يشهد المغرب في وقت قريب عودة 495 مهاجراً مغربياً غير نظامي بعد قرار السلطات الأميركية ترحيلهم إلى المملكة، اتساقاً مع تشديدات الرئيس دونالد ترمب، وهو ما يشكل ارتفاعاً لافتاً في عدد المهاجرين المغاربة غير الشرعيين المرحلين من الولايات المتحدة مقارنة مع الأعوام الماضية.
وصدرت أوامر الترحيل من السلطات الأميركية المختصة بالهجرة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، على أن يجري التنفيذ في الأيام الأولى من فبراير (شباط) المقبل، إذ من المنتظر وصول عشرات المهاجرين السريين المغاربة إلى البلاد.
ترحيل مهاجرين مغاربة
بحسب بيانات حديثة صادرة عن إدارة الهجرة والجمارك الأميركية فإن أوامر الترحيل تشمل مئات المغاربة غير النظاميين في وقت يبلغ فيه العدد الكلي لأبناء هذه الجنسية المقيمين بالولايات المتحدة أزيد من 120 ألفاً و400، وفق إحصاءات تعود إلى ديسمبر (كانون الأول) 2024.
وبالعودة إلى بيانات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية خلال أعوام مضت، يظهر بجلاء الارتفاع الواضح لعدد المهاجرين المغاربة غير النظاميين المعنيين بقرارات الترحيل من بلد “العم سام” إلى المملكة.
وفي التفاصيل، بلغ عدد المهاجرين المغاربة غير النظاميين المرحلين إلى البلاد في عام 2024، 49 مهاجراً، مقابل 18 مهاجراً جرى ترحيلهم في عام 2023، و14 مهاجراً في عام 2022، و20 مهاجراً في عام 2021، و27 في عام 2020، و33 مهاجراً غير نظامي في عام 2019.
وتكشف المعطيات نفسها أن الصومال تتبوأ قائمة البلدان الأفريقية التي صدرت بحق مهاجريها غير الشرعيين أوامر الترحيل من أميركا، بـ4090 مهاجراً تتبعها موريتانيا بـ3822 مهاجراً ونيجيريا بـ3690 مهاجراً غير نظامي.
وفي القائمة العالمية، تتصدر المكسيك البلدان التي صدر في حق مهاجريها غير الشرعيين، إما بولوج غير قانوني، أو بسبب تقادم صلاحية تأشيراتهم، أوامر الترحيل من الولايات المتحدة بـ252 ألفاً و44 مهاجراً غير نظامي ثم غواتيمالا بـ235 ألفاً و413 مهاجراً وهندوراس بـ216 ألفاً و651.
خريطة المهاجرين
ولا توجد إحصاءات ثابتة لعدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، فمركز “بيو للأبحاث في الهجرة” يقدرهم بـ10.5 مليون مهاجر غير نظامي عن عام 2021، بما يعني زهاء ثلاثة في المئة من مجموع سكان الولايات المتحدة.
ومن جهته، يُقدر معهد سياسة الهجرة بالولايات المتحدة عدد المهاجرين غير الشرعيين بـ11.7 مليون فرد، غالبيتهم مهاجرون غير نظاميين ينحدرون بالخصوص من المكسيك والسلفادور وغواتيمالا والهند وهندوراس.
وبخصوص المهاجرين المغاربة في الولايات المتحدة، فإنه مقابل قرار ترحيل 495 مهاجراً غير نظامي إلى البلاد، فإن هناك ارتفاعاً متزايداً خلال الأعوام الماضية في ما يخص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة.
وتفيد إحصاءات سابقة لوزارة الخارجية الأميركية، بأن 4065 تأشيرة دخول صدرت لفائدة المهاجرين المغاربة إلى الولايات المتحدة عام 2023، من ضمنها 2554 تأشيرة تدخل في سياق برنامج تأشيرة التنوع الخاص بالدول ذات معدلات الهجرة المنخفضة إلى الولايات المتحدة.
موقف ترمب
بدوره، قال شاب مغربي، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب شخصية وتقرر ترحيله من الولايات المتحدة بسبب إقامته غير القانونية في البلاد بعد تقادم صلاحية تأشيرته، إنه والعديد من المهاجرين المغاربة مثله يتوقعون أوامر الترحيل من هذه إلى البلاد منذ أن لاحت مؤشرات انتخاب الرئيس دونالد ترمب.
ووفق المتحدث ذاته، فإن العديد من المهاجرين غير الشرعيين في أميركا، عرباً كانوا أو أجانب، وضعوا أياديهم على قلوبهم بوصول ترمب إلى سدة الحكم، بالنظر إلى مواقفه “المتصلبة” حيال المهاجرين بصفة عامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ترمب أكثر من مرة إنه سيعمل على ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة خلال فترة ولايته التي تدوم أربعة أعوام، واعداً أنها ستكون “أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير النظاميين في التاريخ”.
وبدأ ترمب تنفيذ وعيده قبل أيام قليلة بترحيل عشرات المهاجرين غير النظاميين من غواتيمالا، حيث حطت طائرتان عسكريتان أميركيتان في غواتيمالا، بينما أعلنت إدارة الهجرة والجمارك تنظيم حملات مداهمة في المدارس والكنائس للقبض على المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم في ما بعد إلى بلدانهم.
دوافع اقتصادية وتعاطٍ أمني
وفي السياق، عزا جمال الدين ريان، رئيس “مرصد التواصل والهجرة”، الزيادة في أعداد المهاجرين المغاربة غير النظاميين في الولايات المتحدة إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تدفع العديد منهم إلى البحث عن فرص أفضل خارج البلاد.
واستطرد ريان شارحاً بأنه “مع تراجع فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة، يجد العديد من المغاربة في الهجرة غير النظامية خياراً أخيراً، خصوصاً في ظل انتشار شبكات التهريب التي تسهل عمليات العبور إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك”.
ولفت إلى أن “هذه الظاهرة برزت بشكل أوضح خلال الأعوام الأخيرة، إذ انضم المغاربة إلى موجات المهاجرين القادمين من دول أميركا اللاتينية، مما جعلهم تحت مجهر السلطات الأميركية”، موضحاً أن التعاون بين واشنطن والرباط أسهم في مجال الهجرة من حيث ارتفاع عدد المُرحلين، إذ تعززت آليات تبادل المعلومات والتنسيق بين الجانبين، ما سهل التحقق من هويات المهاجرين غير النظاميين المغاربة، وسرع إجراءات إعادتهم إلى بلدهم.
وسجل رئيس “مرصد التواصل والهجرة” ملاحظة مفادها بأن “المغاربة لا يشكلون نسبة كبيرة من إجمالي المهاجرين غير القانونيين في الولايات المتحدة، غير أن التعامل معهم أصبح أكثر تشدداً مقارنة مع الأعوام الماضية”.
واعتبر أن “تزايد أعداد المرحلين من المهاجرين المغاربة يعكس تطورات في السياسة الأميركية تجاه الهجرة، إلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع المزيد منهم إلى خوض هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر”.
وفي ظل استمرار هذه المعطيات، يختم ريان، “يتوقع أن تستمر عمليات الترحيل بوتيرة مرتفعة، ما لم تطرأ تغييرات جوهرية على سياسات الهجرة الأميركية، أو تتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المغرب”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية