رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لهذا العام، مدفوعاً بالطلب الأميركي الأكثر من المتوقع وتباطؤ التضخم في جميع أنحاء العالم، وهو ما سيسمح للبنوك المركزية بمواصلة خفض أسعار الفائدة.
صندوق النقد الدولي زاد توقعاته إلى 3.3 في المئة في تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” المحدث والصادر اليوم الجمعة، بزيادة 0.1 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأبقى تقديراته لعام 2026 من دون تغيير عند 3.3 في المئة.
ويعود تحسن توقعات النمو بصورة رئيسة إلى الولايات المتحدة التي رفع الصندوق توقعاته لاقتصادها بأكبر قدر بين الاقتصادات الكبرى، إذ زاد تنبؤاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي 0.5 نقطة مئوية إلى 2.7 في المئة، ولكن على المستوى العالمي، خفض البنك توقعاته لأداء اقتصادات أخرى، وهو ما عمل على موازنة رؤيته الإجمالية نسبياً.
تراجع النمو في السعودية
إلى ذلك خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في 2025 إلى 3.3 في المئة، مرجعاً ذلك في الأساس إلى تمديد خفوض إنتاج النفط.
وخفض الصندوق أيضاً اليوم الجمعة، في تحديث لتوقعاته لآفاق الاقتصاد العالمي، تقديراته لنمو اقتصاد الرياض في2024 بـ1.4 في المئة
وفي تقريره عن “آفاق الاقتصاد الإقليمي” الصادر في أكتوبر 2024، قدر الصندوق أن يتسارع النمو في السعودية إلى 4.6 في المئة هذا العام، من 1.5 في المئة متوقعة في 2024.
وأدى خفض توقعات الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى خفض توقعات صندوق النقد الدولي لنمو منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عموماً إلى 3.6 في المئة هذا العام، وهي التوقعات التي جاءت أقل من توقعات أكتوبر 2024 التي بلغت 3.9 في المئة.
وقال الصندوق في تقريره، اليوم الجمعة، “من المتوقع أن يزيد النمو في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ولكن بأقل من المتوقع في أكتوبر 2024”.
وأضاف، “يعكس هذا بصورة أساسية مراجعة في الخفض بمقدار 1.3 نقطة مئوية لنمو الاقتصاد السعودي عام 2025، وهو ما يرجع في الغالب إلى تمديد تخفيضات إنتاج ’أوبك+’”.
وتوقع معظم المحللين ارتفاعاً كبيراً في النمو الاقتصادي للسعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، عام 2025 مع زيادة إنتاج النفط، وذلك بعد عامين من النمو المتواضع.
ولكن في ديسمبر 2024، أرجأت دول “أوبك+” التي تضم السعودية، البدء في زيادة إنتاج النفط لمدة ثلاثة أشهر حتى أبريل (نيسان) المقبل، وأجلت الإلغاء الكامل لخفوض الإنتاج بسبب ضعف الطلب وارتفاع الإنتاج من خارج المجموعة.
وقال صندوق النقد، إنه يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية المرتبطة بالطاقة 2.6 في المئة خلال العام الحالي، وهو ما يفوق ما كان متوقعاً في أكتوبر 2024.
إشعال التضخم في الولايات المتحدة
في الأثناء، قال كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي بيار أوليفييه غورينشاس إلى وكالة “الصحافة الفرنسية”، إن “خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الاقتصادية قد تعيد إشعال التضخم في الولايات المتحدة، وذلك قبل أيام من عودته إلى البيت الأبيض”.
وأكد غورينشاس أن “مقترحات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية وتقييد الهجرة من المرجح أن تقيد جانب العرض من الاقتصاد وتدفع الأسعار إلى الارتفاع”.
وأضاف، أن المقترحات الأخرى التي طرحها الرئيس المنتخب، مثل خفض البيروقراطية والضرائب، قد تؤدي أيضاً إلى زيادة التضخم من خلال تعزيز الطلب.
وقال، “الخلاصة هي أنه عندما ننظر إلى الأخطار التي تواجه الولايات المتحدة، نرى أخطاراً تصاعدية على التضخم”.
وتحدث غورينشاس إلى الوكالة الفرنسية في مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن قبل نشر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الرائد، اليوم الجمعة.
وفي تحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الذي لم يأخذ في الاعتبار مقترحات ترمب بسبب “عدم اليقين” في السياسة، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي ورفع بصورة حادة توقعاته للاقتصاد الأميركي.
ويرى عدد من محللي الاقتصاد أن خطط ترمب في شأن التعريفات الجمركية والهجرة تضخمية، لكن ترمب ومستشاريه ردوا بحجة أن الحزمة الإجمالية من التدابير التي يخطط لإقرارها يجب أن تساعد في إبقاء الأسعار تحت السيطرة.
وقلص المتداولون عدد خفوض أسعار الفائدة التي يتوقعون أن يقوم بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عام 2025، إذ حددوا فرصة بنحو 80 في المئة أنه لن يقوم بأكثر من خفضين بواقع ربع نقطة مئوية هذا العام، وفقاً لبيانات من مجموعة ” “CME.
وبحسب غورينشاس، فإن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يخفض “الفيدرالي” أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في عامي 2025 و2026، وهو توقع يتماشى مع متوسط توقعات مسؤولي “الفيدرالي” الذين استُطلعت آراؤهم في ديسمبر 2024.
الصين
يبدو الوضع مختلفاً تماماً لدى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي يعاني أزمة في قطاع العقارات وعدم يقين متزايد في شأن سياسة التجارة العالمية.
ففي تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي أن يستمر نمو الصين في التباطؤ بفضل حزمة الدعم المالي الأخيرة التي قدمتها الحكومة والمصممة لدعم الاقتصاد المتباطئ.
وعلق غورينشاس، “إذا نظرتم إلى الصين، فإن المخاوف تتعلق ربما بدخول نظام انكماش، مما يجعل أزمة قطاع العقارات تزداد سوءاً”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، “من حيث السياسات، نعتقد بالتأكيد أن الصينيين يسيرون في الاتجاه الصحيح، ولكن ربما تستطيع السلطات الصينية أن تفعل المزيد”.
وتابع، أنه في حال عدم القيام بذلك، فإن الصين تخاطر بأن الدعم الاقتصادي الأخير قد يثبت أنه غير كاف، مما قد يتسبب في تباطؤ أكبر في النمو.
وسجلت الصين نمواً اقتصادياً نسبته 5 في المئة خلال 2024، في ما يعد أبطأ وتيرة منذ ثلاثة عقود باستثناء فترة “كوفيد”، في أرقام نشرت، اليوم الجمعة.
“مفاجأة إيجابية”
في غضون ذلك، قال كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي للصحافيين، إن الصين أخطرت صندوق النقد، أمس الخميس، بأن اقتصادها نما خمسة في المئة خلال العام الماضي ووصف التقديرات بأنها “مفاجأة إيجابية” مقارنة بتوقعات المؤسسة المالية الدولية البالغة 4.8 في المئة.
وأوضح، أن صندوق النقد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي قليلاً إلى 4.6 في المئة، وبما يعادل 0.4 في المئة إلى 4.5 في المئة خلال 2026، وهو ما يعكس بعض القوة الدافعة الناجمة عن تدابير تتعلق بالسياسة المالية.
زيادة إنتاج المصانع بأميركا في ديسمبر
في سياق قريب الصلة، ارتفع إنتاج المصانع في الولايات المتحدة خلال ديسمبر الماضي مع زيادة الإنتاج في شركة “بوينغ” على الأرجح بعد انتهاء إضراب عمال شركة الطيران العملاق.
وقال البنك المركزي الأميركي اليوم الجمعة، إن إنتاج المصانع زاد 0.6 في المئة الشهر الماضي، بعد تعديل بالرفع بلغ 0.4 في المئة في إنتاج نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وكان خبراء اقتصاديون استطلعت “رويترز” آراءهم توقعوا ارتفاع الإنتاج 0.2 في المئة، وبقي إنتاج المصانع من دون تغيير على أساس سنوي في ديسمبر 2024 وعلى أساس فصلي، انخفض إنتاج المصانع في الربع الرابع من العام الماضي 1.2 في المئة بعد انكماشه 0.8 في المئة في الربع الثالث من عام 2024.
واستقر قطاع الصناعات التحويلية، الذي يمثل 10.3 في المئة من الاقتصاد، إلى حد كبير في الأشهر القليلة الماضية، بعدما بدأ “الفيدرالي” في خفض أسعار الفائدة.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات إلى أعلى مستوى له في تسعة أشهر في ديسمبر 2024 لكن الرسوم الجمركية التي تعتزم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب فرضها على السلع المستوردة قد تؤدي إلى ارتفاع كلف المواد الخام وإعاقة أي تعاف.
نقلاً عن : اندبندنت عربية