لعبة “الملليمترات” كما قال عنها ميكيل أرتيتا.. هل هذه هي الخطوط الدقيقة التي يتم من خلالها الفوز بالألقاب أو خسارتها في النهاية؟ في الدقيقة الـ90 من مباراة فولهام وأرسنال التي انتهت بالتعادل (1 – 1) كان غابرييل مارتينيلي ينتظر تلك التمريرة الحاسمة وينظر إلى دفاع فولهام، كان في تلك اللحظة في وضع غير متسلل، ثم تلقى الكرة ليمهدها لنفسه ويلعب كرة عرضية كانت مفقودة من هجوم أرسنال طوال المباراة، ثم أنهى بوكايو ساكا الهجمة بتسجيل هدف، لكن اللحظة لم تنته بعد.

في الثانية التي سبقت تمرير الكرة إلى مارتينيلي، تقدم كيني تيتي ولم يكن الجناح البرازيلي منتبهاً لذلك وهو ما تسبب في إلغاء الهدف.

“بالنسبة لملليمترات قليلة، كان من الممكن أن نجلس هنا بثلاث نقاط بعد أداء قوي ومهيمن حقاً ضد فريق جيد حقاً”، هكذا وصف أرتيتا الأمر وهو يتحدث عن “لحظة حاسمة حقاً بالنسبة لنا للمضي قدماً”.

ومع ذلك، أهدر أرسنال فرصة تقليص الفارق موقتاً مع ليفربول إلى أربع نقاط لأنه لم يخلق ما يكفي من الفرص في اللعب المفتوح، وصحيح أن فولهام لم يسمح لهم بذلك، كما أن الهدف الحتمي من ركلة ثابتة لم يكن كافياً للاقتراب من ليفربول الذي لديه مباراة مؤجلة ضد إيفرتون، التي قد يتم إلغاؤها في النهاية، وهذه هي الحال كلما أقيمت مباراة ديربي ميرسيسايد في ملعب “غوديسون بارك”.

وربما يتغير كثير بحلول وقت المباراة المؤجلة خصوصاً في تقويم مزدحم بهذا القدر ويخلق مثل هذه الفوضى بالنتائج، ويتعين على أرسنال أن يأمل كثيراً، إذ شعر بالإحباط من التأخر بصورة عرضية أمام فولهام ثم العمل الجاد لشق طريقه للتعادل، وأعلن أرتيتا أنه “محبط لعدم الفوز بالمباراة”، وقال إن فريقه فعل “كل شيء تقريباً”، ولكن هذا هو المفتاح. فعلى رغم من المساحة الواسعة التي امتلكها فريق أرتيتا، فمن الصعب ألا نشعر بأن فولهام يستحق شيئاً ما.

ولهذا السبب حظي مدرب فولهام ماركو سيلفا بإعجاب متزايد من أندية مثل توتنهام هوتسبير بعدما حشد قوى فولهام بصورة رائعة، فقد أصبح فريقاً قادراً على جعل مواجهته صعبة على أي منافس، وقد يتضح ذلك في زيارتهم إلى “أنفيلد” الأسبوع المقبل.

البطاقات التي حصل عليها فولهام ضد أرسنال ستتسبب في إيقاف كالفين باسي عن المباراة المقبلة، وهذا يجعل من الصعب معرفة كيف جاء ولفرهامبتون إلى ملعب “كرافن كوتاج” وسجل أربعة أهداف قبل أسبوعين.

إن القوة الرئيسة في هذه المباراة كانت لفولهام، وكان أحد العناصر التي برزت في هذه المباراة هو كيف استمر أرسنال في مواجهة الأجسام الضخمة والصلبة

لفريق فولهام المهيب جسدياً، وهذا تسبب في خوض مارتن أوديغارد واحدة من أقل مبارياته إنتاجية منذ عودته، إذ وجد ساندر بيرغ وساسا لوكيتش في كثير من الأحيان يغلقان كل الطرق أمامه، وبناء على ذلك، كان أنتوني روبنسون نشطاً بصورة لافتة للنظر ضد ساكا، بطريقة لا يتمتع بها سوى عدد قليل من اللاعبين بالثقة اللازمة.

لقد قدم ظهير أيسر فولهام أداء جيداً ضد ساكا في اللعب المفتوح مثل أي شخص آخر في كرة القدم العالمية، ووصفه مدربه سيلفا بأنه “أحد أفضل لاعبي الظهير الأيسر في الدوري” ولهذا السبب نال روبنسون نفسه إعجاب أندية مثل ليفربول ومانشستر يونايتد.

بالطبع لا ينبغي أن يكون أداء فولهام المحترم للغاية سبباً لمحاولة تحديد أين يمكن لنجومهم الذهاب، لكن هذا يعكس مستواهم الآن.

وقال أرتيتا، “إنهم منظمون بصورة جيدة حقاً، لا يمكنك البكاء بسبب ذلك”.

ربما لا يزال فولهام قد كشف عما قد يكون إحدى نقاط الضعف القليلة المتبقية في فريق أرتيتا في أرسنال، إذ يجد صعوبة خاصة ضد الفرق التي تضيق المساحات كثيراً، وضمن سيلفا أن يلعب فولهام بطريقة (5 – 4 – 1) محكمة مع مضاعفة لاعبي خط الوسط، وقد عانى أرسنال من أجل إيجاد منفذ.

وأضاف أرتيتا، “من الواضح أنه ضد دفاع منخفض بهذه الصورة يمكنك توليد الكرات الثابتة والكرات العرضية لأنه من الصعب حقاً الهجوم من العمق”.

كانت الهزيمة بنتيجة (0 – 1) أمام نيوكاسل يونايتد مماثلة، فمثل هذه التشكيلات تجعل من المهم للغاية ألا يستقبل أرسنال الهدف الأول، لكن نفس الشيء حدث هنا كما حدث في “سانت جيمس بارك”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان هذا في الأقل بفضل هدف رائع من راؤول خيمينيز، حتى لو كان من هجمة فولهام الوحيدة المناسبة، وقد كانت لديه ثغرة صغيرة جداً في تلك الهجمة المرتدة في الدقيقة الـ11 لكنه وجدها رغم ذلك، إذ سدد الكرة في الزاوية.

وقال أرتيتا، “في بعض الأحيان يتعين عليك الثناء على الخصم، من تلك الزاوية، سجل المهاجم التسديدة الوحيدة في المباراة، بالطريقة التي سجل بها، لقد فعل ذلك”.

ولا يزال من الممكن طرح مزيد من الأسئلة حول كيفية وصوله إلى هناك، إذ وقع ويليام ساليبا وجاكوب كيويور في فوضى، وكانت كما اعترف، المرة الأولى التي لعبا فيها معاً هناك، وقد تجنب أرتيتا الأسئلة حول كيفية اضطراره إلى اللجوء إلى خط دفاعه التاسع المختلف هذا الموسم، لكنه ذكر بعد ذلك عدد التغييرات، وقال “كان علينا تغيير الوحدة بأكملها”.

وعوض صليبا ذلك لاحقاً، ولكن فقط بعد شوط أول طويل لأرسنال.

وكانت هذه مباراة أخرى من تلك المباريات التي كان من المستحيل فيها ألا يشعر المرء أنه قادر على الاستفادة من ذلك اللاعب الهجومي الإضافي، ولم يكن رحيم سترلينغ فعالاً بما يكفي في الصيف، وخاض مارتينيلي مباراة محبطة، واغتنم غابرييل جيسوس الفرصة الكبيرة الوحيدة التي سنحت له.

بالطبع كان لدى أرسنال سلاح قوي لانتشاره وهو الكرات الثابتة، وعلى رغم تسجيله هدفاً واحداً أقل من أهدافه ضد مانشستر يونايتد في منتصف الأسبوع، فإن هذه المباراة أكدت مدى ذكائه.

ربما شعر فولهام أنه اكتشف أسلوب أرسنال، وحقق فريق سيلفا نجاحاً غير عادي في الشوط الأول، إذ كان تمركز عيسى ديوب أمراً حاسماً في حجب المساحة التي يتمتع بها أرسنال عادة ولم يتمكنوا من تمرير الكرة إلى ساليبا بالطريقة المعتادة، ومرة أخرى كان لدى فولهام كثير من القوة البدنية هناك، وكان حارس المرمى بيرند لينو مميز بصورة ملحوظة وقادراً على الخروج والتصدي لكثير من الكرات.

في ركلة ركنية في الدقيقة الـ52 بدل أرسنال الأدوار حيث جلب ساليبا إلى العمق وتم إرسال الكرة بدلاً من ذلك إلى كاي هافرتز على القائم الخلفي، وقد ارتقى الألماني ليحول الكرة برأسه إلى العمق، وكان ساليبا قد ترك حراً للعب الكرة، وكانت هذه أيضاً إحدى المناسبات التي كانت فيها مراقبة التسلل لمصلحة أرسنال، إذ أظهرت الخطوط أن قلب الدفاع كان في وضع تسلل خلف حذاء روبنسون.

كان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ، وكذلك كان من الممكن أن يكون الأمر أفضل، وكان بإمكان مارتينيلي أن ينظر إلى الأعلى قبل تلك التمريرة، وكان بإمكان أرسنال أن يفعل ذلك بصورة أكبر في اللعب المفتوح، وربما يبحثون عن مهاجم في يناير (كانون الثاني).

لكن في النهاية دافع فولهام بصورة رائعة، ولا يزال بإمكانهم أن يكون لهم رأي مهم في هذا الموسم ككل.

نقلاً عن : اندبندنت عربية