يُعد ارتفاع ضغط الدم من أبرز المشكلات الصحية العالمية التي تؤثر على الملايين، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي إطار الجهود العلمية المتواصلة لفهم أسباب هذه الحالة وكيفية التعامل معها، توصل باحثون في كندا إلى نتائج جديدة قد تغير النظرة التقليدية لعلاج ضغط الدم.

فقد كشفت دراسة حديثة أجراها فريق من جامعة واترلو أن تعزيز النظام الغذائي بأطعمة غنية بالبوتاسيوم – مثل الموز والبروكلي – يمكن أن يكون أكثر فعالية في خفض ضغط الدم من مجرد تقليل استهلاك الصوديوم (الملح)، وهو ما يعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق توازن غذائي صحي.

واعتمد الباحثون في دراستهم على نموذج رياضي متطور يحاكي تفاعل الجسم مع نسب مختلفة من الصوديوم والبوتاسيوم، مع مراعاة الفروق البيولوجية بين الجنسين. وأظهرت النتائج أن التوازن بين هذين العنصرين – وليس مجرد تقليل أحدهما – قد يكون المفتاح الحقيقي للسيطرة على ضغط الدم.

وفي تعليقها على نتائج الدراسة، أوضحت الدكتورة أنيتا لايتون، الباحثة المشاركة، أن النظام الغذائي المعتمد على زيادة البوتاسيوم من مصادر طبيعية، مثل الفواكه والخضروات، قد يوفر فاعلية أكبر من التركيز الحصري على تقليل الملح. وقالت: “الحد من استهلاك الملح أمر مفيد، لكن إضافة البوتاسيوم قد يكون أكثر تأثيرًا في خفض ضغط الدم”.

كما أشارت الدراسة إلى أن الرجال معرضون بشكل أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم قبل انقطاع الطمث لدى النساء، بسبب التأثير الوقائي للهرمونات الأنثوية. ومع ذلك، تبيّن أن الرجال يستفيدون بدرجة أكبر من تحسين التوازن الغذائي بين الصوديوم والبوتاسيوم.

من جهتها، لفتت الباحثة ميليسا ستادت إلى أن التحول في العادات الغذائية، خصوصًا في الدول الصناعية، أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بضغط الدم. وقالت: “بينما اعتمد أسلافنا على نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات، أصبح النظام الغذائي الحديث مرتفعًا في الملح وفقيرًا بالبوتاسيوم، ما يشكل تحديًا صحيًا كبيرًا”.

ويأمل فريق البحث أن يُسهم النموذج الرياضي الذي استخدموه في تسريع تطوير أبحاث مستقبلية لفهم تأثير الأنظمة الغذائية المختلفة، دون الحاجة إلى تجارب بشرية مكثفة.

وقد نُشرت الدراسة مؤخرًا في المجلة الأمريكية لعلم وظائف الأعضاء – فسيولوجيا الكلى.