تراجعت العقود الآجلة للأسهم وارتفعت أسعار النفط أمس الأحد بعدما فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية واسعة النطاق على الواردات من شركاء تجاريين رئيسين، مما أدى إلى اضطراب توقعات “وول ستريت” في شأن الاقتصاد الأميركي.
وقاد مؤشر “ناسداك المركب”، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا التراجعات، إذ هبط بأكثر من اثنين في المئة، بينما انخفض مؤشر (أس أند بي 500) بنسبة 1.6 في المئة، وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر “داو جونز الصناعي” بنحو 1.1 في المئة.
وأعلنت إدارة ترمب في الأيام الأخيرة أن تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على السلع القادمة من كندا والمكسيك، إضافة إلى رسم بنسبة 10 في المئة على الواردات الصينية، ستدخل حيز التنفيذ بدءاً من غد الثلاثاء، وحتى إمدادات الطاقة الكندية، بما في ذلك النفط الخام الرخيص الذي يضخ إلى مصافي الغرب الأوسط الأميركي، ستواجه رسوماً بنسبة 10 في المئة.
وارتفعت العقود الآجلة لخام “غرب تكساس الوسيط”، وهو المعيار القياسي للنفط الأميركي، بنحو اثنين في المئة مساء الأحد، ليجري تداولها عند 74 دولاراً للبرميل.
خلال حديثه في المكتب البيضاوي الجمعة الماضي، أشار الرئيس الأميركي إلى أن التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين ليست سوى بداية المواجهة، متعهداً بفرض ضرائب إضافية على أشباه الموصلات والأدوية والصلب والألمنيوم والنحاس بحلول منتصف فبراير (شباط) الجاري.
وقال ترمب “سيحدث ذلك قريباً جداً”، مضيفاً أنه يريد أيضاً رفع الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي، الذي قال إنه “عاملنا بصورة سيئة للغاية”.
ويواجه المستثمرون والمتداولون صعوبة في تقدير التداعيات المحتملة للنزاعات التجارية، بخاصة مع عدم وضوح نطاق الردود الانتقامية من الدول الأخرى وتأثيرها في الشركات الأميركية المصدرة.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هذا الأسبوع إن بلاده سترد بالمثل عبر فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات أميركية بقيمة 105 مليارات دولار بدءاً من الثلاثاء.
وتشمل القائمة الأولية، التي تضم أكثر من 1000 منتج، سلعاً مثل السجائر والويسكي والدراجات النارية والأسلحة، مع توقع فرض رسوم إضافية لاحقاً على السيارات والصلب والألمنيوم، ومن المتوقع أن تعلن المكسيك عن إجراءاتها الانتقامية اليوم الإثنين.
ارتفاع الدولار
وتشعر “وول ستريت” بقلق خاص إزاء احتمال أن تتخذ الصين إجراءات مماثلة، وأوضحت “غولدمان ساكس” لعملائها أن أي محاولة لحماية الشركات الصينية عبر إضعاف اليوان “قد يكون لها تداعيات واسعة على الأسواق”، لكنها أشارت إلى أن حال المفاوضات واحتمال التراجع السريع عن هذه السياسات يجعلان الأمر أكثر غموضاً.
أمس الأحد ارتفعت قيمة الدولار الأميركي مقابل سلة من العملات الأجنبية، متداولاً عند أعلى مستوياته منذ أن بدأ “الاحتياطي الفيدرالي” في 2022 رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم.
ويتوقع أن يشكل ارتفاع الدولار ضغطاً على عديد من الشركات التي تبيع السلع والخدمات في الأسواق الخارجية.
وأدت تعهدات ترمب بإبعاد الولايات المتحدة عن التجارة الحرة، إلى جانب وعوده بخفض الضرائب، إلى رفع توقعات عديد من المستثمرين في شأن التضخم، وأدى البيع المكثف للسندات في الأشهر الأخيرة إلى ارتفاع عوائد ديون الحكومة الأميركية الطويلة الأجل، التي تعد محركاً رئيساً لكلفة الاقتراض، مما يبرز كيف يمكن لتصاعد النزاعات التجارية أن يمتد تأثيره عبر الاقتصاد.
قطاع السيارات من بين الأكثر عرضة للرسوم الجمركية
ويعد قطاع السيارات من بين الأكثر عرضة للرسوم الجمركية، وفقاً للاقتصاديين والمراقبين في الصناعة، ووفرت المكسيك نحو 42 في المئة من واردات الولايات المتحدة من قطع غيار السيارات العام الماضي، بينما أسهمت كندا بنحو 13 في المئة، في حين قد يؤدي فرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المئة على هذه الأجزاء، التي تعبر الحدود مرات عدة قبل التجميع النهائي، إلى تأثير مباشر في أرباح شركات صناعة السيارات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين أن جزءاً كبيراً من مخزون السيارات في الولايات المتحدة، لشركات مثل “فولكسفاغن” و”هوندا” و”ستيلانتس” و”نيسان” و”جنرال موتورز”، يصنع في كندا أو المكسيك، مما يجعل إيراداتها عرضة للضرر.
التداعيات على شركات الطاقة وتجارة الأخشاب
ليست الضريبة البالغة 10 في المئة على النفط الخام الكندي وإمدادات الطاقة الأخرى مرتفعة بالقدر الذي كانت تخشاه السلطات الكندية، ومع ذلك ارتفعت عقود البنزين والديزل الآجلة للتسليم في ميناء نيويورك بأكثر من اثنين في المئة ليلة الأحد.
وفي شركة “فاليرو إنيرجي” قال المسؤولون التنفيذيون الخميس لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الارتفاع المفاجئ في كلفة النفط الخام قد يجبرها على تقليص الإنتاج في مصافيها الأميركية. وتتركز منشآت هذه الشركة العملاقة لإنتاج الوقود بصورة أساس على ساحل الخليج الأميركي، إذ يمكن للمصافي الاستيراد من دول أخرى.
لكن شركات إنتاج الوقود في الغرب الأوسط الأميركي والمستهلكين هناك، ممن يعتمدون على الشحنات القادمة من كندا، قد يضطرون إلى تحمل جزء أكبر من الكلفة النهائية لهذه الرسوم الجمركية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “فاليرو”، لين ريغز، في مكالمة أرباح مع المحللين، “عندها، سنضطر فقط إلى الانتظار لنرى إلى متى ستستمر هذه الإجراءات.”
وستؤدي التعريفات الجمركية إلى رفع كلف التصنيع الأساس في مناشر الخشب الكندية بنسبة 25 في المئة، ومن المرجح أن تؤدي إلى تقليص الإنتاج أو حتى إغلاق بعض المنشآت، مما سيرفع الأسعار في الولايات المتحدة، بحسب وسيط الأخشاب في كولورادو، ستينسون دين، الذي خزن كميات أكبر من المعتاد تحسباً لهذا الوضع.
وأضاف دين “هذا القرار سيجعل جزءاً كبيراً من الإنتاج الكندي غير قابل للبيع بين ليلة وضحاها، أي كمية من الخشب متاحة للبيع اليوم، وأثق أن الكمية ستكون أقل بعد 90 يوماً من الآن”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية