لم تكن تدرك الطفلة ذات الأعوام الأربعة، وهي تملأ جدران منزلها برسوم بريئة، أن تلك الخربشات ستكون بذرة لمشروع فني ناضج، يقودها إلى المعارض الفنية وصالات العرض، ويضع اسمها بين أبرز الفنانين التشكيليين في المملكة. كانت البدايات عفوية، مدفوعة بشغف داخلي للتعبير، سرعان ما تحوّل إلى أسلوب فني يحمل بصمة واضحة ويُقرأ بعين المتذوقين والنقاد على حد سواء.
الواقعية والتعبيرية بلغة خاصة
تقول الفنانة التشكيلية إيمان الحميد إن إحساسها العالي هو الدافع الأول وراء ممارستها للرسم، وهو ما يظهر جليًا في أعمالها التي تجمع بين الواقعية والتعبيرية، حيث توازن بانسيابية بين وضوح المعنى وعمق الإحساس. لا تميل إلى الغموض المفرط، لكنها تترك مساحات للتأمل، وتفتح بابًا للتجريد دون أن تُفقد العمل بصريّته أو تكوينه المتماسك.
وترى إيمان أن الفن لا ينفصل عن التصميم الداخلي، فكل لوحة أو مساحة بصرية بالنسبة لها هي فرصة لخلق علاقة متناغمة مع المتلقي، تعيد من خلالها ترتيب الشعور داخل الفراغ. وبفضل هذا التكامل بين الفن والتصميم، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا بارزًا في المشهد التشكيلي السعودي، حيث يُستحضر اسمها كمشروع فني جاد ومؤثر، لا يسعى للظهور العابر بل للتأثير العميق والبناء المستدام.
الفن كتجربة ناضجة
لا تكتفي الحميد بممارسة الفن، بل تنخرط في دوائر تواصل نشطة مع شخصيات فنية ونقدية مرموقة داخل الساحة المحلية، تنبع من فهم مشترك ورغبة حقيقية في الحوار الجاد بعيدًا عن المجاملات. وقد شاركت في العديد من المعارض داخل المملكة، مؤكدة أن الفن السعودي يمر بمرحلة نضج تحتاج إلى التوثيق، لا سيما فيما يتعلق بالفنانات الشابات اللاتي يملكن رؤى فنية متفردة وهوية واضحة.
وترى أن هذه اللحظة التاريخية للفن المحلي لا بد أن تُحتفى بها، لا عبر الإشادة فقط، بل من خلال دعم المشاريع الجادة التي تنطلق من تجربة شخصية عميقة وتصل إلى المتلقي بلغة صادقة.