عن دار كنوز للنشر صدر للزميل حمادة إمام مدير تحرير جريدة الشروق كتاب جديد  عنوانه صفقة  مع النظام  الكتاب جاء فى 300صفحة.

يروى ويقدم بالوثائق نماذج من صفقات عقدتها انظمة حاكمها وتحمل الوطن قبل المواطن ضريبة هذه الصفقات  فى اى زمان واى مكان مع جماعة محظورة او حزب معارض او تنظيم سرى  او متهم فى قضية او شاهد على واقعة  ثم يجيب الكاتب فى الفصل الاول  عن السؤال اللغز الذى  التى يطرح نفسه  كيف تكتشف ان هناك صفقة سياسية ؟ فيقول: الصفقات تعقد   دائماً بعيدة عن العيون، ولذلك  أطلق عليها  «اتفاقات ما تحت الترابيزة»!! لكن رائحتها  أحيانا قد تفوح اذا كانت فاسدة  او جريئة فى تطبيقاتها  ومتابعة تصرف كل طرف  فالدخان ينبأ حتما بوجود نار !!ويقدم الكاتب نموذج عن هذا النوع من الصفقات فيقول
فى 21يونيو 2012وبعد مرور خمسة ايام على  انتهاء الجولة الثانية من انتخابات الاعادة بين مرشحى الانتخابات الفريق احمد شفيق والدكتور محمد مرسى وقبل يومين من أعلان نتيجة الانتخابات تلقى عدد من رموز العمل الوطنى وقادة ثورة يناير 2011اتصالا تليفونى من ممثلى جماعة الاخوان لعقد اجتماع مع مرشح جماعة الإخوان محمد مرسى بفندق فيرمونت التى كانت تخشى من تزوير نتيجة الانتخابات لصالح الفريق أحمد شفيق رجل مبارك  بعد أن تأخر الإعلان عنها عن الموعد المقرر بعدة أيام.
بعد مناقشات دامت لمدة يومين انتهى الاجتماع بصدور بيان تلاها الاعلامى حمدى قنديل المعروف بميولة وتوجهاته الناصرية  
جاء فيه التأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطنى الجامع الذى يعبر عن أهداف الثورة وعن جميع أطياف ومكونات المجتمع المصرى، ويمثل فيها المرأة والأقباط والشباب وأن يضم الفريق الرئاسى وحكومة الإنقاذ الوطنى جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة.
عقب أعلان نتيجة الانتخابات وفوز الدكتور محمد مرسى ووصول جماعة الإخوان للحكم بعد حلم دام لاكثر من 80عام انقلبوا على هذا اتفاقية فيرمونت  وضربوا به عرض الحائط!! وكان اول ما فعله  محمد مرسى بعد نجاحه  هو اختيار  فريق رئاسى من قيادات جماعة الاخوان ولم يضم احد من خارج الجماعة .
المؤلف يؤكد على نقطة جوهرية وهى أن  الصفقة لا تأتي مكتوبة وموثقة بالعهود ، إنما عن طريق تفاهمات لحظية محاطة بالشخصنة والكتمان، غالبا ما تدور من وراء كواليس، ومثال ذلك  ما جرى مع النائب كمال خالد فى 16مارس عام 1993داخل مبنى مجلس الشعب قبل تقديمة الاستجواب الاخطر فى تاريخ الحياة النيابية عن  الفساد الأخلاقي‮ ‬لكبار المسئولين بالدولة‮‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ والذى قضى نهائيا على طموح المشير ابو غزالة ان يصبح نائب رئيس جمهورية
ثم يقدم نموذج اخر : عندما عقد السادات صفقة” الكعبة” مع جماعة الاخوان لم يكن أحد يعلم الا الذين قادوا عملية التفاوض على بنودها  لكن بمرور  الوقت بدات تتكشف على استحياء بنود الصفقة  فى شكل وقف الاجهزة الامنية فى متابعة عناصر الجماعة ثم فتح الصحف لبعض رموزها  وتتطور الامر بالافراج عن عناصرها الاكثر تطرفا من هنا اكتمل  المكعب الناقص فى جدار الصفقة واصبح لدى المواطن قناعة أن هناك صفقة بين النظام والجماعة لكن بنودها وتفاصيلها ظلت فى طى الكتمان حتى مات السادات وبدات حمى وحرب المذكرات تشتعل 
وأما عن موضوع «الصفقة السياسية» ،فقد يكون وقف اجراءات التقاضى فى قضية ما   او التزام الصمت عن قضية من القضايا والدليل على ذلك  ماحدث  فى عام 1992عندما استدعى وزير الداخلية فى ذلك الوقت عبد الحليم موسى زوجة اللواء محمد الامام  وطلب منها أن تتنازل على الدعوة التى رفعتها ضد وزارة الداخلية لاثبات  إتلاف محتويات شقتها  نتيجة أقتحامها من قبل الشرطة ويكشف الكاتب أن الصفقة قد تستمر على الوضع الذى عقدت فى إطاره أو من أجله، إلى حين تغير أو تغيير موازين القوى بين الأطراف لصالح طرف، فيقوم بالعصف بالطرف أو الأطراف الأخرى.
ونموذج ذلك موجود ضمن  دفتر احوال السلطة  وهو صفقة الرئيس الاسبق حسنى مبارك مع جماعة الإخوان  والتى استمرت لمدة ثلاثين عام  بدات فى ديسمبر 1981 عندما اوفدت أرسلت وزارة الداخلية وكيل مباحث أمن الدولة فى ذلك الوقت اللواء “فؤاد علام” لإجراء مفاوضات مع المرشد الخفى لجماعة الإخوان المسلمين المستشار على جريشة والذى كان يقيم بألمانيا ويرأس المركز الإسلامى هناك وكان أمام المفاوض المصرى مهمة واحدة وأساسية لا تخرج عن الحصول على ضمانات من المرشد الخفى بعدم القيام بمظاهرات ضد الرئيس “مبارك” أثناء زيارته إلى ألمانيا فى ألمانيا فى أول زيارة خارجية يقوم بها بعد توليه لمنصب الرئاسة خلفًا للسادات.
المفاوضات بين مرشد الظل للجماعة والوفد الامنى  بدأت بصفقة ذات شقين ظاهر وباطن اما الظاهر فكان  طلب من مرشد الاخوان الحصول على صورة من ملف تحقيقات النيابة فى قضية وفاة القيادى الإخوانى كمال السنانيرى الذى وجد مشنوق فى حمام السجن واعلن عن وفاته فى 8نوفمبر 1981،وأعلنت  جماعة الإخوان وقتها  أن الوفاة  جاءت نتيجة تعذيبه  
واما المقابل الخفى فقد ظهر مباشرة بسيطرة اخوانية على النقابات المهنية وزيادة اعضاء الجماعة بمجلس الشعب .
الكاتب يؤكد أن الصفقة تعرف من خلال مخرجات كل طرف فى مواجهة الطرف الآخر، فالدخان ينبأ حتما بوجود نار حيث يتسم كل ما يخرج عن هذا الطرف بالنبرة الهادئة فى تناول هذا وذاك من موضوعات ثم التفاهم بشأنها وتجنب كل طرف المواجهة المباشرة مع هذا الآخر أو ذاك، كما أن محاولة أى طرف للتغلب أو تجاوز الطرف الآخر، قد تدفع بهذا الآخر للرد الشديد دون نقل الخلاف إلى صراع فى إطار «جس النبض» حتى يطمئن كل طرف إلى ثبات الأطراف الأخرى على ما تم الاتفاق عليه على منضدة الاجتماع التى صيغت الصفقة حولها.
اما عن اغرب الصفقات فهى الصفقة التى عقدها رئيس الوزراء الاسبق كمال الجنزورى مع صاحبة الجلالة وبموجبها تم الافراح عن وفاء عامر وحنان ترك بعد اتهامهن فى قضية اداب .
ففي‮ ‬ ‮٢ ‬ديسمبر ‮٧٩٩١ ‬دعا رئيس الوزراء في‮ ‬ذلك الوقت الدكتور‮ »‬كمال الجنزوري‮« ‬كل رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة لاجتماع بمبني‮ ‬رئاسة مجلس الوزراء وكان الغرض من هذا الاجتماع هو أن تقف الصحافة بجوار الحكومة في‮ ‬محنتها بعد حادث الأقصر وقتل السياح الأجانب وأن تمنح الصحافة الحكومة مهلة ثلاثة شهور لتستوعب ما حدث وأن‮ ‬يتم تجاوز مجزرة الأقصر وألا تعطيها الصحافة فيما تكتب أكثر مما تحتمل وأنها مجرد حادث سببه التقصير الأمني‮ ‬الذي‮ ‬تم تداركه وعلاجه بخروج وزير الداخلية وتغيير قيادات الأمن في‮ ‬الأقصر وتقديمها للمحاكمة‬ وللتأكيد علي‮ ‬بدء مرحلة جديدة اعترف رئيس الوزراء بأن قضية الآداب التي‮ ‬اتهمت فيها وفاء عامر وحنان ترك هو اتهام باطل

نقلاً عن : الوفد