نزل آلاف من الكوريين الجنوبيين إلى الشوارع اليوم السبت في تظاهرات مؤيدة ومناهضة ليون سوك يول، غداة فشل المحققين في تنفيذ مذكرة توقيف في حق الرئيس المعزول، مما يزيد من تعقيد أزمة سياسية متواصلة منذ شهر، أعقبت محاولته الفاشلة فرض الأحكام العرفية.
وتواجه كوريا الجنوبية أزمة سياسية لم تشهد مثيلاً لها منذ عقود، منذ أعلن الرئيس يون سوك يول في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2024 فرض الأحكام العرفية، قبل أن يتراجع عن ذلك بعد ساعات بموجب تصويت من البرلمان.
وبعدما امتنع الرئيس المعزول عن الامتثال لمذكرات استدعاء إلى التحقيق في القضية، علق المحققون أمس الجمعة مسعاهم إلى تنفيذ مذكرة توقيف قضائية صادرة في حقه، بعد مواجهة مع جهاز الأمن الرئاسي الذي يؤمن الحماية له في مقر إقامته.
آلاف المحتجين
والسبت احتشد آلاف المحتجين من المؤيدين ليون والمعارضين له خارج مقر إقامته وفي عدد من الطرق الرئيسة في سيول، مطالبين إما بتوقيفه أو اعتبار قرار عزله باطلاً.
في المقابل سعى أعضاء في الاتحاد الكوري لنقابات العمال، وهو أكبر تكتل نقابي في كوريا الجنوبية، للتقدم إلى مقر إقامة يون للتظاهر ضده، لكن الشرطة منعتهم من ذلك. وأكد الاتحاد أن الشرطة أوقفت اثنين من أعضائه، بينما أصيب عدد آخر في المواجهة مع عناصر الأمن.
ويواجه يون الملاحقة بشبهة “التمرد”، وهي إحدى المخالفات القليلة التي لا تشملها الحصانة الرئاسية، ويمكن لعقوبتها أن تصل إلى حد الإعدام.
وسيكون يون أول رئيس لكوريا الجنوبية يتم توقيفه وهو لم يزل في منصبه، في حال نفذ المذكرة الصادرة في حقه، التي تنتهي صلاحيتها الإثنين.
توقيف بخلفية فساد
وسعى مكتب التحقيق مدعوماً بفساد كبار المسؤولين إلى توقيف يون أمس، لكنه علق المحاولة في ظل الحماية التي يوفرها الأمن الرئاسي له. وقال المكتب إنه “سيتخذ القرار في شأن الخطوات المستقبلية بعد مراجعة إضافية”.
ودفعت الأزمة المتواصلة منذ شهر والمواجهة التي وقعت أمس بين المحققين وجهاز الحماية الرئاسي، بمكتب التحقيق والحزب الديمقراطي المعارض إلى الطلب من تشوي سانغ- موك، رئيس الجمهورية بالوكالة، إصدار أمر لجهاز الحماية بالتعاون في القضية.
ورفض اثنان من كبار المسؤولين في الحماية الرئاسية طلب الشرطة الحضور للاستجواب اليوم، وبررا ذلك بـ”الطبيعة الجدية” لمهمة حماية يون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبنتيجة المواجهة التي تردد أنها شهدت تدافعاً بين عناصر الأمن من دون تسجيل أي إطلاق نار، بات الغموض يحيط بمصير مذكرة التوقيف الراهنة.
ويمكن لمكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين أن يسعى إلى تنفيذ مذكرة التوقيف مرة أخرى قبل انقضاء مهلتها. وفي حال توقيف يون قبل الإثنين، ستكون أمام المكتب مهلة 48 ساعة لطلب إصدار مذكرة جديدة لتوقيفه رسمياً أو تركه.
وحددت المحكمة الدستورية تاريخ الـ14 من يناير (كانون الثاني) الجاري موعداً لبدء الجلسات في شأن المصادقة على قرار البرلمان عزل يون، التي يمكن لها أن تمضي حتى في حال غيابه عنها.
وسبق للرئيسين روه مو-هيون، وبارك غن-هي، أن غابا عن جلسات عزلهما. وأمام المحكمة مهلة ستة أشهر للبت في القضية، يحتفظ خلالها يون بمنصبه رسمياً لكن تكف يده عن ممارسة مهامه.
وكرر محامو يون التأكيد أن المذكرة في حقه “غير قانونية”، متعهدين “اتخاذ إجراءات قانونية في ما يتعلق بتنفيذ التفويض خلافاً للقانون”.
في المقابل اعتبر جهاز الأمن الرئاسي أن عناصر مكتب التحقيق “تطفلوا بصورة غير قانونية” على حرم مقر إقامة يون، مشيراً إلى أنه سيحملهم المسؤولية القانونية عن هذا الأمر.
ورأى محللون أن المحققين قد ينتظرون توافر دوافع قانونية إضافية قبل تكرار محاولة توقيف الرئيس المعزول.
تحدي يون
من جانبه أكد الرئيس يون لمناصريه اليمينيين هذا الأسبوع أنه سيواصل تحدي المحاولات التي تستهدفه “حتى النهاية”.
وقال مسؤول في مكتب التحقيق أمس إن 20 محققاً بمؤازرة 80 شرطياً شاركوا في العملية، لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي شكلوا جداراً بشرياً لمنعهم من المرور.
وأكد مكتب التحقيق أنه “يستحيل عملياً تنفيذ مذكرة التوقيف في ظل مواصلة المسؤولين في جهاز الأمن الرئاسي توفير الحماية” ليون.
وبدأت الأزمة المستمرة بلا أفق تثير مخاوف في شأن الاستقرار السياسي في البلاد. ودعت واشنطن الحليفة لسيول، المسؤولين السياسيين إلى العمل على رسم “مسار مستقر” للمضي قدماً.
وتستعد كوريا الجنوبية لاستقبال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الإثنين المقبل، في مستهل جولة تقوده إلى اليابان وفرنسا، وقد تكون الأخيرة له مع قرب انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن.
نقلاً عن : اندبندنت عربية