“عصابات الاغتصاب” مصطلح متعارف عليه في المملكة المتحدة، لوصف سلسلة من الجرائم الجنسية التي ارتكبها مهاجرون غالبيتهم من أصول باكستانية ضد قاصرات في بلدات مختلفة في شمال البلاد على مدى عقود، قبل أن يُكشف عنها في 2013.  وعلى رغم أن البلاد بدأت منذ ذلك الحين التحقيق في هذه الجرائم ومحاكمة المتورطين، فإن الجهات الحكومية واجهت اتهامات بالتقصير، وعادت هذه الانتقادات إلى الواجهة بعد رفض حكومة العمال بقيادة كير ستارمر الأسبوع الماضي طلباً من مجلس بلدة أولدهام في مانشستر بأن تفتح وزارة الداخلية تحقيقاً في اعتداءات الجنسية ضد أطفال.

انتقادات خارجية

الانتقادات الجديدة لم يكن مصدرها المملكة المتحدة وحسب، إذ تدخل الملياردير الأميركي إيلون ماسك الذي حمّل ستارمر مسؤولية عدم محاسبة المتورطين، وقال إن الجهة المعنية بالموافقة على توجيه الاتهام إلى المشتبه فيهم هي النيابة العامة، التي كان يترأسها ستارمر بين 2009 و2013، وهي بحسب ماسك الفترة التي وقعت فيها جرائم الاغتصاب لفتيات صغيرات من دون محاسبة.

وأضاف ماسك الذي يستعد للعمل في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن وزيرة الحماية الحالية جيس فيليبس متواطئة في التستر على تقاعس ستارمر آنذاك، وأنها “ترفض التحقيق في عصابات الاغتصاب” بهدف حماية رئيسها الحالي.

 في المقابل، بررت فيليبس القرار بأن المجالس المحلية في البلدات عليها فتح تحقيق محلي في قضايا استغلال الأطفال، وأن على الحكومة عدم التدخل. وأشار مسؤولون إلى أن ذلك يتسق مع سوابق التحقيقات في بلدتي روثرهام وتيلفورد اللتين عانتا جرائم مرتبطة بعصابات الاغتصاب.

تقاعس من الشرطة

عبر إثارته هذه القضية يروّج ماسك لنظرية مفادها أن الشرطة البريطانية متشددة ضد الناشطين اليمينيين بينما تغض النظر عن الجرائم التي يرتكبها أفراد من الأقليات المهاجرة في المملكة المتحدة. ولهذه الادعاءات أساس لا يستهان به في قضية عصابات الأطفال، إذ كشف تحقيق في سلوك الشرطة أجرته هيئة رقابية مستقلة على مدى خمسة أعوام عن أن ضابط شرطة أقر بأن القوة التي يقودها تجاهلت الاعتداءات الجنسية على الفتيان من عصابات الاستدراج الباكستانية لعقود من الزمن، لأنها خشيت من أن يعمّق ذلك “التوترات العرقية”.

وصدّق المكتب المستقل المعني بسلوك الشرطة IOPC شكوى مفادها أن ضابطاً في شرطة روثرهام قال لوالد طفلة مفقودة إن المدينة “ستثور إذا كُشف عن أن رجالاً آسيويين يمارسون الجنس بشكل روتيني مع فتيات بيضاوات قاصرات”، وفق ما ورد في تقرير لمجلة “ذا تايمز” في 2020 بعنوان “رئيس شرطة روثرهام يعترف بتجاهل الاعتداءات الجنسية على الأطفال”.

واستعاد الكاتب في “تيليغراف” سام أشورث هايز التقرير، وقال إن السلطات دفنت البلاغات وكان التستر عليها أهم من سلامة الأطفال. وأضاف أن الشرطة رفضت مساعدة الآباء الآتين إليها طلباً للمساعدة، كما كشف تقرير الهيئة الرقابية عن أن ضابط شرطة قال لوالد طفلة مشتبه في أنها ضحية اغتصاب عمرها 15 سنة إن ذلك “سيعلمها درساً”. وأشار التقرير إلى أن الاعتداء كان وحشياً لدرجة أن الطفلة احتاجت إلى جراحة.

وفي حالة أخرى يكشف التقرير عن أن ضابط شرطة استهان بمخاوف الأسر، وقال لوالد فتاة مفقودة إن امتلاك فتيات روثرهام حبيباً آسيوياً أكبر سناً بات من “الأكسسوارات الرائجة”، أي أمر بديهي، وإنها ستتخلص من ذلك عندما تكبر.

المحافظون يستغلون الزخم

في ضوء التقاعس المثبت للسلطات، جاء قرار حكومة العمال رفض التحقيق في القضايا المرتبطة بـ”عصابات الاغتصاب” على المستوى الوطني مثيراً للجدل في وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز ترس “إن حالات الاغتصاب المروعة لفتيات لا تتجاوز أعمارهن 11 سنة تشكل وصمة عار على بلدنا. ولا ينبغي معاقبة الجناة وحسب، بل ينبغي معاقبة السلطات التي غضت الطرف عن هذه الجرائم باسم عدم تأجيج ‘التوترات العنصرية'”.

جاء تصريح ترس الذي أيّده ماسك تعليقاً على التقرير الذي رصد سلوك الشرطة، والذي ورد فيه أيضاً أنه في حالتين عندما حاول آباء البحث عن بناتهن وإخراجهن من المنازل التي تعرضن فيها للاعتداء،  اعتُقلوا من قبل الشرطة. وفي حالات أخرى اعتُقل الضحايا بسبب جنح مثل انتهاك السكينة العامة والسكر، ولم تُتخذ أية إجراءات ضد المغتصبين.

وقال ماسك إنه يجب عقد انتخابات جديدة في بريطانيا، معيداً نشر منشور يتضمن ما يصفه الحساب بأنه استطلاع جديد للرأي يظهر “انهياراً غير مسبوق في دعم حزب العمال، وأنه يُنظر إليهم على أنهم غير أكفاء ولا صادقون ولا ناجحون”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية