في وقت قال فيه المدير الفني لمانشستر يونايتد روبن أموريم إنه شعر على الفور بأن، “اليوم يومنا”، يتعين على نظيره في أرسنال ميكيل أرتيتا اكتشاف ما سيحدث بعد ذلك في موسم فريقه.

لقد فقدت بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي كثيراً من معناها لكن يمكن أن يكون لهذا الفوز الصعب الذي حققه مانشستر يونايتد المكون من 10 لاعبين بركلات الترجيح عواقب كبيرة على ما تبقى من موسم كلا الناديين، وبالنسبة إلى أموريم فإنه يعزز الزخم والشعور الأكبر بالوحدة بعد التعادل بنتيجة (2 – 2) مع ليفربول، الأحد الماضي.

هذه هي نوعية النتائج والمباريات التي تبنى عليها أشياء أعظم بفضل “المعاناة الضرورية” على حد قول أموريم، وبالطبع يسري الأمر على أبرز أبطال الفوز بالمباراة ألتاي بايندير وجوشوا زيركزي، وفي غضون ذلك وضع يوم يونايتد حداً لأسبوع أرسنال، حتى بإصابة غابرييل جيسوس.

لم يتمكن فريق ميكيل أرتيتا إلا من التعادل (1 – 1) مع برايتون في الدوري الإنجليزي الممتاز، وخسر (0 – 2) على أرضه أمام نيوكاسل يونايتد في مباراة الذهاب من نصف نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية “كاراباو”، والآن خسر بنتيجة (3 – 5) بركلات الترجيح ليخرج من الدور الثالث لكأس الاتحاد الإنجليزي بعد تعادل محبط للغاية بنتيجة (1 – 1).

وكما هي الحال مع الهزيمة من نيوكاسل كانت هذه حال أخرى من فرص عدة مهدرة، إذ كان أرسنال يصارع من أجل إنهاء الهجمات بصورة صحيحة كما فعل في ركلة الجزاء الضائعة من مارتن أوديغارد.

لقد أهدر صانع الألعاب المميز ركلة جزاء في مباراة صاخبة بكأس الاتحاد الإنجليزي ضد يونايتد، إضافة إلى كثير من العناصر الأخرى التي أثرت في المباراة التي تعد فصلاً جديداً في التاريخ الغني بين الناديين الأكثر تأثيراً في هذه المسابقة.

وكما زادت الصراعات الثنائية والحبكات الفرعية الأخرى من إثارة هذه المباراة الكروية، لم يصل لقاء الكأس الأكثر شهرة بين أرسنال ومانشستر يونايتد في موسم (1998 – 1999) إلى هذه المستويات إلا أنه كان آخر نصف نهائي يذهب إلى مباراة إعادة.

لقد ألغت المسابقة الآن إعادة المباريات، وبصرف النظر عن المناقشة الكبرى حول ذلك، كان هذا القرار أحد الأسباب التي جعلت هذه المباراة تصل إلى هذا المستوى العالي، وقد ضمنت أن تكون هذه المباراة ملحمة قائمة بذاتها في حد ذاتها، أو في الأقل تطورت إلى ذلك فقط.

حقيقة أن المسابقة الآن جعلت كل مباراة كبرى في يوم مستقل أتاحت الفرصة أمام اللاعبين للتألق أكثر وخلق كثير من القصص الفردية.

وبالنسبة إلى لاعبي مانشستر يونايتد كانت هذه المباراة بمثابة فرصة كبرى فقد شهدت آخر مباراة كأس محلية لحارس المرمى بايندير معاناته من مواجهة صعبة للغاية أمام توتنهام هوتسبير في الإقصاء من كأس “كاراباو”، لكنه استغل مواجهة أرسنال للرد بسلسلة من التصديات الرائعة وتصدى لركلة حاسمة في ركلات الترجيح.

لقد هيأ ذلك الأمور لزميله زيركزي، الذي كانت آخر لحظة بارزة له على أرض الملعب هي هتافات جماهير يونايتد ضده عند استبداله في الشوط الأول من مواجهة نيوكاسل، وقد حرصوا على الهتاف له مع كل لمسة للكرة خلال مواجهة مانشستر يونايتد، لكن ذلك تحول إلى ابتهاج عندما سجل ركلة الترجيح الأخيرة التي جلبت الفوز.

وقال أموريم “إنه أمر مهم حقاً ليس فقط بالنسبة إليهم ولكن لجميع اللاعبين، فحياتك كلاعب لها دورات ولحظات، وأحياناً يمكن أن تتغير حياتك في أسبوع واحد، لقد كان لدى جوشوا قبل ثلاثة أسابيع مشكلة مع جماهيرنا، واليوم في كل مرة يغنون باسمه”.

هذا هو سحر كرة القدم وكذلك الكأس، وأحد دروسها الأخلاقية العظيمة، إذ يحتاج بعض لاعبي أرتيتا إلى الاستماع إلى الكلمات، وبخاصة كاي هافرتز.

سيتساءل فريقه كيف خرجوا بعد إهدار عدد من الفرص، إذ أهدر الألماني اثنتين أمام المرمى مباشرة حتى قبل أن ينقذ بايندير ركلة الترجيح التي سددها، وكان ضغط أرسنال قد ازداد فقط بعد طرد ديوغو دالوت بسبب حصوله على الإنذار الثاني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد نشرت حسابات يونايتد على وسائل التواصل الاجتماعي كلمة “العدالة” بعد الفوز بركلات الترجيح، وكان من المستحيل ألا نشعر أن هذا كان في إشارة إلى ركلة الجزاء التي مُنحت لأرسنال بعد تدخل هاري ماغواير على هافرتز، فضلاً عن بعض القرارات التحكيمية الأخرى، وقد أكدت المباراة، في أقل تقدير، مدى اعتماد الحكام على تقنية حكم الفيديو المساعد، وكان هناك شعور بالفوضى في كثير من الأحيان، وقد ظهر الوضوح ليونايتد من ذلك.

ربما كان أرتيتا محقاً في تأكيد أن أرسنال كان يستحق الفوز بناءً على الفرص والأداء العام، إذ قال المدير الفني “من المذهل أنك لم تفز بالمباراة، لقد فعلنا كل شيء”، لكن يونايتد يستحق القدر نفسه من التحدي والمرونة، وكانت هناك شخصية مثيرة للإعجاب في أدائهم، وهي تلك التي غرسها فيهم أموريم.

ربما لم تسر المباراة بالطريقة التي كان أموريم يريد أن يلعب بها، لكن ذلك يمكن أن يخدم أهدافه في النهاية من خلال تعزيز الثقة والإيمان، وكما يظهر وقت أرتيتا في أرسنال، فإن الأداء غالباً ما يتبع النتائج، ويمكن للأخير أن يساعد في تحديد الطريق.

في الوقت نفسه فإن هذه النتيجة هي نتاج اتخاذ القرارات الاستباقية، وإظهار من هو صاحب القرار، وفي هذا الصدد، سئل أموريم عما إذا كان ماركوس راشفورد قد لعب آخر مباراة له مع يونايتد، وهو ما يعتقده كثر نظراً إلى أنه استُبعد مرة أخرى.

وقال أموريم “سنرى، إنه يحب النادي لكن عليَّ اتخاذ القرارات، لذلك دعونا نرى المباراة المقبلة”، وفي المقابل لدى أرتيتا خياراته الخاصة، وأهمها في الهجوم، إذ يتمتع هافرتز بكثير من الصفات المميزة وقد فعل كثيراً بالفعل لأرسنال، لكن من الواضح منذ فترة طويلة أنهم في حاجة إلى مزيد في الهجوم، وكان ذلك واضحاً بصورة مؤلمة بحلول وقت أهدر فيه فرصته الكبيرة الثانية، محاولاً ضرب الكرة بطريقة غريبة لا يستطيع المهاجم الماهر القيام بها، ومن الصعب ألا تشعر أنهم هزوا ثقته وأدى ذلك إلى إهدار ركلة الترجيح اللاحقة.

كان هافرتز في طريقه إلى النفق بعد نهاية المباراة، وبالطبع أظهر أرتيتا الدعم والحب للاعبه، ومن المعروف أن المدير الفني لا يزال يريد مهاجماً آخر، بخاصة بعد خروج غابرييل جيسوس من الملعب مصاباً في الركبة خلال الشوط الأول، ووصف أرتيتا الأمر بأنه “قلق كبير… لا يبدو جيداً”.

من المؤسف أن أرسنال يحتاج الآن إلى تغيير شكل موسمه، ويبدو أن شراء المهاجم المطلوب هو أفضل طريقة لتحقيق ذلك، فقد كانوا بالفعل في حاجة إلى مهاجم، وقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لإيجاده.

يحب أرتيتا لاعب أتلتيك بيلباو نيكو ويليامز لكن مطالبه المالية مرتفعة للغاية، ولدى النادي اهتمام متزايد بلاعب سبورتنغ لشبونة فيكتور جيوكيريس وكذلك لاعب لايبزيغ بنيامين سيسكو، لكن التعاقد مع الأول سيتطلب نحو 80 مليون جنيه استرليني (96.84 مليون دولار) يفضل أرسنال إنفاقها في الصيف، لكن يبدو أن الوقت المناسب للتحرك لعقد صفقات جديدة هو الآن.

هذا ما تتطلبه هذه اللحظات أحياناً، ذلك القدر من الاستثمار الإضافي ورمي النرد، أو من ناحية أخرى تعني عطلات نهاية الأسبوع الخاصة بمباريات كأس الاتحاد الإنجليزي أن أرتيتا لديه أخيراً الوقت والمساحة لمنح فريقه المنهك بعض المساحة للتنفس.

قد يكون هذا ما يحتاجون إليه تقريباً بقدر ما يحتاجون إلى مهاجم آخر، ولن يكون هذا يستحق العناء إلا إذا ذهبوا الآن وفازوا بإحدى المسابقات الثلاث التي ينافسون على لقبها وعلى رغم ذلك في بعض الأحيان، لا يتعلق الأمر بالصورة الكبرى بل يتعلق بالحال العامة وروح التنافس.

هذا ما وجده يونايتد مرة أخرى في كأس الاتحاد الإنجليزي، إذ قد تجلب المسابقة القديمة الرائعة حياة جديدة لأموريم.

نقلاً عن : اندبندنت عربية