في فترة هدوء وسط الضجيج، واستراحة قصيرة لأجواء ملعب “أنفيلد” الصاخبة، خرجت هتافات تحد من إحدى زوايا الملعب إلى جانب راية الركنية قرب حارس مرمى مانشستر سيتي ستيفان أورتيغا “سيتي، سيتي، أفضل فريق في البلاد”، ذلك المقطع الذي كانت تغنيه جماهير النادي في السنوات التي كانت فيها هذه الفكرة خيالية تماماً، لكن على مدى معظم الأعوام القليلة الماضية، غالباً ما تم وصف سيتي، في بعض الأحيان من قبل المنافسين، بأنهم أفضل فريق في العالم.

الآن أصبح هذا الوصف قديماً وغير دقيق وساخراً تقريباً، الآن يتخلف مانشستر سيتي عن برايتون في الجدول، وبفارق 11 نقطة خلف ليفربول في سباق اللقب قبل أسابيع من عيد الميلاد.

لقد خسروا ستاً من آخر سبع مباريات في جميع المسابقات، ولم يفوزوا ضد أي فريق منذ كان إريك تن هاغ لا يزال مدرباً لمانشستر يونايتد.

وبعيداً من خروجهم من كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة “كاراباو” أمام توتنهام، هناك حالة لوصف الهزيمة بنتيجة (0 – 2) في ملعب “أنفيلد” بأنها النتيجة الأكثر احتراماً في أسوأ سلسلة بمسيرة بيب غوارديولا التدريبية، فهم ليسوا معتادين على الخسارة أمام بورنموث أو برايتون، أو الهزيمة بأربعة أهداف على أرضهم أمام أي فريق أو خارج أرضهم أمام سبورتنغ لشبونة، لكن الهزيمة في “أنفيلد” الذي يعده غوارديولا بمثابة بيت رعب، ليست بالأمر الجديد.

وكان الأمر هذه المرة لا يتعلق بالنتيجة بقدر ما يتعلق بالطريقة، فإن ردود فعل غوارديولا في “أنفيلد” كثيراً ما ألهمت صناع “الميمز”، فهنا كان خاضعاً ووقف ويداه في جيوبه، بيب سلبي مستسلم لمصيره، لكن هذه المرة بدا أنه وصل بلا أمل، وظهر تحديه الوحيد في الدقائق الأخيرة حينما غنت له جماهير ليفربول “ستقال في الصباح”، وكان رده هو رفع ستة أصابع، في إشارة إلى ألقاب الدوري الإنجليزي الممتاز التي حققها، لكن لن يكون هناك سابع في عام 2025.

لقد خسر مانشستر سيتي في “أنفيلد” من فرق عظيمة، والآن هزم من فريق قدم انطباعاً مقنعاً بصورة متزايدة عن فريق رهيب، وقد جاءت النتيجة كإطراء حين تعرض مانشستر سيتي للضرب المبرح قبل أن يهزم. ليس من قبل أعظم منافس لغوارديولا، ولكن من قبل وافد جديد على هذه المباراة، فقد كانت لدى يورغن كلوب الشجاعة لمهاجمة مانشستر سيتي.

لقد تغلب آخرون على فريق غوارديولا من خلال نصب مكمن لهم، في حين هاجمهم ليفربول، وقد تبنى آرني سلوت نهجاً مشابهاً، وبدأ ليفربول بوتيرة شرسة فيما بدا أن بعض لاعبي مانشستر سيتي الذين تقدموا في السن أمام أعيننا يفتقرون إلى السرعة.

وصف غوارديولا مانشستر سيتي بأنه هش دفاعياً، لقد كانوا ضعفاء، ومنهكين جسدياً، ولم يتمكنوا من إيقاف فيرجيل فان دايك في الكرات الثابتة، وكانت هناك مساحة خلف دفاع مانشستر سيتي ومساحة أمامه، وكان دومينيك سوبوسلاي حراً بلا رقيب فيما كانت في السابق منطقة رودري، تلك المنطقة بين لاعبين من أربعة في وسط غوارديولا، ولقد سلط هذا التكتيك، الذي يذكرنا بالرسم التكتيكي (4 – 4 – 2) الإنجليزي القديم، الضوء على الطريقة التي فقد بها مانشستر سيتي هويته، وكذلك المباريات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت هذه الهزيمة السادسة في سبع مباريات بما يعني أن الفريق قد انهار فجأة وبصورة مذهلة وربما بصورة زلزالية، وبالنسبة إلى الجيل الجديد من مشجعي مانشستر سيتي، قد يشعرون وكأنهم ليسوا هنا حقاً، وهناك شعور بنهاية عصر هذا الفريق، فمع كل انتكاسة يصعب إرجاع النتائج ببساطة إلى الإصابات والغيابات، وقد احتوى هذا على كل جانب من جوانب تراجع مانشستر سيتي مثل جانب التقدم في السن وجانب انعدام التوازن وجانب الصفقات السيئة على مدى الأشهر الـ18 الماضية، والشعور بأن مانشستر سيتي استنفد نفسه.

وكانت هناك اختيارات عقابية، إذ استبعد غوارديولا حارس المرمى الأول إيدرسون وجوسكو غفارديول بعد أخطائهما ضد فينورد، لكن التفكير المربك أسهم في أداء غير متماسك.

غالباً ما يختار غوارديولا لاعبيه من موقف القوة لكنه هذه المرة اختار لاعبيه من موقف الضعف، اختار إلكاي غوندوغان لأنه من دون رودري وماتيو كوفاسيتش من الصعب وضع تشكيلة من دونه.

واختار ماتيوس نونيز لأنه يستطيع الركض لتعويض حقيقة أن غوندوغان لا يستطيع، واختار ريكو لويس على الجناح الأيمن لمحاولة حماية كايل ووكر، لكن لم يمنع أي منهما كودي غاكبو من التسجيل، واختار ناثان آكي ليكون ظهيراً أيسر دفاعياً أفضل من غفارديول، لكن صلاح دمره، وبحلول وقت صنع فيه المصري هدف الافتتاح لغاكبو، كان الهولندي قد بدل مواقعه مع مانويل أكانجي، واختار أورتيغا ليكون أفضل في اتخاذ القرارات من إيدرسون في المرمى، لكن البديل تسبب في ركلة الجزاء التي سجل منها صلاح الهدف الثاني.

إذا كان مانشستر سيتي عازماً على الحفاظ على شباكه نظيفة، فقد فشل هذا التكتيك منذ الدقيقة الـ12 ومع ذلك إذا كانت استراتيجيته تهدف إلى الحد من الضرر، فقد أعاقتهم في الهجوم، وللمرة الأولى في الدوري الممتاز منذ عام 2010، لم يسدد مانشستر سيتي أي تسديدة على منافسيه في أول 38 دقيقة، وهو ما تم تفسيره جزئياً من قبل الجهاز المعاون، فقد كانت هناك فترة عندما كان لاعبو الجناح في مانشستر سيتي هم رحيم سترلينغ وليروي ساني، وأخرى عندما كانا فيل فودين وبرناردو سيلفا والآن أصبحا نونيز ولويس، وهما ليسا جناحين من الأساس ولا يسهمان بأي شيء في الثلث الأخير، وقد أبقى غوارديولا على جيريمي دوكو وسافينيو إلى جانبه، وكأنه يخشى الهزيمة إذا بدأوا المباراة، وبدلاً من ذلك، ابتعد ليفربول عن مهاجمة فريقه بعدما أصبحت المباراة مفتوحة بعد دخولهما.

لقد تغلب ليفربول على ريال مدريد ومانشستر سيتي في خمسة أيام، الفريقين اللذين كان من الممكن أن نطلق عليهما بلا جدال أفضل فريقين في العالم قبل بضعة أسابيع، لكن مع كل مباراة يصبح الأمر أكثر وضوحاً وهو أن ليفربول أصبح الآن الفريق الأفضل في البلاد.

نقلاً عن : اندبندنت عربية