شهدت سوق السيارات في مصر موجة من التخفيضات السعرية تراوحت بين 5 و15%، مع اتجاه كبار الوكلاء والموزعين لتقديم عروض تحفيزية بهدف تنشيط المبيعات، وسط تزايد المعروض وتراجع نسبي في الطلب، في وقت يسعى فيه التجار لتصريف مخزون العام الماضي قبل وصول الطرازات الجديدة المرتقبة في أغسطس المقبل.

ورغم تحسن المبيعات بشكل طفيف في فبراير ومارس 2025، فإن السوق لا تزال تعاني من آثار التراجع الحاد الذي سجلته في يناير بنسبة 22%، إضافة إلى تداعيات أزمة نقص الدولار، وإجراءات تقنين استيراد سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة، التي كانت تشكل منفذاً بديلاً لبعض المستهلكين.

مخزون متراكم وتوقعات بتراجع الفائدة

ووفقاً لمصادر في القطاع، فإن بعض الموزعين بالغوا في حجم استيراد السيارات نهاية العام الماضي، ما أدى إلى تراكم المخزون مع ضعف حركة الشراء. ويترقب العديد من المستهلكين خفضاً إضافياً في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي، ما يعزز حالة التريث في السوق.

أشرف عبدالعزيز، صاحب معرض سيارات بمحافظة الجيزة، أوضح أن أسعار السيارات الجديدة انخفضت بنحو 15%، بينما شهدت المستعملة تراجعاً أقل. وأشار إلى أن ارتفاع تكاليف الوقود دفع شريحة من المستهلكين للاستغناء عن امتلاك سيارة خاصة، والاعتماد على وسائل النقل العام لتقليل النفقات.

وفرة في المعروض وخفوت ظاهرة “الأوفر برايس”

عودة حركة الاستيراد بكامل طاقتها ساهمت في تعزيز المعروض، مدعومة بتحسن في إدارة ملف الاستيراد من قبل الحكومة. وتوزع المعروض حالياً بين سيارات أوروبية ويابانية وصينية، ما أدى إلى تراجع ما يُعرف بظاهرة “الأوفر برايس”، التي كانت تشهد خلالها بعض الطرازات زيادات غير رسمية وصلت إلى 200 ألف جنيه فوق السعر المحدد.

الصناعة المحلية تدخل على الخط

وتشير بيانات إلى سعي الوكلاء لاستيراد سيارات بقيمة 1.8 مليار دولار خلال 2025. لكن التوجه نحو التصنيع المحلي ساهم جزئياً في توجيه الطلب نحو الطرازات المجمعة محلياً. ومع ذلك، يرى منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن تأثير الإنتاج المحلي لا يزال محدوداً بسبب ضعف الكميات وعدم كفايتها لتلبية احتياجات الشريحة المتوسطة.

سوق المستعمل تتأثر والتوقعات مفتوحة

التراجع في الأسعار امتد أيضاً إلى سوق السيارات المستعملة، إذ فقدت بعض الطرازات ما بين 20 و25% من قيمتها مقارنة بالذروة العام الماضي. وكانت هذه السوق قد سدت فجوة المعروض خلال فترة شح الاستيراد، لكنها الآن تعود للتوازن تدريجياً مع تحسن توفر السيارات الجديدة.

ويُتوقع أن تشهد السوق المصرية منافسة أقوى خلال النصف الثاني من العام، مع طرح طرازات محلية جديدة اعتباراً من يوليو المقبل، مما قد يسهم في خفض الأسعار وتنشيط المبيعات. في المقابل، ستظل أسعار الصرف وسياسة الفائدة عوامل حاسمة في تحديد اتجاهات السوق في المستقبل القريب.

واردات السيارات تسجل تراجعاً لافتاً

بيانات “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء” أظهرت انخفاض واردات سيارات الركوب في يناير 2025 بنسبة 33.7% على أساس سنوي، حيث بلغت 198.8 مليون دولار، مقابل 299.7 مليون دولار في يناير 2024. كما تراجعت إجمالي واردات السيارات إلى 307.9 مليون دولار مقارنة بـ401 مليون دولار في الشهر نفسه من العام السابق.

ومع ذلك، فقد أنهت مصر عام 2024 بارتفاع في واردات السيارات مقارنة بعام 2023، لتسجل 2.611 مليار دولار، بزيادة 22.3%، ما يعكس تحسناً تدريجياً في تدفقات العملة الأجنبية واستعادة السوق لنشاطها.