أصدرت مؤسسة “فيتش” للتصنيف الائتماني تقريراً عن الشركات الخليجية في القطاعات المختلفة والتمويل العام والبنية التحتية يتضمن في خلاصته نظرة مستقبلية مستقرة لأداء الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2025. وتصدر المؤسسة، مثل بقية مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية الكبرى التي تصنف شركات خليجية تقارير وقرارات تصنيف ائتماني للشركات التي تخضع للتصنيف كي تصدر سندات وغيرها بشكل منفصل لكل شركة، حتى في القطاع المالي الذي غالباً ما يرتبط بالتصنيف السيادي للدولة المعنية.
لكن هذا التقرير هو الأول الذي يجمل وضع الشركات في القطاعات المختلفة على أساس مصادر التمويل العام (الحكومي)، أو من البنوك ومن السوق عبر إصدار السندات وأشكال الاقتراض الأخرى. وتشير مقدمة التقرير إلى أن المؤسسة استندت في ذلك إلى التشابك القوي بين المؤسسات المملوكة للدولة، والتي تعمل ضمن السياسة العامة للحكومة وبين الشركات ومشروعات وشركات البنية التحتية، لذا يركز التقرير على هياكل التمويل وطرق الاقتراض للشركات في منطقة الخليج وعلى حجم الدعم بمستوياته المختلفة من المؤسسات الحكومية أو المؤسسات المالية المدعومة حكومياً (مثل البنوك العامة).
يخلص تقرير “فيتش” إلى توقع استقرار أداء الشركات الخليجية المصنفة هذا العام في ضوء “استقرار أسعار النفط بما يضمن استمرار تحقيق أهداف الإنفاق الرأسمالي والاستثمار في البنية التحتية وأطر التشغيل والأداء للشركات، بخاصة في السعودية والإمارات”.
القطاع غير المالي
غالباً ما يرتبط التصنيف الائتماني للقطاع المالي (البنوك والمؤسسات المالية) بالتصنيف الائتماني السيادي للدولة، أما تصنيف الشركات في القطاعات الأخرى وإن كان أيضاً يتأثر بالتصنيف السيادي، إلا أنه يعتمد على الوضع الاقتصادي العام واستراتيجيات التنمية والمشروعات وعوامل أخرى.
يتوقع التقرير أن تواصل الشركات الخليجية في القطاع غير المالي تنويع مصادر التمويل أي عدم الاعتماد كلياً على الاقتراض من البنوك المحلية، واللجوء إلى الأسواق العالمية من خلال إصدار السندات والصكوك، إضافة إلى طرح حصص أقلية في الشركات والمشروعات، لذا بدأت مؤسسة “فيتش” إصدار مثل هذا التقرير عن الشركات والبنية التحتية والتمويل لأن الاقتراض من السوق العالمية يعتمد على التصنيف الائتماني لمصدري أوراق الدين.
بالنسبة للوضع الاقتصادي العام، يتوقع التقرير استمرار النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، مدعوماً بأهداف التنمية الطموحة بما في ذلك مشروعات النقل والبنية التحتية وتطوير القطاع السياحي والنمو في القطاع العقاري وقطاع التصنيع.
نتيجة التشابك القوي بين الشركات والمؤسسات العامة، يخلص التقرير إلى أن نسبة 90 في المئة من الشركات الخليجية تحظى بنظرة مستقبلية مستقرة في عام 2025، إذ إن معظم شركات البنية التحتية والمشروعات الكبرى إما مملوك لمؤسسات حكومية بشكل مباشر أو مدعوم من الحكومة بشكل غير مباشر.
هكذا فإن التصنيف الائتماني لمعظم الشركات في المنطقة يراوح ما بين B وAA مع احتمالات رفع التصنيف الائتماني لبعض الشركات، مثل شركة الكهرباء السعودية وشركة موانئ أبو ظبي.
في الغالب يرفع التصنيف الائتماني للشركات، على استمرار تعديل القوانين واللوائح في دول الخليج بما يوفر إطاراً أكثر جاذبية لتمويل مشروعات البنية التحتية.
يمكن لمنح تأشيرات الإقامة للوافدين لمدد طويلة أن يزيد من مستويات الاستثمار الخاص من الأشخاص، ويوفر مصادر تمويل أكبر أيضاً، إضافة إلى أن أسعار النفط والغاز تظل المحدد الأهم لاستثمارات الحكومات في دول المنطقة.
الوضع الاقتصادي العام
يلاحظ التقرير أنه بالنسبة للشركات المرتبطة بالحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر يتعامل معها على أنها جزء من الثروة السيادية للبلاد، أو شركات وطنية قابضة، لذا تعمل الحكومات في دول الخليج على وقاية تلك الكيانات من تأثير تذبذب أسواق السلع عن طريق تنويع سبل التمويل والاستثمار بخاصة في القطاعات المهمة مثل التكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يظل الوضع الاقتصادي العام لدول مجلس التعاون الخليجي عاملاً مهماً في تقدير التصنيف الائتماني للشركات المصدرة لأدوات الدين والاقتراض. بحسب تقديرات مؤسسة “فيتش”، فإن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط في وضع مستقر إلى قابل للنمو هذا العام.
تقديرات المؤسسة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية هي الارتفاع إلى نسبة 3.4 في المئة، وبالنسبة لأبو ظبي، الارتفاع إلى 4.3 في المئة نتيجة استمرار نمو النشاط في القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
ما يعزز النظرة المستقبلية المستقرة للشركات الخليجية أن معظمها، حتى في ظل أي ظروف مالية مشددة، تتمتع بوضع جيد من حيث كفاية رأس المال على رغم زيادة الاقتراض، وحصتها تظل بغالبية كبيرة حتى مع التمويل من خلال بيع حصص أقلية لمستثمرين. ويتوقع التقرير استمرار الوضع المالي الجيد لمعظم الشركات الخليجية مدعوماً بتطورات متوقعة في المنطقة، ففي القطاع العقاري ستؤدي زيادة عدد السكان واستمرار نمو الاستثمار الأجنبي المباشر إلى زيادة النمو في القطاع، فيما تركيز الاستثمارات في السعودية على الطاقة المتجددة والإسكان سيظل قوياً بحسب توقعات مؤسسة “فيتش”.
ولا يقتصر الاستثمار على هذه القطاعات، بل إن تطوير السياحة في إطار تنويع الاقتصادات الخليجية يعني مزيداً من الاستثمارات في الطرق والمطارات وغيرها. ويشير التقرير كذلك إلى نمو سريع لقطاع جديد هو بناء إقامة مراكز البيانات، إذ بلغت قيمة العقود في هذا المجال العام الماضي ما يزيد على 770 مليون دولار، ويتوقع أن يستمر هذا النهج بزيادة أكبر في تلك الاستثمارات المرتبطة بقطاع التكنولوجيا خلال عام 2025.
نقلاً عن : اندبندنت عربية