعد أن قطعت رحلة عكسية من الصين عابرةً آلاف الكيلومترات، لتصبح أحدث ضحية في معركة الرسوم الجمركية المشتعلة بين العملاقين الاقتصاديين.
رحلة العودة الغامضة
الطائرة، التي وصلت إلى مطار “بوينغ” في سياتل مساء الأحد، كانت قد غادرت الصين مطلية بشعار “شيامن”، وتوقفت للتزود بالوقود في غوام وهاواي، قبل أن تحط مجددًا على الأراضي الأميركية، وسط صمت رسمي من الطرفين المعنيين.
وتشير التقديرات إلى أن الطائرة تُقدّر قيمتها السوقية بنحو 55 مليون دولار، ما يجعل استلامها تحت وطأة الرسوم الجمركية – التي ارتفعت مؤخرًا إلى 145% من الجانب الأميركي، مقابل 125% من الصين – عبئًا ماليًا يصعب على شركات الطيران تحمّله، في وقت تتدهور فيه مؤشرات الاقتصاد العالمي.
ورغم عدم الإفصاح عن الجهة التي قررت إعادة الطائرة، فإن مراقبين يرون في هذه الخطوة مؤشرًا خطيرًا على عمق الأزمة، خاصة وأن طائرات أخرى من نفس الطراز لا تزال عالقة في منشآت بوينغ بالصين، في انتظار تسليم قد لا يأتي قريبًا.
ويحذر محللون من أن هذا التخبط الناتج عن تقلب السياسات التجارية يُهدد بإرباك سوق الطيران العالمي، مع تفضيل بعض الشركات تأجيل استلام الطائرات الجديدة لتجنّب الوقوع في مصيدة الضرائب الباهظة.
من ناحية أخرى، ينعكس هذا التصعيد سلبًا على قطاع الشحن الجوي، إذ أظهر تقرير الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) تراجعًا بنسبة 0.1% في حركة الشحن خلال فبراير الماضي، وهو أول انخفاض منذ منتصف 2023، ما يعكس هشاشة السوق وتأثره المباشر بأي توترات جيوسياسية.
وبينما تبدو شركات الطيران منخفضة التكلفة أكثر قدرة على المناورة في هذه الظروف بفضل تركيزها على الرحلات القصيرة والركاب، فإن الآفاق الاقتصادية تظل قاتمة على نطاق أوسع، ما ينذر بمزيد من التحديات أمام قطاع الطيران العالمي.