في وقت أدى انقطاع التيار الكهربائي المتتالي خلال فصلي الخريف والشتاء إلى تعطيل حياة المواطن الإيراني وشل الصناعات وتسبب في خسائر فادحة للشركات، تشير التوقعات إلى أن الوضع سيتفاقم خلال الأشهر القليلة المقبلة. وقال وزير الطاقة عباس علي آبادي خلال الخامس من يناير (كانون الثاني) 2024 في اجتماع له مع عدد من البرلمانيين الإيرانيين إن الصيف المقبل سيكون أصعب من الشتاء، مضيفاً أن العجز في الكهرباء سيصل إلى 25 ألف ميغاوات خلال صيف العام المقبل.
وبحسب علي آبادي فإن العجز الكبير في إمدادات الكهرباء قادم لا محال، مضيفاً أنه من خلال ارتداء الملابس الدافئة يمكن التغلب على الأزمة في الشتاء، لكن ليس من السهل التغلب على نقص الكهرباء خلال الصيف.
العجز
والعجز هو المفردة التي يستخدمها المسؤولون في النظام للإشارة إلى الفارق الكبير بين إنتاج الكهرباء واستهلاكها، إذ أظهرت تحقيقات غرفة التجارة الإيرانية أن الحد الأقصى للطلب اليومي على الكهرباء هو 80 ألف ميغاوات، في حين أن أعلى كمية إنتاج كهرباء خلال اليوم في عموم البلاد هي 62 ألف ميغاوات، مما يعني أن هذا العجز سيزداد مع مرور الأيام.
ووفقاً لتقرير غرفة التجارة الإيرانية فإنه مع نهاية خطة التنمية السابعة كان من المفترض أن يصل الفارق بين العرض والطلب على الكهرباء إلى أدنى مستوياته، إلا أن الاتجاه الحالي يظهر أن الخلل بين الإنتاج والاستهلاك في نهاية خطة التنمية السابعة قد يصل إلى مستوى 60 ألف ميغاوات في أسوأ الحالات، و33 ألف ميغاوات في أفضل الحالات. وبناء عليه يقدر حجم الأضرار الناجمة عن عجز الكهرباء في جميع الصناعات داخل إيران بما لا يقل عن 20 مليار دولار.
الوقود الأحفوري
وفي تصريح لرئيس لجنة الطاقة بغرفة التجارة الإيرانية آرش نجفي الذي ورد في تقرير صحيفة “بيام ما”، تبين أن 90 في المئة من محطات الطاقة في إيران تستخدم الوقود الأحفوري، وهو ما يعد مشكلة كبيرة في ما يتعلق بأمن الطاقة، ومن الضروري إزالة محطات توليد الطاقة ذات الكفاءة المنخفضة من الإنتاج. وفي إشارة له إلى إفلاس أصحاب محطات الكهرباء الخاصة في البلاد قال نجفي إن الحكومة لا تملك حتى القدرة على إدارة العملات الرقمية، خلال وقت تكبد القطاع الصناعي خسائر تجاوزت 4.55 مليار دولار نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عام 2024، وأكد أنه إذا ما استمر هذا الوضع فمن المرجح أن يحدث إفلاس في القطاع الصناعي داخل إيران.
وفي تقرير لصحيفة “اعتماد” أشارت فيه إلى أنه بتوقف إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، يتضرر الاقتصاد الإيراني بنحو 327.3 مليون دولار يومياً، منها 167.9 مليون دولار تتعلق بقطاع الصناعة.
خسائر
وتحدث تقرير مركز أبحاث غرفة التجارة الإيرانية الذي استند إلى المعلومات الواردة في الحساب الوطني لعام 2023، أنه إضافة إلى التضخم الاقتصادي فإن الخسائر التي لحقت بالقطاع الصناعي نتيجة لانقطاع الكهرباء بلغت 35 نقطة خلال سبتمبر (أيلول) 2024.
وتشير تقديرات غرفة التجارة الإيرانية إلى أن 36 في المئة من إنتاج الكهرباء داخل إيران تُستهلك في القطاع الصناعي، و31 في المئة في القطاع المنزلي و14 في المئة في القطاع الزراعي وتسعة في المئة بالقطاع العام، وثمانية في المئة بالاستخدامات الأخرى وواحداً في المئة للتصدير وواحداً في المئة لإضاءة الطرق العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الضرر الأكبر
وإذا ما انقطعت الكهرباء بالكامل فإن الضرر الأكبر سيلحق بقطاع الخدمات الذي يشمل سوق العمل والاقتصاد في إيران. لكن في الواقع، يرجع ذلك إلى حقيقة أن عدداً من مكونات قطاع الخدمات سيستمر في العمل مع وجود مشكلات حتى مع انقطاع الكهرباء بالكامل، وسيعاني هذا القطاع أضرار انقطاع الكهرباء بصورة أقل من وجهة نظر الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى رغم أنه وفقاً للإحصاءات والدراسات، مع الأخذ في الاعتبار حصة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، فإن أكبر خسارة لانقطاع الكهرباء تقع على عاتق قطاع الصناعة، إذ بلغت شدة هذه الخسائر 3694 مرة في قطاع الصناعة، وفي 342 مرة بقطاع الكهرباء، وفي 226 مرة بقطاع النقل، وفي 245 مرة بالقطاع الزراعي.
المعادن الأساس
وبناء على هذه التقديرات يخسر قطاع إنتاج المعادن الأساس نحو 16.4 مليون دولار يومياً، وقطاع الكيماويات 16.4 مليون دولار يومياً، وقطاع التعدين 12 مليون دولار يومياً. وفي الوقت نفسه فإن مجال إصلاح وتركيب الآلات الذي يشهد أقل قدر من الأضرار الناجمة عن انقطاع الكهرباء اليومي، سيعاني أضراراً بقيمة 765 ألف دولار يومياً.
مشفرة
وخلال الأسابيع الأخيرة انتشرت تقارير تفيد بأن أحد الأسباب الرئيسة في النقص الحاد بالكهرباء داخل إيران يعود لتعدين العملات الرقمية (المشفرة)، إذ أكد رئيس لجنة الصناعات بغرفة تجارة طهران هرويك ياريجانيان صحة هذه التقارير، وقال إن “نشاط المؤسسات الحكومية في تعدين العملات الرقمية جلي للعيان”.
وقال وزير الطاقة خلال لقائه عدداً من البرلمانيين إن “الكهرباء تنتج داخل البلاد وتُحول إلى عملة رقمية، وهذه العملة الرقمية تذهب إلى خارج البلاد”.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية