<p>سوري يقود الحشد في الهتافات خلال جنازة الناشط مازن الحمادة&nbsp;الذي عثر على جثته مؤخراً (أ ف ب)</p>

تقارير
Tags: 
سوريا
صحافيون
نظام الأسد
اعتقال
اختطاف
تعذيب
معتقلات الأسد
وسام الطير
فيسبوك

وفقاً لإحصاء منظمة “مراسلون بلا حدود” قتل ما لا يقل عن 110 من الإعلاميين أثناء أداء واجبهم في سوريا منذ مارس (آذار) 2011، بينما لا يزال 60 تقريباً قيد الاحتجاز أو في عداد المفقودين.

هذا ما كانت عليه الحال قبل فجر الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، إذ كان الصحافيون مباحين ومعرضين دائماً للقتل والاعتقال والاختطاف في عهد نظام بشار الأسد، وكانت مهنتهم هي التهمة الجاهزة أو الورقة التي يحق لعناصر الأمن السورية من خلالها استباحة حقوقهم وخصوصيتهم وحياتهم.

 إخوة معتقلون

منذ بداية الحراك في سوريا عام 2012 تعرض كثير من الصحافيين للاعتقال لا لشيء إلا لأنهم عبروا عن رأيهم وقالوا كلمة لم تعجب النظام، فاختطفوا واختفوا وبعد أن خرج بعضهم من السجن عرف ذووهم أين كانوا من دون معرفة لماذا كانوا هناك وما التهم الموجهة، والتي كان الأمن يكتبها ويطلب التوقيع عليها من دون اعتراض، فمن تهمة أنه صحافي إلى تهمة “إضعاف نفسية الأمة” تعددت المكائد والهدف واحد، تكميم الأفواه ومنع أي صوت معارض مهما كان حجمه.

في سوريا اليوم برز نوعان من الصحافيين، أحدهما اعتقل وعذب وآخرون هم أبناء وإخوة لأشخاص اعتقلوا ونكل بهم لأسباب غير واضحة المعالم.

وتقول الصحافية كاترين عضيمة “سأعلنها من دون خوف، اليوم أصبح بإمكان أخي ياسين الدخول إلى سوريا بعد هرب 14 عاماً لأنه عارض النظام السوري. واليوم يستطيع الاتصال مع أخي الثاني علي من دون أن يتعرض الأخير للسجن كما حدث سابقاً، فقد سجن علي في فرع فلسطين لثلاثة أشهر تحت جرم التواصل مع أخيه (الخائن) كما كانوا يقولون”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتابع عضيمة “منذ اليوم وبعد سقوط هذا النظام لن يحقق الأمن السوري مع أفراد عائلتي ليسألونا عن ياسين، ومنذ هذا اليوم سأدخل المطارات من دون نظرات الريبة من حولي والخوف من التحقيق، وسأضيف أخي على قائمة أصدقائي في ’فيسبوك‘”.

أما الصحافية بدور موسى فقد كتبت على صفحتها عبر “فيسبوك”، “مبروك لسوريا والسوريين، مبروك لأخي أحمد الذي اعتقله نظام الأسد، فتجرع ويلات التعذيب حتى فقد السمع في إحدى أذنيه وعاش أياماً مليئة بالرعب، وحرم من رؤيتنا لأكثر من 13 عاماً، ومبروك لأخي محمد الذي اعتقل في فرع فلسطين بسبب تشابه أسماء، وعاد إلينا بوجه شاحب وجسد هزيل، وظل أسيراً لذكريات الخوف لسنوات طويلة”.

حتى الحامل لم تنج

أما الصحافية آمنة ملحم فكانت ممن اعتقلهم النظام وهي حامل في ابنتها البكر خلال شهرها السادس، وعن هذا تقول “ست ليال قضيتها في الزنزانة وكانت حريتي في اليوم السابع، فقد اعتقلوني في مثل هذه الأيام في السادس من هذا الشهر 2012، ولا تهمة بين أيدي المحقق سوى أنني صحافية”.

وبعد طرح أسماء لأشخاص خرجوا في التظاهرات آنذاك وجهت لها في اليوم الخامس أسئلة عن صلتها ببعض الأشخاص وهل تدير إحدى صفحات “فيسبوك” حينها، وعن هذا تقول آمنة “كل إجاباتي كانت لا أعرف أحداً، تبرأت خوفاً من الجميع حتى من معرفتي بإخوتي. وقالوا لي ستخرجين اليوم من المعتقل، لكنهم تركوني فيه لليلة السابعة وأخرجوني منه الساعة الثانية عشرة ليلاً والسماء تمطر”.

أما الصحافي زيد مستو فقد كانت له تجربته الخاصة، إذ تعرض للاعتقال في بداية الحراك السوري وكان مراسلاً لقناة “العربية”، وأوقف في فرع فلسطين 15 يوماً وفي فرع الأمن العسكري 15 يوماً وكان يوضع في الانفرادي، وبعدها أرسل إلى سجن عدرا ليمضي أكثر من شهر ذاق خلاله عذابات وصلت على حد تعبيره إلى عتبة الألم. ويقول زيد “لم أكن أصدق أن هناك سجوناً تحت الأرض إلى أن اعتقلت”، وعن تعرضه للتعذيب قال “كنت أُضرب بشدة لدرجة أصل إلى مرحلة سأغيب فيها عن الوعي، لكن الأصعب من هذا كان سماع أصوات السجناء الآخرين وهم يتعرضون لصعقات الكهرباء”.

القصة الصادمة

لكن القصة التي هزت كثيراً من السوريين هي تلك الخاصة بالصحافي صاحب صفحة “دمشق الآن” على “فيسبوك”، وهي الصفحة التي تابعها آلاف من السوريين خلال الحرب، فقد تحدث صاحبها الحقيقي الصحافي وسام الطير وكتب قصته كاملة حين أراد تطبيق رؤيته لإعلام جديد ومسؤول ومحاسب للفساد، فوقفت في وجهه المستشارة الإعلامية لرئاسة الجمهورية آنذاك لونا الشبل وزجت به في السجن.

ويقول وسام “تلقيت قبل توقيفي بشهر واحد اتصالاً من مديرة المكتب الإعلامي بالقصر الجمهوري لونا الشبل وراجعتها، وقالت إن القيادة غير راضية عن آلية عمل (دمشق الآن) وإنه من غير المسموح الحديث عن الفساد والواقع الخدمي السيئ، وطلبت أن تغير الصفحة من مصطلحاتها ومفرداتها في ما يخص العمليات العسكرية”.

وبعد ذلك استمر الطير في عمله ولم يستجب لطلباتها إلى حين نشر على صفحته الشخصية منشوراً لوضع استبيانات خاصة لعمل وزارات الدولة، وكان ينوي كسر حاجز الصمت والحديث بشفافية، فطلب منه عبر وزير الإعلام عماد سارة يومها حذف المنشور والتراجع عن العمل عليه لكنه رفض، فجاء الأمر بتوقيفه.

وعن هذا يقول وسام “في فرع أمن الدولة تم استجوابي بطريقة راقية بعيدة من الإساءة، وتم الاستحواذ على (دمشق الآن) وبقيت في السجن أربعة أيام ثم اصطحبني ضابط، قائلاً إنه سيذهب بي إلى مكان مهم وإنه يجب علي أن أستجيب لأي أمر يطلب مني، وبالفعل مجدداً تم أخذي إلى مكتب لونا الشبل في القصر الرئاسي”.

وبعد رفضه التوقيع على أوراق بيضاء أرسلته الشبل إلى الفرع 215 وأوصت باستجوابه بقسوة ووضعه في الانفرادي وتوجيه التهم إليه، وعن هذه الأيام يتحدث الطير “خلال الأيام الأولى عوملت بعنف وقسوة ووضعوني في زنزانة انفرادية لا تحوي إضاءة ولا حتى غطاء في لحظة كان الطقس فيها بارداً جداً، وبعد 10 أيام من القسوة التي تعرضت لها وُضعت في زنزانة انفرادية أخرى تحوي بطانيتين فحسب، وبقيت حبيس الجدران وحيداً في الزنزانة رقم ثمانية في الفرع 215 لتسعة أشهر”.

وبعدها تمت محاكمة الصحافي وسام الطير من دون محام، وصدر قرار بسجنه لمدة 59 عاماً وهذا الحكم كان بحسب الطير من القصر الجمهوري ومن المستشارة وليس من القاضي، وقرر بعدها وسام إنهاء حياته عبر الإضراب عن الطعام، واستطاع بعد محاولات عدة للإضراب الحصول على عفو خاص عنه.

subtitle: 
منذ بداية الحراك تعرض كثر منهم للاعتقال لأنهم عبروا عن رأيهم وقالوا كلمة لم تعجب النظام
سنا الشامي
publication date: 
الخميس, ديسمبر 12, 2024 – 19:45

نقلاً عن : اندبندنت عربية