تركز الحكومة السعودية على تنمية وتعزيز الإيرادات غير النفطية التي يعكس نموها المستمر والمستدام آثار الإصلاحات الهيكلية ضمن “رؤية 2030”.
وشهدت السعودية تغيراً كبيراً في مساهمة الأنشطة غير النفطية بصورة لافتة في نمو الناتج المحلي الإجمال وتترقب قطف ثمار إنفاق 271 مليار ريال (72.25 مليار دولار) لتنويع اقتصادها خلال الثماني سنوات المقبلة.
ويتوقع أن يتجاوز معدل نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية نسبة 5 في المئة على المدى المتوسط، في مؤشر إضافي إلى استمرارية سياسة تنويع مصادر الدخل بعيداً من النفط، التي تمثل أحد مستهدفات “رؤية 2030″، بحسب تصريحات لوزير المالية محمد الجدعان خلال النسخة الماضية من “مبادرة مستقبل الاستثمار”.
ووصل متوسط نمو الإيرادات غير النفطية السنوي خلال فترة 2016 – 2024 إلى 12.4 في المئة لتتضاعف بنحو يقترب من مرة ونصف المرة مسجلاً زيادة بلغت 136.9 في المئة خلال الـ8 سنوات الأخيرة، ليأتي ذلك نتيجة لتنفيذ برامج الرؤية السعودية، بحسب بيانات وزارة المالية السعودية.
الإيرادات غير النفطية
ارتفعت تلك الإيرادات غير النفطية من 199 مليار ريال (53.06 مليار دولار) بنهاية 2016 إلى 471.6 مليار ريال (125.74 مليار دولار) بنهاية العام الماضي 2024، بحسب البيانات.
ووفقاً للبيانات، ووصلت الإيرادات غير النفطية بنهاية عام 2023 إلى 458 مليار ريال (122.11 مليار دولار) مسجلة نمواً بنسبة 146 في المئة مقارنة بعام 2016، ومثلت تلك الإيرادات غير النفطية نحو 35.8 في المئة من إجمال إيرادات السعودية بنهاية 2016، وبحسب البيانات فإنها مثلت أيضاً 38.3 في المئة من إجمال الإيرادات بنهاية عام 2024.
وتأتي الايرادات غير النفطية بحسب بيان وزارة المالية من الضرائب على الدخل والأرباح، والمكاسب الرأسمالية، والضرائب على السلع والخدمات، والضرائب على التجارة والمعاملات الدولية، وضرائب أخرى ويقصد فيها المدفوعة من شركات الأعمال فقط (زكاة الشركات والمنشآت) والضرائب غير المصنفة، إلى جانب (إيرادات أخرى).
ويقصد بالإيرادات الأخرى العوائد المتحققة من وحدات الحكومة العامة الأخرى (منها البنك المركزي السعودي)، ومبيعات من قبل منشآت سوقية الدخل من الإعلانات ورسوم وأجور خدمات الموانئ والرسوم الإدارية والغرامات والجزاءات والمصادرات.
اقتصاد جيد
بدوره قال المحلل الاقتصادي علي الحازمي إن نمو الإيرادات غير النفطية يعطي مؤشرات بأن الاقتصاد يسير بصورة جيدة، موضحاً أن الزيادة الآتية من الضرائب، خصوصاً ضريبة القيمة المضافة، هي واحد من أكبر الأرقام التي تأتي في الإيرادات غير النفطية، وتؤكد أن هناك إنفاقاً استهلاكياً من المواطن والمقيم.
وأوضح الحازمي أن الإنفاق الاستهلاكي أحد مكونات معادلة النمو الاقتصادي التي تشكل النمو من كل من الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والحكومي والصادرات، لذلك فإن تحرك الإنفاق الاستهلاكي من المواطن والمقيم إلى الإيمان بأن الاقتصاد يسير بصورة جيد، وأن لديهم القدرة على الاستهلاك.
على الصعيد ذاته يرى أستاذ الإعلام الاقتصادي في جامعة الملك عبدالعزيز بندر الجعيد أن نمو الإيرادات غير النفطية في تلك الفترة جاء متماشياً مع توقعات المؤسسات الدولية، وأرجع النمو الذي شهدته القطاعات غير النفطية إلى المشاريع التي جرى إطلاقها ضمن رؤية “السعودية 2030”. وأشار إلى أن نمو تلك القطاعات غير النفطية جاء معززاً بالمشاريع المتعلقة بجودة الحياة، وذلك في ضوء تركيز الحكومة على تنويع مصادر الدخل بعيداً من النفط عبر تعزيز القطاعات الجديدة كالسياحة والترفيه والرياضة.
مؤشرات إيجابية
من جانبه قال أستاذ المالية والاستثمار بجامعة الإمام محمد بن سعود محمد مكني إن هناك مؤشرات إيجابية في ما يخص نمو القطاع غير النفطي في السعودية خلال السنوات المقبلة، بنسب تقارب 4 في المئة. وذكر أن هناك توسعاً في الإنفاق مع اختلاف التركيز على المشروعات المرشحة للإنجاز بصورة أسرع لتصبح رافد للاقتصاد الوطني، وستمكن المستثمرين محلياً وأجنبياً.
وأشار مكني إلى أن التطلع إلى استمرارية النمو في الناتج المحلي الإجمال للسعودية وفرص مستقبلية للمستثمرين ونمو الأنشطة غير النفطية.
محرك رئيس
وتوقعت شركة “الراجحي المالية” في تقرير حديث لها أن تكون الإيرادات غير النفطية في السعودية محركاً رئيساً للنمو، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على بناء فائض أعلى، ورجحت أن تكون الإيرادات أعلى من التقديرات السابقة. وتوقعت نمو الإيرادات غير النفطية بصورة طفيفة مقارنة بالعام الماضي، بدعم من نمو الناتج المحلي غير النفطي.
وتوقعت “الراجحي” أن تلتزم الحكومة مستويات الإنفاق الحالية، بغض النظر عن تقلبات أسعار النفط، مع الحفاظ على مستويات صحية للاحتياط العام.
تحسن لافت
وأظهرت بيانات وزارة المالية السعودية أن غالب بنود تلك الإيرادات تحسناً لافتاً طوال الفترة الماضية، باستثناء بند الضرائب الأخرى ومنها الزكاة، التي لم يتجاوز متوسط نموها السنوي للفترة نفسها سقف 0.14 في المئة، إذ ارتفعت من 33.6 مليار ريال (8.96 مليار دولار) بنهاية 2016 إلى 34 مليار ريال (9.07 مليار دولار) بنهاية عام 2024، بالنظر إلى الإمكانات الواسعة لتنمية الإيرادات غير النفطية من خلال العمل على توسعة الأوعية الزكوية الممولة لبند الزكاة في جانب الإيرادات الأخرى، لتشتمل على جميع النشاطات الاستثمارية للعقارات والمتاجرة بالأراضي.
ويقدر حجم الوعاء الزكوي الذي يضم جميع صور وأساليب الأنشطة التجارية والاستثمارية ما بين 6 تريليونات ريال (1.6 تريليون دولار) إلى أكثر من 13 تريليون ريال (3.46 تريليون دولار)، بما يمكن أن يصل إجمال المتحصلات سنوياً مع نهاية عام 2030 إلى نحو 328 مليار ريال (87.5 مليار دولار) (أي نحو 10 أضعاف حجمها خلال عام 2024).
وبحسب “رؤية السعودية 2030″، فإنه بنهاية عام 2025 من المتوقع أن تنمو الإيرادات إلى 574 مليار ريال (153 مليار دولار) بزيادة 62 مليار ريال (16.5 مليار دولار)، بينما في عام 2026 من المتوقع أن تزداد الإيرادات إلى 643 مليار ريال (171.5 مليار دولار) بزيادة تقدر قيمتها 69 مليار ريال (18.4 مليار دولار)، أما عام 2027، فمن المتوقع أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى 720 مليار ريال (192.1 مليار دولار) وبزيادة تقدر قيمتها 77 مليار ريال (20.5 مليار دولار)، وفي عام 2028 يتوقع أن تنمو الإيرادات وصولاً إلى 807 مليارات ريال (215.3 مليار دولار)، بزيادة على العام السابق بنحو 87 مليار ريال (23.2 مليار دولار).
وفي عام 2029 من المتوقع أن تنمو الإيرادات غير النفطية إلى 904 مليارات ريال (241.2 مليار دولار)، بزيادة تقدر قيمتها بنحو 97 مليار ريال (25.9 مليار دولار)، وفي عام 2030 يتوقع وصول هدف “رؤية 2030” إلى تريليون ريال (266.8 مليار دولار)، وإيرادات غير نفطية بزيادة 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار).
1064 مبادرة
وكان التقرير السنوي لأداء برامج “الرؤية السعودية 2030” للعام قبل الماضي كشف عن أن 87 في المئة من المبادرات البالغ عددها 1064 مبادرة لعام 2023، مكتملة أو تسير على المسار الصحيح.
وفقاً للتقرير، قدرت مؤشرات الأداء الرئيسة لعام 2023 بـ243 مؤشراً، تحقق 81 في المئة من مؤشرات الأداء للمستوى الثالث مستهدفاتها، فيما تخطت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية لعامي 2024 – 2025.
وأظهرت مؤشرات التقرير بأن السعودية سجلت معدلات تضخم ضمن الأدنى بين اقتصادات دول مجموعة العشرين، إذ بلغ في الربع الرابع بنهاية 2023 نحو 1.6 في المئة، مقارنة بـ3.1 في المئة في الربع نفسه عام 2022.
وسجلت السعودية أعلى مستوى تاريخي لمساهمة الأنشطة غير النفطية بنسبة 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمال الحقيقي لعام 2023، وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمال للأنشطة غير النفطية 4.7 في المئة خلال عام 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك كشف التقرير السنوي لرؤية “السعودية 2030” لعام 2023 عن أن الإيرادات الحكومية غير النفطية بلغت 457 مليار ريال (121.85 مليار دولار)، مقارنة بخط الأساس البالغ 166 مليار ريال (44.2 مليار دولار)، فيما يبلغ مستهدف “الرؤية” تريليون ريال (266.62 مليار دولار)، وأسهمت تلك الإيرادات بتغطية 35 في المئة من إجمال مصروفات الموازنة عام 2023.
وبحسب بيان الموازنة السعودية عام 2023، تتوزع إيرادات الأنشطة غير النفطية، على النحو التالي: الضرائب على السلع والخدمات 57.4 في المئة، الإيرادات الأخرى 22.1 في المئة، والضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية 8.4 في المئة، أما الضرائب الأخرى فتقدر حصتها من إجمال الإيرادات غير النفطية بنحو 7.3 في المئة، بينما الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية تقدر حصتها بنحو 4.8 في المئة من إجمال الإيرادات غير النفطية.
إلى ذلك وصلت قيمة الناتج المحلي الإجمال غير النفطي بالسعودية إلى 1889 مليار ريال (503.64 مليار دولار)، مقارنة بخط الأساس البالغ 1519 مليار ريال (404.99 مليار دولار)، ويبلغ مستهدف عام 1934 مليار ريال (515.64 مليار دولار)، والمستهدف العام للرؤية 4970 مليارات ريال (1325.10 مليار دولار).
أعلى إسهام
وتعول الحكومة السعودية بصورة أساس على الأنشطة غير النفطية التي سجلت العام قبل الماضي أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمال الحقيقي على الإطلاق بواقع 50 في المئة، وبقيمة إجمالية 1.7 مليار ريال (453 مليون دولار)، بحسب وزارة الاقتصاد والتخطيط.
وبدأت السعودية تطبيق رؤية طموح لتقليل الاعتماد على النفط منذ 2016، وأنفقت مبالغ ضخمة من الموازنة، وهو ما أسهم في جذب القطاع الخاص الذي زادت مساهمته في الناتج المحلي إلى 24.7 في المئة من الناتج المحلي، بحسب وزير المالية السعودي.
وتتوقع السعودية أن ينمو ناتجها المحلي الحقيقي هذا العام بنسبة 0.8 في المئة، على أن يرتفع إلى 4.6 في المئة العام المقبل، ثم 3.5 في المئة و4.7 في المئة في السنتين المقبلتين، وسيصل الناتج المحلي الإجمال الاسمي إلى 4.7 تريليون ريال (1.25 تريليون دولار) بحلول عام 2027.
نقلاً عن : اندبندنت عربية