قال سيباستيان جوركا، المرشح لتولي شؤون مكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه ينبغي على مختلف الدول إعادة مواطنيها الدواعش المحتجزين في السجون شمال شرقي سوريا، والتي تشرف عليها “قوات سوريا الديمقراطية”.

وربط جوركا بين متانة التحالف مع بلاده واستعادة الدول لمواطنيها الدواعش في سوريا، مشيراً إلى المملكة المتحدة على وجه الخصوص بوصفها الحليف الأقرب للولايات المتحدة عبر الأطلسي والشريك في الحرب على الإرهاب بالشرق الأوسط.

المسؤول الأميركي الجديد أوضح أن هذه الخطوة “سوف تساعد في تأسيس علاقة جيدة بين بريطانيا والرئيس العائد إلى البيت الأبيض”، ولكن الأمر ليس هين التنفيذ وقد تجنبته حكومات لندن المتعاقبة منذ انتهاء الحرب على “داعش” في نهاية عام 2017.

قائمة الدواعش البريطانيين في سجون قوات “قسد” تضم 40 طفلاً و20 رجلاً و20 امرأة من بينهم شميمة بيجوم أو “عروس داعش” التي خسرت العام الماضي استئنافها الأخير ضد قرار الحكومة تجريدها من جنسيتها لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ومجموع هؤلاء يكاد لا يذكر مقارنة بإجمالي المحتجزين حيث تشير التقديرات إلى نحو عشرة آلاف عنصر للتنظيم الإرهابي، يُصنف نحو 2000 منهم على أنهم “خطيرون للغاية”. 

مأزق المملكة المتحدة في التعامل مع المطلب الأميركي بشأن الدواعش من حملة الجنسية البريطانية يمتد على دول عدة، كما أن الحديث حول مستقبل سجون عناصر التنظيم الإرهابي في سوريا لم يتوقف منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل أكثر من شهر، وتفجر المواجهات بين “قسد” وفصائل عسكرية مدعومة من تركيا في مناطق مختلفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقع نحو عشرة سجون للدواعش شمال شرقي سوريا في مناطق تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” المتحالفة مع الولايات المتحدة، ولكن تعتبرها أنقرة تهديداً رئيسياً للأمن القومي وتعتبرها امتداداً لمسلحي حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الدولة التركية منذ عام 1984 ومصنف على قوائم الإرهاب في أميركا والاتحاد الأوروبي.

في سياق مطالبة أنقرة لواشنطن بالتخلي عن تحالفها مع “قسد” بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، عرض وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن تتولى بلاده إدارة سجون عناصر “داعش” في الجزيرة السورية، قائلاً إن “مساهمة قوات “قسد” في الحرب ضد التنظيم الإرهابي تقتصر فقط على إدارة السجون التي يحتجز فيها أعضاءه”.

فدان جعل سجون الدواعش المبرر الوحيد لعلاقة الولايات المتحدة مع قوات “قسد” أو الكرد شمال شرقي سوريا، والخيارات الأخرى التي قدمتها أنقرة لواشنطن في هذا الصدد، هي إعادة الدواعش المعتقلين إلى الدول التي يحملون جنسيتها أو تولي الإدارة السورية الجديدة مسؤولية سجون التنظيم الإرهابي في سوريا بدعم ومساعدة من تركيا.

بديل إقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن التحالف مع “قسد” هو قيام تركيا بعملية عسكرية للقضاء على وحدات “حماية الشعب” السورية التي تراها أنقرة امتداداً لـ”العمال الكردستاني”، أو يقبل الكرد بالانخراط في الجيش السوري الذي تعده السلطة الجديدة في دمشق، وتصبح المناطق التابعة لهم اليوم جزءاً من دولة مركزية لا تقبل التقسيم.

موقف واشنطن من عرض أنقرة لا يزال غامضاً، وهو رهن بالرئيس الأميركي الجديد الذي سيسكن البيت الأبيض في العشرين من يناير (كانون الثاني) الجاري، لكن ترمب تمتع بعلاقة جيدة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال ولايته الأولى التي تمكن خلالها الأتراك من شن عملية عسكرية شرق نهر الفرات السوري عام 2017.

ترمب أقر باليد الطولى لتركيا في سوريا بعد سقوط الأسد على يد فصائل المعارضة المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” التي يتزعمها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، ولكن ساكن البيت الأبيض الجديد رفض الإفصاح عن احتمال سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا كما كان يخطط خلال ولايته الأولى تاركاً الأمر لرأي البنتاغون.

ثمة مخاوف لدى المسؤولين الأميركيين من احتمال وقوع حالات هروب جماعية من سجون الدواعش، ومخاوف أكبر من عودة التنظيم الإرهابي إلى النشاط في سوريا بعد سقوط الأسد، وهو ما دفع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى القول إن “بلاده بحاجة لإبقاء قواتها في سوريا لمنع داعش من إعادة تشكيل نفسه كتهديد رئيسي”.

يوجد في سوريا اليوم نحو 2000 جندي أميركي لمواجهة “داعش”، وهو رقم أعلى بكثير من 900 جندي لطالما قال مسؤولون في واشنطن إنه العدد الإجمالي لقوات الولايات المتحدة في البلد الآسيوي الذي سيطر التنظيم الإرهابي على مساحات كبيرة من أراضيه عام 2015، وتعاونت دول عدة لتحريرها منه تحت راية تحالف دولي.

ونفذ “داعش” خلال العام الماضي عمليات نوعية داخل سوريا والعراق وخارجهما، كذلك استولى على مخزونات من الأسلحة ومعدات عسكرية خلفها الجيش السوري والميليشيات الموالية له بعد سقوط نظام الأسد قبل شهر، ووفقاً لتقارير مختصة مختلفة يعمل التنظيم الإرهابي حالياً على تدريب مجندين جدد وحشد قواته في البادية السورية.

نقلاً عن : اندبندنت عربية