في التحضير لتقديمه كمدرب لمانشستر يونايتد، كان روبن أموريم على دراية بفكرة وجهت مسيرته التدريبية حتى الآن، وهي أنه إذا لم تتمكن من قول شيء في جملة واحدة، فلا تفعل ذلك لكن اعمل على ذلك حتى يصبح الأمر واضحاً أكثر.
لم يكن هذا النهج ضرورياً أبداً كما هي الحال في “أولد ترافورد”، حيث خلق الضجيج المستمر والنار هذا الضباب حول إحدى المؤسسات العظيمة في كرة القدم الإنجليزية، ويمكن للفريق، مثل أي شيء آخر، أن يستفيد من بعض الوضوح البسيط.
هذا ما وجده اللاعبون في جلسات التدريب التي قادها أموريم، وقد أعجبوا بتركيز تعليماته، حيث ينغمس في التدريبات.
لقد مر عقد واحد فقط منذ أن كان أموريم لاعباً، لذلك فبعد كل شيء لا يزال يمكنه تصور الصورة الكاملة حتى الآن.
كان أموريم مدركاً لذلك وبإمكانه استشعار أهمية الطريقة التي ظهر بها عندما رأى عشرات وسائل الإعلام تظهر في مؤتمر صحافي لنادي سبورتنغ لشبونة بمجرد أن أصبح من الواضح أنه سيكون مديراً فنياً لمانشستر يونايتد.
كان هذا شيئاً آخر وبدا في البداية مندهشاً لكن لا عيب في ذلك. عندما تولى السير أليكس فيرغسون المنصب للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 1986، كان يقترب من براين روبسون في التدريب ويتحدث ببساطة قائلاً “ناد كبير هذا… إنه ناد كبير”.
لم يكن إدراك أموريم في ذلك المؤتمر الصحافي كذلك تماماً لكنه لم يكن بعيداً من هذا المثال.
النادي بالطبع أكبر بلا حدود الآن بسبب انتصار فيرغسون في تحمل هذه التحديات، لكن هذا جعل الأمر أكثر صعوبة على الجميع منذ ذلك الحين، حيث تشكل مكانة يونايتد أول اختبار كبير لأي مدير فني جديد، ويجب عليهم أن يفهموا ما هو النادي ثم يجب عليهم الفوز.
لم ينجح ديفيد مويس حقاً في القيام بأي من الأمرين، فعند توليه المنصب في صيف عام 2013، حاول استباق النصائح حول التحديات الجديدة من خلال مقارنة كل شيء بإيفرتون، وكان ذلك شكلاً من أشكال حماية الذات لمحاولة إظهار أنه مستعد، لكنه لم يكن كذلك.
كان الموظفون يشرحون كيف أن يونايتد تورط في نطاق أكبر من القضايا – على سبيل المثال كيف لا يمكنك إجراء تدريب مفتوح من دون أمن في شاطئ بوندي بأستراليا – فقط ليقول مويس إن الأمر على ما يرام لأنه رأى ذلك في إيفرتون.
لم يشهد تدقيقاً مكثفاً مثل هذا حيث نزل العديد من المشجعين إلى شاطئ بوندي خلال رحلة النادي إلى أستراليا لمشاهدة لاعبي الفريق الذين كان عليهم الهروب من الباب الخلفي لمطعم.
وقال أحد أعضاء الجهاز الفني لمويس “هذا ليس إيفرتون أيها الرئيس”، وفي النهاية كان المدرب الاسكتلندي مذهولاً من وهج وسائل الإعلام لدرجة أنه طالب بإجابات محددة مسبقاً من فريق الاتصالات والإعلام لأي أسئلة صحافية، وسأل “أين الإجابات؟” وهي العبارة التي أثبتت أنها رثاء مناسب لفترته في النادي.
أدرك أموريم بالفعل أن هذا ليس سبورتنغ، وهذا هو السبب وراء رغبته في أن تكون جميع رسائله واضحة، على رغم أن ذلك يصبح أكثر صعوبة في يونايتد بعد الهزائم.
كان لويس فان خال وجوزيه مورينيو مختلفين لأنهما كانا بالفعل مدربين سابقين لأندية كبيرة نسبياً ولكن هذا أصبح جزءاً من المشكلة، فكلاهما كان في القمة لفترة طويلة، حتى أنهما تجاوزا ذروة النجاح، وهذا ليس شيئاً يمكن قوله عن أموريم، ولكن أحد الاختبارات الأولى له في يونايتد سيكون تطبيق فلسفته الكروية على فريق أعلى في المستوى.
لقد أحس بعض المقربين من مورينيو بمشكلة أخرى، فعندما كان في جولة في أميركا في فترته الثانية مع تشيلسي، شدد البرتغالي على القول إن الأندية الكبيرة مثل يونايتد لن تديرها بالطريقة التي أدار بها تشيلسي.
كان هذا بالطبع بعد أن شعر أنه كان يجب تعيينه مديراً فنياً ليونايتد بعد تقاعد فيرغسون، وعندما صعد مورينيو أخيراً إلى هذا المنصب في عام 2016 ذهب في جميع الأنحاء قائلاً إن كل شيء في يونايتد “كان هراءً”.
لقد قال ذلك كثيراً لدرجة أن رئيس الطهاة في ملعب التدريب صاح ذات مرة، “كم عدد الألقاب التي فزت بها هنا إذاً؟”.
بعد كل شيء، وكما تقول العبارة التي يسخر منها أمثال غاري نيفيل، فنحن نتحدث عن مانشستر يونايتد، ما حدث من قبل لا يهم، وهو ما اكتشفه شخص مثل مورينيو، الذي فاز بلقبين لدوري أبطال أوروبا قبل تدريب يونايتد، أما أموريم فلم يفز سوى بلقبين للدوري البرتغالي الممتاز وقد تصبح هذه مشكلة إذا ساءت الأمور.
لقد وصل حجم النادي الهائل ليكون كبيراً حتى بالنسبة إلى شخصيات مثل فان خال ومورينيو، فقد حاول الأول لعب كرة قدم أكثر ملاءمة للاعبي أياكس الشباب، وفي الوقت نفسه، تحول الأخير من مدير فني لا يهتم بما يقوله أي شخص عنه إلى مدير فني مهووس بالتغطية الإعلامية، وكان هناك المزيد منها في يونايتد أكثر من أي مكان آخر.
كان أولي غونار سولسكاير شخصاً يفهم كل هذا ضمنياً بسبب مسيرته الطويلة في النادي لكنه ببساطة لم يكن لديه المستوى التدريبي المطلوب، ويقال إن أفضل وظيفة عُرضت عليه منذ مغادرته منصبه كمدرب ليونايتد كانت في إيرلندا.
في غضون ذلك، كان تن هاغ مزيجاً من كل هذه الأشياء، فقد أذهلت الضجة التي أعقبت أول هزيمتين له في أغسطس (آب) 2022 المدرب الهولندي، مما أجبره على التنازل عن تكتيكاته بشكل كبير، وعلى رغم نجاحه في تجاوز ذلك للفوز بكأس رابطة الأندية المحترفة “كاراباو”، إلا أنه لم يشعر أبداً بالراحة التامة، ولم يتواصل مع اللاعبين بشكل كامل وحاصرته العاصفة بسرعة مرة أخرى.
كل هذا أدى فقط إلى تفاقم الافتقار إلى الوضوح حول يونايتد ككل، وهذا هو السبب في أن تأكيد تعيين أموريم كان مطلوباً بشدة، وهذا هو السبب أيضاً في أن أجواء من الترقب الشديد ستخيم على ملعب “بورتمان رود” يوم الأحد المقبل.
إن أول مباراة لأموريم كمدير فني لمانشستر يونايتد، في حالته خارج أرضه أمام إيبسويتش تاون، هي حدث لم يواجهه سوى 11 رجلاً منذ أن جعل السير مات بسبي النادي على ما هو عليه الآن، مؤسسة يقودها الأب، غنية بالتاريخ والهوية، وهذا له قيمة كبيرة، ولكنه أيضاً ذو وزن هائل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أول مباريات الدوري لمدربي مانشستر يونايتد منذ السير مات بسبي
إريك تن هاغ: مانشستر يونايتد 1-2 برايتون – 7 أغسطس 2022
أولي غونار سولسكاير: كارديف سيتي 1-5 مانشستر يونايتد – 22 ديسمبر (كانون الأول) 2018
جوزيه مورينيو: بورنموث 1-3 مانشستر يونايتد – 14 أغسطس 2016
لويس فان خال: مانشستر يونايتد 1-2 سوانزي سيتي – 16 أغسطس 2014
ديفيد مويس: سوانزي سيتي 1-4 مانشستر يونايتد – 17 أغسطس 2013
أليكس فيرغسون: أكسفورد يونايتد 2-0 مانشستر يونايتد – 8 نوفمبر 1986
رون أتكينسون: كوفنتري سيتي 2-1 مانشستر يونايتد – 29 أغسطس 1981
ديف سيكستون: برمنغهام سيتي 1-4 مانشستر يونايتد – 20 أغسطس 1977
تومي دوهيرتي: ليدز يونايتد 1-1 مانشستر يونايتد – 23 ديسمبر 1973
فرانك أوفاريل: ديربي كاونتي 1-1 مانشستر يونايتد – 14 أغسطس 1971
ويلف ماكغينيس: كريستال بالاس 2-2 مانشستر يونايتد – 9 أغسطس 1969
وربما يكون من المفيد أن نقول إن أربعة فقط من هؤلاء المديرين الفنيين الدائمين فازوا بالفعل بمبارياتهم الأولى، وهذه القائمة ليست مبشرة، ولم يتبع أي من ديف سيكستون أو مويس أو سولسكاير تلك الانتصارات بالفوز بكأس، ولم يفز مورينيو بالدوري أو دوري أبطال أوروبا.
وكانت التجربة في كثير من الأحيان مؤلمة، وكانت هذه هي الحال بشكل خاص مع هزيمة تن هاغ أمام برايتون، وهزيمة فان خال أمام سوانزي سيتي وحتى هزيمة فيرغسون أمام أكسفورد يونايتد. ويبدو الأمر وكأن كل التفاؤل يتبخر ولكن من ناحية أخرى كان أحد الأسباب التي دفعت يونايتد إلى تغيير المديرين الفنيين في كل مرة هو أن كل شيء كان يسير على نحو سيئ للغاية.
وهذا هو السبب بالتحديد وراء ضرورة خروج النادي من هذا التفكير المعقد، وهو معتقد بدأ يتغلغل في نفوس الناس على الأقل.
والواقع أن عقلية أموريم أكثر أهمية في هذا الصدد، فلا بد أن ننسى الضجيج ونركز على ما يهم، وهو في هذه الحالة تقديم كرة القدم بالشكل الصحيح والفوز بالمباريات تدريجاً.
ويترجم أحد الشخصيات التي كانت تعمل معه في سبورتنغ ذلك بطريقة أخرى، حيث قال “إنه لا يهتم بأي شيء، وسوف يفعل ما هو ضروري لتحقيق النجاح”.
لقد انتقل من الدرجة الثالثة البرتغالية لتدريب سبورتنغ الذي كان فريقاً ضعيفاً آنذلك لكنه قاده للقب الدوري، وهذه قفزة كبيرة بالفعل.
وقد قادته إلى هنا في قفزة أعظم، وهي قفزة لم يختبرها سوى قِلة من الناس في اللعبة، والقفزة أكثر صعوبة بسبب العديد من الإخفاقات السابقة.
ويدرك أموريم تمام الإدراك مع اقترابه من أول أسبوع له في الدوري الإنجليزي الممتاز أنه يحتاج إلى نسيان كل هذا، وأن يونايتد يحتاج بشدة إلى مثل هذا الوضوح.
نقلاً عن : اندبندنت عربية