لم تكن أعظم عودة في النتيجة للمدرب لويس إنريكي، ولكن كيف يمكن أن تكون كذلك؟ ليس بعد أن فاز بنتيجة (6 – 1) لقلب تأخر فريقه في دوري أبطال أوروبا، وكان ذلك أيضاً أمام باريس سان جيرمان الفرنسي، ولكن بعد ثماني سنوات من ليلة تاريخية لناديه السابق برشلونة، جلب ليلة رائعة لضحاياه السابقين.
دور الـ16 يمكن أن يكون دور باريس سان جيرمان، أو الدور الذي يغادرون فيه دوري أبطال أوروبا، لكن على أي حال ليس هذه المرة.
في 39 مناسبة سابقة، فاز ليفربول بمباراة الذهاب في لقاء أوروبي قبل خوض مباراة الإياب في ملعبه “أنفيلد”. وفي كل المباريات الـ39 السابقة نجح في التأهل، ولكن ليس في المرة الـ40 فقد فاز باريس سان جيرمان في “أنفيلد”، وعلى مدار 90 دقيقة ثم 120 دقيقة، وسبع ركلات ترجيح.
لقد أطاح باريس سان جيرمان الفريق الذي تصدر المجموعة الموحدة لدوري أبطال أوروبا بشكله الجديد، والذي كان يعتبر المرشح الأكبر للفوز بالبطولة.
قد تكون سمعة النادي الإنجليزي بالفشل في الأوقات الحاسمة قديمة، إضافة إلى الكثير من الصور النمطية التي ظهرت، وإلى الطريقة التي أعاد بها إنريكي تشكيل فريق النجوم، حتى المدرب كان يركض، يقفز على أرض الملعب بحماسة، يعانق أي شخص وكل شخص، بعد أن سجل ديزيري دوي ركلة الترجيح الحاسمة.
لقد استحق باريس سان جيرمان الفوز، فعلى مدار المباراتين، سدد باريس سان جيرمان 48 تسديدة، مع إجمالي أهداف متوقعة يتجاوز أربعة بشكل مريح – وكان في الواقع أعلى في أنفيلد منه في حديقة الأمراء – لكنهم تمكنوا فقط من التغلب على أليسون بيكر من نقطة الجزاء، وبفضل عثمان ديمبيلي بعد 12 دقيقة من انطلاق المباراة.
المهاجم الذي ركض سريعاً لتنفيذ ركلته في ركلات الترجيح جعل الجماهير الباريسية المسافرة لحضور المباراة يغنون. كانوا يغنون طوال الليل. وإذا كان من الممكن رؤية “نيوترافورد” من أطراف ليفربول، فمن المحتمل أن “أنفيلد” كان مسموعاً من ضواحي مانشستر، لقد كان “أنفيلد” يهتز، بإيقاع ميرسيسايد لكن مع لمسة فرنسية جاءت من أكثر من مجرد الباريسيين الصاخبين، يغنون “انطلق انطلق انطلق”؟
بدأ محمد صلاح المباراة وكأنه يشعر بالإهانة من عدم ظهوره في باريس، بعد أن حرمه نونو مينديش من هدف بركبته اليسرى، لقد سعى لتجاوز ماضيه أمام الظهير الأيسر، وكان هناك شعور بأن الملك المصري لليفربول، الذي تم تجاهله من قبل، يضع عينيه على التاج الأوروبي، أو ما تسمى بالفرنسية “الكرة الذهبية”.
كذلك لم يكتشف عثمان ديمبيلي ذلك الشعور، لكنه أظهر التأثير الذي كان يمكن توقعه من صلاح، لقد كان نجماً مؤثراً لفريقه ولاعباً رائعاً، حيث سجل هدفه الـ15 في 11 مباراة بينما لعب كمهاجم وهمي وصياداً في منطقة الجزاء في نفس الهجمة، وبعد أن كان حارس مرمى ليفربول أليسون بيكر لا يُهزم خلال مباراة الأسبوع الماضي، تعرض أليسون للخداع هذه المرة من زميله إبراهيما كوناتيه، قبل أن يضع ديمبيلي الكرة في الشباك.
كانت تلك الحركة الأولية هي المفتاح، عندما تراجع ديمبيلي إلى الخلف ليكشف نقص ليفربول في الوسط الدفاعي الطبيعي، لقد كانت حركته مألوفة في “أنفيلد”، وتذكرنا بما كان يفعله روبرتو فيرمينو.
هناك مقارنات أخرى، فقد خلق انتقال كيليان مبابي إلى ريال مدريد الإسباني فراغاً، لكن صديقه القديم تمكن من سده.
لم تكن موهبة ديمبيلي تنعكس على أرقامه، وكانت سمعته الأشهر كلاعب يبدو واعداً لكنه يخيب الآمال، لكن ليس بعد الآن، فقد سجل ديمبيلي أهدافاً هذا الموسم أكثر مما سجله في الخمسة مواسم الماضية مجتمعة، ويبدو أنه يظهر إمكاناته بشكل متأخر. بعد ثماني سنوات من دفع برشلونة 105 ملايين يورو (114.51 مليون دولار) مقابل التعاقد معه، والآن يبدو فعلاً لاعباً بقيمة 105 ملايين يورو.
وهو أيضاً وجه التغيير في النادي، فقد كان الثلاثي الهجومي الأساسي لباريس سان جيرمان هم أبرز وجوه مجرة النجوم “غلاكتيكوس”، لأنهم لخصوا فلسفة النادي، والآن لدى الثلاثي الجديد نهج مختلف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يجمع خفيتشا كفاراتسخيليا بين مظهر مثقفي الضفة اليسرى الذين يفضلون ارتداء قبعة بدلاً من قميص كرة القدم، وبين قوة الجري لعداء المسافات المتوسطة، إنه حضور فريد ومقنع، يبدو طويل القامة جداً بالنسبة لأسلوب لعبه، وهو لاعب منافس على كل كرة، وينزلق بقوة في الكرات الثنائية في مركز الظهير الأيسر مثل واين روني في ذروته.
أما برادلي باركولا فقد تجاوز أندي روبرتسون، وقد بدأت ليلة عيد الميلاد الـ31 للاعب الاسكتلندي بمطاردة رجل أصغر منه بعقد تقريباً، ومع ذلك، فإن روبرتسون ليس من النوع الذي يستسلم. لقد تفوق على باركولا، وكلما طالت المباراة أصبح روبرتسون أقوى، لكن من دون جدوى في النهاية، لكنه لعب بشكل بطولي.
بدأ روبرتسون المباراة تحت الحصار شاهداً على جرأة باريس سان جيرمان الذي ربما لم يكن أمامه طريقة أخرى بعد أن تأخر في مباراة الذهاب. ربما لا يعرفون طريقة أخرى، فهذا ليس فريقاً مصمماً ليكون بطيئاً وهادئاً، بل لديهم شيء من إيقاع ليفربول يورغن كلوب، أو أكثر من ذلك في بعض الأحيان، فقد يتطور إلى ما يفعله ليفربول مع آرني سلوت، لكن سلوت لديه استعداد للعب المباراة الطويلة.
كان باريس سان جيرمان الفريق الأفضل في الشوط الأول، وليفربول الأفضل في الشوط الثاني. وبحلول الوقت الإضافي، كانوا قد استنفدوا بعضهم البعض.
لكن هناك مجداً في العرق، حتى لو لم يكتشفه مبابي ونيمار وليونيل ميسي، فبعد التخلص من النجوم، ربما حقق إنريكي المستحيل وجعل باريس سان جيرمان محبوباً على أرض الملعب، وعلى أي حال ربما يجب أن يمثل هذا الفريق نادياً آخر، على رغم أن أسعارهم ستستبعد معظم الأندية الأخرى من قائمة شرائهم.
إنهم شباب سريعون وجائعون ولديهم نوع من المواقف التي ترتبط أكثر بهوية بوروسيا دورتموند في السنوات الأخيرة، وقال إنريكي إن الفائز في هذا اللقاء سيصل إلى النهائي، وباريس سان جيرمان ركضوا بخفة الفريق الذي يضع عينه على البطولة.
إنهم على موعد مع بضعة أيام في بروج أو على الأرجح في برمنغهام خلال الشهر المقبل، وهذا أكثر مما يحلم به أي باريسي؟
نقلاً عن : اندبندنت عربية