<p class="rteright">من جو معرض "إستلهام" في القاهرة (خدمة المعرض)</p>
يعد “صالون الشباب”حدثاً رئيساً في المشهد التشكيلي المصري، إذ يمثل نافذة واسعة ومهمة لاستعراض التجارب الشابة والتعبير عن روح التجديد في الفن المصري المُعاصر. ومنذ انطلاقه عام 1989، حمل الصالون رسالة واضحة لدعم الشباب وفتح الآفاق أمامهم، وترسيخ مبدأ التواصل بين الأجيال.
أعلن الفنان وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري، عن أسماء الفائزين بهذه الدورة، والتي شملت مجموعة متنوعة من الفنون. الجائزة الكبرى (50 ألف جنيه): مُنحت مناصفة لـ منة الله مسعد وأحمد محمد عبد العال، في مجال التصوير. أما جائزة النحت فقد قسمت بين أحمد مجدي وأميرة أيوب. ووزعت بقية الجوائز الأخرى على مجالات الحفر والرسم والفنون الرقمية وفنون الأداء.
إضافة إلى الجوائز الرسمية، قدمت ثمانية غاليريات خاصة جوائز اقتناء لعدد من الأعمال، إلى جانب جائزة اقتناء أخرى مُقدمة من متحف هندية للفنون في الأردن. وقد ضمت الدورة مجالات فنية متعددة، من بينها النحت والتصوير والرسم والفوتوغرافيا والحفر والفنون الرقمية والتجهيز في الفراغ والأداء. هذا التنوع الكبير للأعمال جعل من الصالون منصة شاملة تُعبر عن مختلف الاتجاهات الفنية المعاصرة، مما يخلق حالة من الحوار بين الأفكار والأساليب المختلفة.
منذ انطلاقه، حقق “صالون الشباب” مكانة خاصة باعتباره ملتقى للإبداع والتجريب. وقد حمل الصالون على عاتقه مهمة دعم المواهب الناشئة، حيث أفرز العديد من الفنانين البارزين في ساحة التشكيل المصري. كان الصالون دائماً مساحة للجدل والنقاش، إذ تميز بتقديم أعمال جريئة تطرح تساؤلات حول الهوية الفنية والابتكار والتواصل مع التيارات العالمية. وقد أثار الصالون منذ دوراته الأولى جدلاً حول مدى ارتباطه بالهوية المصرية، حيث اعتبر البعض أن انفتاحه على الممارسات المُعاصرة يُمثل تهديداً لخصوصية الفن المصري. ولكن بمرور الوقت أثبت الصالون أن الفن لا حدود له، وأن الهوية يمكن أن تكون جزءاً من التجديد. وقد أفرز الصالون بالفعل خلال مسيرته العديد من المواهب والأسماء اللامعة في مجالات الفن المعاصر، فكان أشبه بمساحة للتفاعل والتعاطي مع الممارسات الجديدة.
اشكال إبداعية
يُحسب للصالون أنه ركز على التنوع الفني ودعم جميع أشكال الإبداع، مما أتاح الفرصة للفنانين الشباب في مجالات غير تقليدية. كما أن الجوائز السخية المقدمة من المؤسسة الرسمية كان لها دور فاعل بلا شك في تشجيع العديد من المواهب في بداية مسيرتها الفنية. ولكن من المهم أيضاً بعد هذه المسيرة الطويلة لحدث بهذه الأهمية أن يتم الحفاظ على استمرارية حضوره وفاعليته في ساحة الفنون البصرية في مصر. ربما كان علينا من الآن التفكير في مراجعة السياق المعتاد الذي جرى العمل عليه خلال هذه السنوات.
ونُشير هنا إلى مجموعة من النقاط التي يمكن أخذها في الحسبان، كآلية وأسلوب العرض مثلاً. فربما لم يعد مناسباً عرض كافة أنواع الأعمال جنباً إلى جنب، فهو أمر قد يُضعف من التركيز على القيمة الفردية لكل عمل، ويجعل المشاهد يشعر بالارتباك. يمكن إعادة التفكير من الآن في التنظيم وآلية العرض، كتخصيص قاعات منفصلة لكل نوع من الأعمال.
من النقاط المهمة أيضاً ضرورة إيجاد آلية مختلفة لمتابعة ودعم المواهب بعد انتهاء الحدث للمساهمة في تطورها. مع كل دورة جديدة، يُثبت صالون الشباب أهميته كداعم مهم للحركة التشكيلية المصرية. ومن أجل تعزيز هذه المكانة، يمكن تبني استراتيجيات جديدة مثل: إنشاء برنامج دعم دائم: يهدف إلى توفير ورش عمل ومنح دراسية للفائزين، أو على الأقل توفير برنامج لدعم المشاريع الفنية غير التقليدية، وهو أمر يمكن أن يتعاون فيه قطاع الفنون التشكيلية مع العديد من المؤسسات الخاصة والعامة أيضاً. يمكن كذلك البحث عن مسارات مختلفة للانفتاح على الممارسات والتجارب المهمة في العالم، كتوجيه الدعوة لفنانين عرب أو أجانب كضيوف شرف في كل دورة من دورات الصالون، وهو أمر مهم وضروري على مستوى التبادل الثقافي والفني.
إن “صالون الشباب” هو صورة مصغرة للحراك الفني في مصر، وهو يجمع بين عدد كبير من الفنانين في مساحة واحدة للتعبير عن أحلامهم وتطلعاتهم. ويمكن لهذا الحدث أن يكون منصة ليس فقط للتعبير الفني، بل للتغيير الثقافي والاجتماعي.
نقلاً عن : اندبندنت عربية