في النهاية كل ما كان بإمكان بيب غوارديولا فعله هو رفع ستة أصابع. بالطبع كان يقصد عدد ألقابه في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولكن فريقه كان أدنى من ليفربول لدرجة أنه يمكن أن يشير إلى عدد الهزائم التي تلقاها فريقه في آخر سبع مباريات.
ستكون هذه هي الصورة التي تلخص المباراة، وقد تدفع كثيرين إلى الحديث عن تراجعه كمدير فني، وهذا هو المكان الذي نحن فيه حالياً.
هناك تحول في السرد وهو أن هذا كان بعد رؤية شبه مثالية لكرة القدم التي قدمها منافسه، والتي ربما كان غوارديولا نفسه قد تحمس لها في ظروف أخرى وربما كان ليعترف بها، نظراً إلى مدى تشابهها مع فريق برشلونة العظيم الأول الذي قاده، لكن كانت المشكلة بالنسبة له أن هذا جاء من ليفربول.
من الواضح أن آرني سلوت أشرف على هذا التحول بصورة ممتازة كما يمكن لأي شخص أن يتخيل، لكن هذا كان بمثابة مستوى أعلى، وتصعيد حتى من الفوز العظيم الأربعاء الماضي على ريال مدريد.
لمدة 35 دقيقة في الأقل كان ليفربول غير قابل للمقاومة ولا يمكن التغلب عليه، وربما أصابع غوارديولا الستة لم تكن لتغطي عدد الأهداف التي ربما كان ينبغي لهم أن يسجلوها، بالنظر إلى عدد الفرص الكبيرة التي أضاعوها، وكانت النتيجة النهائية (2 – 0) والتي كان من الممكن أن تصبح (8 – 0) وهذه ليست مبالغة.
ومن هنا جاء رد غوارديولا الذي كان كل ما بوسعه فعله، ليصبح تقليداً شاحباً لجوزيه مورينيو في ظروف مماثلة، وإذا كان كل هذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع الكتالوني بالطريقة نفسها، فقد يكون النقاش الأكثر صحة حول صعود سلوت إلى القمة.
هناك شخصيات بارزة في كرة القدم الإنجليزية خارج ليفربول تصفه بأنه “أفضل مدرب في العالم”، وقد كان عرض فريقه أقرب لاستعراض مسيرته، وقد وصف الرجل نفسه أداء فريقه بأنه “قريب من الكمال”، لكن ربما كان يفضل إنهاء الهجمات بصورة أفضل لإظهار ذلك حقاً.
لا يزال العرض الرائع لكرة القدم الذي قدمه سلوت، وتفسيره الشخصي لفلسفة تم صقلها للعصر الحديث من قبل غوارديولا نفسه، وربما يتجاوز مدرب ليفربول الآن الأستاذ، على نحو أخضع به غوارديولا أسلافه أيضاً.
إلا أن هذه كانت الفلسفة التي تم صقلها إلى أنقى صورها ثم أظهرت بريقها، ولهذا السبب قد يتعرف غوارديولا عليها بشعور من الحزن، فقد كان هذا ما اعتاد فريق برشلونة في موسم (2008 – 2009) أن يفعله بالفرق الأخرى.
لقد هيمن ليفربول تماماً على الاستحواذ في الشوط الأول، بينما أرهب مانشستر سيتي الذي ظل في منطقته، ولم يتمكن فريق غوارديولا من الخروج، ووصفهم المدرب الكتالوني بأنهم “لا يمكن إيقافهم”.
وهذا يعني أنه بحلول وقت تسديدة مانشستر سيتي الأولى الفعلية من خلال محاولة ريكو لويس الضعيفة في الدقيقة الـ35، كان الرسم البياني لكل إحصائية ذات مغزى، من التسديدات إلى اللمسات داخل منطقة الجزاء، أحمر بالكامل تقريباً.
وكان التحفظ الوحيد على بعض العصبية التي أظهرها سلوت بسبب الفشل في تسجيل مزيد من الأهداف، وحتى في ذلك الوقت كان فيرجيل فان دايك مهيمناً تماماً على دفاع فريقه باستثناء خطأ واحد لم يكن متناسباً مع أدائه العام، وقد تم تغطيته بسهولة بواسطة حارس المرمى كاويمين كيليهر.
وكان صلاح على المستوى نفسه فان دايك الذي ارتكب خطأه الوحيد عندما أخطأ في التمرير وهو في طريقه إلى المرمى، لكن سيكون من الخطأ أن تطغى هذه الفرصة المهدرة على التمريرة التي مهدت الطريق لهدف ليفربول الأول.
كان الخطأ شيئاً يمكن أن يحدث لأي شخص، حتى هو، لكن تلك التمريرة كانت شيئاً لا يستطيع سوى قليل من اللاعبين تقديمه، وخصوصاً بهذه الطريقة الاستثنائية.
وبعد فترة من الضغط الذي مارسه ليفربول، بدا وكأن الفريق يضغط على الكرة عبر الخط بقوته، وقدم صلاح الدقة اللازمة للخيال، حين مرر كرة رائعة عبرت أمام المرمى ولم يستطع كودي غاكبو إهدارها، وقد تجلى ذلك في حقيقة أن المهاجم الهولندي لم يلمس الكرة بصورة جيدة، لكن الكرة دخلت المرمى، ولم تكن هذه المرة الوحيدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان من المفترض أن يسجل غاكبو بعد دقائق، وكان بإمكان فان دايك أن يسجل ثلاثية من الضربات الرأسية من ركلات ركنية.
كان ستيفان أورتيغا متماسكاً في مرمى السيتي، لكن ما لخص أداءهم هو أنه ارتكب خطأ أيضاً أهدى ليفربول هدفاً، من خلال الخطأ الذي ارتكبه ضد لويس دياز وتسبب في ركلة الجزاء.
سجل صلاح، ليضع نفسه أيضاً في مركز الاهتمام مرة أخرى بطريقة أخرى، وبعد المباراة أدلى بما يبدو الآن تعليقات معتادة حول مستقبله، قائلاً إن هذه ستكون آخر مباراة له ضد السيتي مع ليفربول.
لا بد أنه نسي أن هناك مباراة عودة في الدور الثاني، وهذا يعني أن تعليقاته لم تستطع أن تخفف من احتفالات ليفربول بالطريقة التي فعلوها صباح الإثنين، لأنها أصبحت الآن جزءاً من الروتين، ومن الواضح أنه يريد البقاء… وهو السطر الذي يوفر انتقالاً إلى غوارديولا، وحتى الهتافات حول إقالته في الصباح.
لم يكن يريد أبداً ترك السيتي بهذه الطريقة، لكن السؤال الكبير الآن هو كيف يحل هذه الأزمة، ففجأة يبدو الأبطال محاطين بعدد من القضايا المختلفة، كما يتضح في بعض قرارات اختيار الفريق الذي بدأ المباراة ضد ليفربول، إذ كان كل من لويس وماتيوس نونيز بمثابة خيارات تعويضية لأن سيتي كان في حاجة إلى السيطرة، على رغم أنهما كانا مركزين يتطلبان الطاقة.
كانت هذه غرابة أخرى في هذه المباراة بالنسبة لغوارديولا فقد كان من الممكن أن تكون هذه أسوأ هزيمة ممكنة، وكان السيتي مسيطراً بطريقة لم نشهدها من قبل… ومع ذلك كان هناك شعور بأنهم تمكنوا من إيقاف المد قليلاً ولم يتلقوا كثيراً من الأهداف كما كان من الممكن أن يتلقوها.
تحدث غوارديولا عن استخدامه “إعادة ضبط الأمور”.
وقال، “أريد أن يعود الفريق، أريد أن يعود لاعبو فريقي… سنعيد ضبط الأمور من هنا، من هنا سنبدأ في بناء شيء ما”.
“اعتبروني واهماً ولكن من هنا سنبدأ في بناء المباريات”.
هل يعرف كيف؟ هو لم يختبر هذا من قبل، وعلى أي حال تم طرح السؤال على سلوت بعد ذلك حول ما إذا كان يشعر بالتعاطف مع غوارديولا فقال إنه لا يشعر بذلك، ولكن فقط لأن الكتالوني فاز بكثير، وأثبت مراراً وتكراراً أن السيتي يمكنه الاستمرار.
لقد أثبت ليفربول بصورة واضحة أنه قادر على الانتقال إلى مستوى آخر. قد يكون البطل وقد يكون هذا هو المستقبل.
نقلاً عن : اندبندنت عربية